تحقيق

«بيبلوس» تحت الأضواء… الأفضل سياحياً و«القدوة» بيئياً

بيبلوس، مدينة الحرف المدرجة على لائحة التراث العالمي منذ العام 1984، استحقت اليوم، عن جدارة وباعتراف منظمة الامم المتحدة للسياحة العالمية، لقب افضل مدينة سياحية عربية لسنة 2013، فيما يتوّج رئيس بلديتها المهندس زياد الحواط انطلاقة السنة الثالثة للمجلس البلدي بحصد جائزة «أكاديمية تتويج جوائز التمييز في المنطقة العربية»، ليتسلم في الرابع من شهر ايار (مايو) المقبل «الوشاح الاحمر الارجواني» مزيناً بوسام الاستحقاق الذهبي في مجال الانجازات المتميزة مع شهادة التمييز عن فئة المدن السياحية العربية تقديراً لدوره الرائد في انماء وتطوير مدينة الحرف واعترافاً بجهوده وتتويجاً لانجازاته. الاكاديمية تهنىء رئيس البلدية الشاب وأعضاء المجلس البلدي، مشيدة و«معجبة» بالدور «الذي يقومون به للحفاظ على الطابع السياحي والتراثي لهذه المدينة العريقة»، و«بيبلوس» اقدم مدن العالم تتألق وتلمع تحت اضواء لقبها الجديد، فما الذي يكرسها الافضل سياحياً بين كل هذه المدن الناطقة بلغة الضاد؟

«جبيل افضل المدن العربية سياحياً»، الخبر طبعاً اثلج صدور اللبنانيين عموماً والجبيليين خصوصاً، وتناقلوه بسرعة البرق وبكثافة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واستيقظ الحس الوطني «اونلاين»، فطافت الشبكة العنكبوتية من ديارنا الى كل اصقاع مغترباتنا بين تعليق و«لايك» و«شير» محلقة بارقام عالية مهللة سعيدة باللقب – الانجاز اللبناني، وهم طبعاً لم يفاجأوا بالتتويج، وهم ادرى بما تكتنزه تلك البلدة من سحر وجمال وحضارات عريقة بما يكرسها بحق «اجمل واعرق» المدن قاطبة، لكنهم استغربوا، نعم استغربوا، كيف لبلدة لبنانية ان تخترق هذه الاوقات العصيبة لتتوج الافضل سياحياً على مدن اخرى عربية صارت قبلة العالم ومشاهيره، تنعم امناً وثراء، تناطح السحاب، تزهو وتنمو عمراناً وخدمات وسياحة؟ كيف اختيرت «بيبلوس» اللبنانية اليوم افضلهم؟!

بيبلوس تحت المجهر
هي «اكاديمية تتويج جوائز التميز في المنطقة العربية» من وقع في سحر جبيل فتوجتها «افضل مدينة سياحية عربية»، مدعمة خيارها بموافقة ورعاية عالمية، هي رعاية منظمة الامم المتحدة للسياحة.
فالاكاديمية التي درجت منذ ثلاث سنوات على منح جوائزها الى شخصيات قيادية وادارية حققت انجازات ومبادرات في مجالات عملها والى شركات النخبة الرائدة في المنطقة العربية، اختيارها لمدينة جبيل ما جاء عبثاً، بل حصيلة متابعة حثيثة ومراقبة انجازات ومبادرات مميزة ولافتة قامت بها بلدية جبيل واستقطبت الانظار، وكانت مثار اعجاب وتقدير وفق ما يؤكد رئيس الاكاديمية بيار مكرزل في حديث الى «الاسبوع العربي»، مستفيضاً في تعداد المعايير والاسس التي على اساسها تم اختيار جبيل «الافضل عربياً» انطلاقاً من تاريخها العريق كأقدم مدينة مأهولة ومصدر الابجدية الى كل العالم، وصولاً الى ما هي عليه اليوم وتحديداً الى «الادارة الحكيمة» لبلدية المدينة كما يصفها.
«منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم، حققت هذه البلدية اعمالاً وانجازات مميزة لفتت اليها الانظار باعتراف كل المهتمين والمراقبين ليس على مستوى بلديات لبنان وحسب، بل وأيضاًعلى مستوى الدول العربية» كما يقول مكرزل، معدداً بعض هذه الانجازات التي لفتت انتباه الاكاديمية: من المهرجانات الدولية التي يحييها نجوم لبنانيون وعرب وعالميون والتي ارتقت الى مستوى عالمي رائع، الى مشاريع ونشاطات متميزة وكثيفة تواكب التغيير والتطور، وخصوصاً لناحية استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة والتواصل الاجتماعي واستثمارها جيداً لناحية الاهتمام والتواصل مع المقيمين في المدينة وزائريها ومغتربيها.
ويتوقف مكرزل بشكل خاص عند «روح الشباب والتجدد» التي تضج بها ادارة بلدية جبيل، رئيساً واعضاء، وما يلفته هو هذا «التطلع الى الغد» الذي يعكسه رئيس بلديتها زياد حواط، والمفاجأة حين يصرح مكرزل: «انا لم اتعرف الى رئيس بلدية جبيل بعد، لكنني اعرف اعماله وانجازاته. اسلوبه في العمل يعكس روح شباب واعد جداً، وهناك مرونة وانفتاح في التعاطي، سرعة في الخدمات، واعتماد كبير وسريع جداً لاكتشافات جديدة ومعايير دولية تضعه في موقع المسؤول المبادر والسبّاق الذي يصعب اللحاق به».

 

صديقة البيئة «القدوة»
بفخر واعتزاز يتحدث رئيس الاكاديمية بيار مكرزل، هو اللبناني، عن جبيل وانجازات بلديتها،  لافتاً الى اجراء استرعى انتباهه شخصياً اثناء مهرجانات جبيل خلال الصيف الفائت، حيث منعت السيارات من دخول منطقة جبيل القديمة وحولت الى منطقة للمشاة فقط، واعتمدت عملية نقل الزوار في سيارات صديقة للبيئة، وذلك في خطوة لافتة لاجل دعم وترويج تدابير تصب في اطار الحفاظ على البيئة. ويقول: «هكذا مدينة لا يمكن الا ان تسترعي انتباهنا وانتباه العالم اليها، ونتابعها لتكون مدرسة وقدوة لسائر البلديات»، مع اشارته الى ان تفوق بلدية جبيل لا يقتصر على بلديات لبنان بل على بلديات الدول العربية ايضاً.
طبعاً لم تمنح جبيل اللقب الكبير بناء على نظرة وانطباعات شخصية وحسب، بل ثمة مركز تابع للاكاديمية يقوم بدراسات وابحاث، في لبنان وسائر الدول العربية، يراقب، يستقصي، ويسجل انجازات تحققت ومبادرات طرحت ويضع النقاط وعلى اساسها تتم عملية الاختيار ويتوج الفائز، مركز الابحاث ذاك الذي صال وجال على مدن لبنانية وعربية، حط رحاله في جبيل وفي سجلها الكثير الكثير لتحكيه للعالم وتتباهى به، تاريخاً حاضراً ومستقبلاً، هي المدينة المأهولة الاقدم في العالم التي «تنهل من ماضيها وتعيش لحاضرها وتبني لمستقبلها»، هذا ليس شعاراً بل فعل وواقع على الارض، وميزة تلك المدينة انها تجمع المجد من كل اطرافه، تحافظ على تاريخها، تصونه وتتعلم منه لتنطلق الى الحداثة لمواكبة كل جديد، والعلامة اللافتة في مشاريع ومبادرات بلدية تلك المدينة انها تطرح هدفها دائماً تحت سقف ثابت لا حياد عنه وهو: الحفاظ على التراث، تعزيز وترويج مبادرات صديقة للبيئة.

لا يحكي سياسة بل انماء
يتوقف مكرزل باسهاب امام شخصية حواط «القيادية والشابة» (مع تشديده وتكراره على انه لم يتعرف الى الرجل بعد شخصياً) كما تدل عليه انجازاته منذ اعتلى منصب رئاسة بلدية جبيل لثلاث سنوات  خلت «هو شاب يتطلع الى الغد، يجمع ما بين حسن الادارة والنظرة المستقبلية بشكل جيد وملفت، وفيما نرى معظم رؤساء البلديات يشتغلون لاهداف سياسية، لا يحكي زياد حواط سياسة بل يحكي انماء وانتماء الى جبيل، والى غد جبيل، وهذا ما جعل جبيل تحقق هذا التطور عبر سلسلة مشاريع وانجازات وافكار جديدة شابة مبتكرة وخلاقة».
هذا الابتكار وهذا التطلع الى الغد هما اللذان جعلا مدينة جبيل تحت دائرة الضوء، وهو ما جعلها تتمايزعن غيرها من المدن، لبنانية وعربية، حتى تلك التي تفوقها بكثير ثراء وقدرات وظروفاً اكثر ملاءمة اقتصادية وسياسية وامنية. والفرق وفق مكرزل، ان مدينة جبيل الغارقة كما كل مدن وقرى لبنان في وحول الظروف والازمات اللبنانية المتعاقبة، نراها تخطط للمستقبل لما ستكون عليه في السلام، متحررة رافضة لقيود الحاضر، تسير الى الامام متحدية صعوبات من شأنها ان تسمرها مكانها، «هذا الواقع هو ما شدنا الى جبيل» يقول.
ونسأل: التكريم أهو لمدينة جبيل التاريخية السياحية ام لانجازات رئيس بلديتها الشاب؟
يجيب مكرزل: «جبيل مدينة قديمة وعريقة، وهي في وجدان كل لبناني وكل سائح يزور لبنان، ولا تحتاج تكريماً»، ومع توضيحه ان الاكاديمية لا تكرّم «نحن نتوج»، وانطلاقاً من ذلك، فان الاكاديمية ستتوج رئيس بلدية جبيل زياد حواط لدوره الرائد في إنماء وتطوير مدينة جبيل واستقطاب المشاريع الرائدة إنمائياً واقتصادياً وسياحياً. ووفق مكرزل فإن الهدف من تتويج رئيس بلدية جبيل هو «الشدّ على يده وتشجيعه ليعطي الافضل والافضل».

دفع سياحي اكبر
تصنيف جبيل افضل مدينة عربية سياحياً وتتويج رئيس بلديتها لدوره الرائد وانجازاته كيف سينعكسان على جبيل وهل يعززان سياحتها ويجتذبان عدداً اكبر من السياح اليها؟
يجيب مكرزل: «في تصورنا ان اختيار جبيل افضل مدينة سياحية سيعطي دفعاً سياحياً ليس لجبيل وحسب بل لكل لبنان، طالما ان كل من يزور لبنان، حتماً تكون جبيل على رأس قائمة زياراته، ولا يمكن لسائح ان يزور لبنان ولا يزور جبيل»، لافتاً الى  ان تأثير خبر هذا التتويج بدأ قبل ان يصل كتاب الاكاديمية ورسالة التهنئة الى بلدية جبيل حيث انتشر الخبر بشكل واسع عبر وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية كافة، و«هذا ما عكس بشكل جيد قدرة بلدية جبيل الكبيرة على التواصل والنشر  والترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر موقعها الالكتروني الخاص الناشط والمتطور بدوره» يقول مكرزل، منوهاً مجدداً بحيوية ادارة بلدية شابة وحكيمة في آن، تتمتع بقدرة لافتة على التحرك بسرعة والتواصل بفعالية فائقة.

بين رئيس الجمهورية ورئيس البلدية
هل القرابة التي تجمع بين رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس بلدية جبيل تمد هذا الاخير بالدعم والقوة وبهذه القدرة على تحقيق الانجازات اكثر من غيره؟
يجيب مكرزل: هذه النظرية تشكل انتقاصاً كبيراً من جدارة زياد حواط، والواقع ان انجازات واعمال حواط غطت على اعمال رئاسة الجمهورية وانجازاتها، وهذا طبيعي طالما الرئاسة أخذت وانتقصت صلاحياتها فيما رئيس البلدية يمارس صلاحيات كاملة مطلقة، اثمرت انجازات لافتة يصعب اللحاق بها ومجاراتها.
وفي السجل الذهبي لرئيس البلدية الشاب الذي تولى زمام بلدية جبيل عام 2010، 4 مشاريع زادت من تألق بيبلوس وجمالها. فمن حديقة «بيبلوس بارك» النموذجية، صديقة البيئة واكبر الحدائق العامة في لبنان، والحائزة على الجائزة الثالثة في «المسابقة الثانية للمدن المتوسطية»، الى تأهيل واجهات سوق جبيل التجارية التراثية والتي ستفتتح في حزيران (يونيو) المقبل، فالى اطلاق مشروعي «مجمع ميشال سليمان الرياضي» الذي سينتهي العمل فيه في ايلول (سبتمبر) المقبل، و«المجمع البلدي» الذي يضم مكاتب البلدية الادارية والهندسية، ومكاتب للمديرية العامة للآثار، وصالات للحفلات الكبرى ومتحف الابجدية، فالى انشاء مركز للمعاينة الميكانيكية بعد نيل موافقة الحكومة عليه.
ويذكر اخيراً ان رئيس البلدية زياد حواط سيتسلم الوشاح الاحمر الارجواني مزيناً بـ «وسام الاستحقاق الذهبي» في مجال الانجازات المتميزة مع شهادة التمييز عن فئة المدن السياحية العربية خلال حفل عشاء يقام على شرفه مساء السبت، 4 ايار (مايو) المقبل في صالة الفلك الذهبية في برج العرب في دبي، برعاية وحضور أمين عام منظمة الامم المتحدة للسياحة العالمية الدكتور طالب رفاعي وعدد من القيادات العربية وممثلي الهيئات الدبلوماسية.

 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق