دولياتعالم

النووي الايراني: مفاوضات «عض الاصابع» تتوقف على اعتاب «المطالب المفرطة»

اعترف الطرفان المتفاوضان في فيينا حول الملف النووي الايراني بوجود خلافات عميقة  تحول دون صياغة وثيقة الاتفاق النهائي التي نص عليها التوافق المبدئي بين الوفدين الايراني من جهة، ومجموعة «5 + 1» من جهة اخرى. واعترف وزير الخارجية الايراني بتلك الخلافات دون ان يقلل من احتمالية التوصل الى الصيغة المطلوبة. لكنه رمى بالكرة في المرمى الغربي، وحمله المسؤولية من باب التشدد في المطالب.

توقعت مصادر متابعة ان تكون الخلافات مرتبطة بقدر من التشدد الذي تفرضه صفقة كبرى تتعلق بملفات المنطقة، وبدور ايراني في تفاصيلها.
الى ذلك، لم تجد رسائل التفاؤل التي اطلقتها اطراف التفاوض حول الملف النووي نفعاً، حيث كشفت المفاوضات عن عقدة كان التوقف عندها اجبارياً. العقدة التي اعترفت بها كل الاطراف، فتحت الباب واسعاً امام مناقشات وتساؤلات تتعلق بتفاصيل ذلك الخلاف. وما اذا كان خلافاً فعلياً، ام مطالب تعجيزية تفضي الى بوابة «الصفقة» التي يعتقد محللون انها كانت وليدة التطورات الاخيرة في المنطقة، وخصوصاً تطورات الموقف في كل من العراق وسوريا.
فقد بدت الجولة الاخيرة من المفاوضات حول الملف النووي الايراني التي انعقدت في فيينا الاسبوع الحالي، والتي دخلت مرحلتها الاخيرة قبل شهر من انتهاء المهلة المحددة للتوصل الى اتفاق نهائي، الخميس معطلة بسبب ما قيل انه «اختلافات اساسية» بشأن المواضيع الاهم. وقال مسؤول ايراني رفيع المستوى في تصريحات صحفية، «ان التقدم بطيء بالنظر الى الوقت القليل الباقي والخلافات المستمرة» في حين عبر مصدر غربي عن قلقه من عدم حدوث تطور في الموقف الايراني في معظم المواضيع مدار البحث.
واشارت مصادر عدة الى ان الصياغة – حتى اللحظة – تشمل فقط اجزاء ثانوية، تحت عنوان «برنامج عام للعمل المشترك»، مع ترك المسائل الشائكة جانباً في الوقت الحالي.

نقطتا خلاف
واعتبر الدبلوماسي الاميركي السابق مارك فيتزباتريك الخبير لدى المعهد الدولي للدراسات ان سير المفاوضات بهذه الصورة، ليس مفاجئاً. وتوقع عدم حصول أي اختراق بشأن القضايا الاساسية، الا في اللحظات الاخيرة.  وبحسب الجانب الايراني هناك نقطتا خلاف اساسيتان، هما:
النقطة الاولى متعلقة بتخصيب اليورانيوم والذي يتيح عندما يكون على نسبة عالية الحصول على وقود لسلاح نووي. وتصر ايران التي تؤكد باستمرار ان برنامجها النووي مدني فقط، على الاحتفاظ بحقها في تخصيب اليورانيوم.
واشار المصدر الغربي الى ان المفاوضات لم تتناول بعد مسألة عدد اجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم التي يمكن ان تحتفظ بها الجمهورية الاسلامية بعد التوصل الى اتفاق. الا ان الغربيين يريدون خفض عدد هذه الاجهزة بشكل ملحوظ، طبقاً لتأكيدات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قبل ايام.
اما النقطة الثانية، فتتعلق بوتيرة رفع العقوبات عن ايران بعد التوصل الى اتفاق. حيث تمسك ظريف بوجوب رفعها بموجب جدول زمني، الا ان هناك خلافاً حول هذا الجدول.
واضاف المصدر نفسه ان مجموعة الدول الست ستقبل برفع سريع بعد الاتفاق للعقوبات الاقتصادية والمالية التي فرضها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة. وسيحصل بعد ذلك رفع تدريجي للعقوبات المفروضة على ايران من قبل الامم المتحدة.
والاتفاق المؤقت الذي تم التوصل اليه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 والذي اتاح البدء بالمفاوضات، ينص على رفع العقوبات حتى 4،2 مليارات دولار على مراحل بقيمة 550 مليون دولار حتى مهلة 20 تموز (يوليو).
وشدد وزير الخزانة الاميركي جاكوب لو الاربعاء على ان تخفيف العقوبات التي تخنق الاقتصاد الايراني يظل محدوداً جداً، ويمكن عكسه.
وبينما يؤكد الجانب الايراني ان الملف النووي يشكل اختبار ثقة مع الولايات المتحدة، ما تزال تعتبر – مع القوى العظمى – ان التوصل الى حل نهائي ضمن المهلة المحددة ممكن وذلك رغم الهوة التي تفصل بين موقفهما.

مفاوضات يومية
واكدت الولايات المتحدة الاثنين ان مفاوضات – بشكل او باخر – ستجري يومياً حتى موعد 20 تموز (يوليو)، المهلة التي حددت للتوصل الى اتفاق نهائي. ويمكن تمديد مهلة المفاوضات لستة اشهر بالاتفاق بين الجانبين. وهذا الامر بحسب المحلل الاميركي آخذ في الارتسام اكثر فاكثر.
لكن الامر ينطوي على مخاطر سياسية سواء للولايات المتحدة التي ستشهد انتخابات تشريعية في تشرين الثاني (نوفمبر) او للرئيس الايراني حسن روحاني الذي يواجه تشكيك المحافظين المتشددين في الداخل.
وكانت المشاورات بين وزير الخارجية الايراني جواد ظريف، ومنسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي  كاترين آشتون قد انطلقت في فيينا، كما انطلقت مشاورات داخلية بين أعضاء الفريق الإيراني المفاوض.
والتقى وزير الخارجية الإيراني ومنسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي يوم الاثنين الفائت على غداء عمل، وأجريا مشاورات ثنائية لنحو ساعة ونصف الساعة يوم الثلاثاء قبيل انطلاق الجولة الخامسة للمفاوضات النووية. واتفق الطرفان على استمرار المفاوضات حتى  التوصل إلى آلية شاملة وطويلة الأمد. ووفق «الخطوة المشتركة» ينبغي أن يتوصل طرفا المفاوضات إلى اتفاق شامل لغاية 20 تموز (يوليو) المقبل، إلا أن خلافات عديدة في مواقفهما تجعل التوصل إلى اتفاق لغاية الموعد المحدد في اتفاق جنيف أمراً يحاط بالتساؤلات.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق شامل لغاية الموعد المحدد في اتفاق جنيف، فإنه بالإمكان تمديد المهلة إلى ستة أشهر أخرى، إلا أن الأطراف المشاركة في المفاوضات تسعى إلى التوصل إلى اتفاق لغاية الموعد المحدد دفعاً لأي تعقيدات احتمالية.
وكان ظريف أعلن على هامش الجولة الخامسة للمفاوضات أن عملية صياغة مسودة الاتفاق النووي بدأت، لكنها لاتزال بطيئة، لافتاً إلى وجود خلافات أساسية بين مواقف الجانبين.
وقال وزير الخارجية الإيراني إنه بالرغم من وجود مفاوضات صعبة أمامنا، إلا أنه تم البدء بكتابة برنامج العمل المشترك الشامل بين إيران ومجموعة 5+1. وأضاف ظريف في حديث للصحافة: واجهنا مفاوضات صعبة جداً، وكانت بعض مواقف الجانب الآخر غير مقبولة بالمرّة، معربًا عن أمله بأن يتعامل الجانب الآخر بواقعية. وأوضح أن كتابة برنامج العمل المشترك لا تعني أننا وصلنا إلى اتفاق، فهناك اختلافات مازالت موجودة.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق