افتتاحية

ماذا ينتظر المعنيون لتشكيل الحكومة؟

ماذا ينتظر المعنيون لتشكيل الحكومة؟

قال الرئيس ميشال سليمان امام كنيسة القديس مارون في الجميزة، رداً على سؤال وجهه اليه احد الصحافيين، «من المعيب ان يبقى لبنان احد عشر شهراً دون حكومة…». نعم انه لعيب كبير هذا الذي يجري في بلد كان في ما مضى في طليعة الدول الديمقراطية في المنطقة، قبل ان تتسلم شؤونه طبقة من السياسيين، أقل ما يقال فيها انها بعيدة كل البعد عن الديمقراطية والتعلق بالسيادة الوطنية.
ثم يقول الرئيس سليمان «هل التمسك بحقيبة وزارية او بشخص اهم من الوطن؟!» ونحن نقول ان الحقائب والاشخاص هم في حسابات البعض اهم بكثير من مصير الوطن. فالوطن بالنسبة الى هؤلاء مجموعة مصالح تخدم اشخاصهم ومطامعهم بعيداً عن اي حس وطني.
ويقول الرئيس سليمان ان «العالم هو احرص على لبنان من بنيه» ونحن نؤكد ان العرب في معظمهم ليسوا وحدهم الحريصين على لبنان، بل  ان الدول الاوروبية والولايات المتحدة وحتى روسيا المدافعة عن دول الممانعة، هذه الدول كلها حريصة على لبنان و هي تطالب بتشكيل حكومة ترعى شؤون المواطنين وتسوس امورهم، فما حجة المسؤولين، وخصوصاً الرئيس المكلف  في تأخير اعلان التشكيلة الحكومية ولينضم اليها من ينضم ولينسحب من ينسحب؟ وبذلك يتبين الرأي العام من هي الجهة المعرقلة التي تحول دون ولادة الحكومة.
والتأييد لتشكيل الحكومة ليس مصدره الخارج وحده، بل ان هناك يقظة داخلية بدأت تلوح في الافق وهي تبشر بالخير، وبأن هذا الشعب الغارق في سباته العميق الذي يتلقى الضربات ويكتفي بعدّها، بدأ يستفيق وان بصورة خجولة ولكن الامل بحركة جديدة قد تبصر النور وعندها فقط، تستقيم الامور.
فقبل ايام اعلنت هيئة الرقابة النقابية، عن تحرك بدأته باتجاه النقابات والمنظمات، بهدف عقد مؤتمر وطني يقف بوجه المعرقلين ويفضح توجهاتهم السياسية ومصالحهم الشخصية التي هي في نظرهم فوق كل اعتبار. والى جانب ذلك هناك اصوات بدأت تعلو من هنا وهناك مطالبة بالضغط على السياسيين، لان البلد وصل الى حافة الانهيار.
وهكذا يجتمع الداخل والخارج معاً في التشجيع على اعادة تقويم الامور وفضح المتلاعبين بمصير البلد.
ويكتسب الدعم الخارجي للبنان اهمية خاصة اذ ان دولاً مثل فرنسا وايطاليا، وغيرهما تدعو الى عقد مؤتمرات لدعم لبنان وتسليح جيشه ليصبح القوة الوحيدة المسلحة على الارض، ويصبح قادراً على الدفاع عن السيادة والمقدسات، واول هذه المؤتمرات واحد دعت اليه فرنسا الشهر المقبل ويؤمل ان يسفر عن نتائج بارزة. اذاً فالدعم لم يعد كلاماً بل اخذ يترجم الى افعال.
وهنا لا بد من التنويه بالمبادرة الكريمة التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين والتي منح لبنان بموجبها ثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش عماد الوطن ورمز السيادة، وقد بدأت الاتصالات على الفور بين الجهات العسكرية اللبنانية والسلطات الفرنسية التي ستتولى تقديم السلاح للجيش، لوضع المبادرة موضع التنفيذ.
اذاً التأييد لتشكيل الحكومة اصبح واسعاً، داخلياً وخارجياً. ففي الداخل ظهر ذلك جلياً من خلال مبادرة بكركي التي ترتكز على «اعلان بعبدا»، ولذلك التزم فريق من اللبنانيين الصمت حيالها. فهو لا يستطيع ان يرفضها لأنه بذلك يكون قد كشف نواياه المبيتة، وهو لا يستطيع ان يقبلها لانها تضرب توجهاته وسياساته النابعة من مصلحة خارجية، خصوصاً وان العديد من الهيئات السياسية والدبلوماسية والدينية والاقتصادية ايدت هذه المبادرة وطلبت العمل على ترجمتها الى افعال. فبكركي لا تملك القوة لتنفيذها ولكنها تكتفي بطرحها وعلى المعنيين تلقفها والعمل على بلورتها.
وفي الخارج وكما اسلفنا، التأييد عارم، فليقدم الرئيس سلام واياً تكن العقبات التي يضعها المعرقلون في طريقه، فيقدّم تشكيلة جامعة متوازنة، وليقبل بها من يقبل وينسحب من لا تناسب مصالحه، ويبقى على الشعب الصامت ابداً ان يقول الكلمة الاخيرة، ولو كلمة واحدة.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق