الامم المتحدة تندد بسيطرة المقاتلين الجنوبيين في اليمن على المؤسسات الحكومية
سيطر الانفصاليون الجنوبيون على معسكرين تابعين لقوات الحكومة اليمنية المعترف بها في محافظة أبين جنوب البلاد الثلاثاء. ويأتي هذا بعد عشرة أيام على سيطرة الانفصاليين على مدينة عدن العاصمة المؤقتة للحكومة، وفي وقت وصل فيه رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي إلى جدة وسط دعوات وجهها كل من التحالف العربي والأمم المتحدة إلى الطرفين من أجل الحوار.
خسرت قوات الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً معسكرين لصالح القوات الموالية للانفصاليين الجنوبيين في محافظة أبين إثر اشتباكات قتل وأصيب فيها 27 شخصاً، ما يمثل ضربة جديدة للقوات الحكومية.
وتأتي هذه التطورات بعدما سيطر المقاتلون الانفصاليون الموالون لـ «المجلس الانتقالي الجنوبي» قبل نحو 10 أيام على مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، في تمدد عسكري جديد في الجنوب على حساب قوات الحكومة وسلطتها.
ودفعت تحركات الانفصاليين مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث إلى التحذير من خطر تقسيم اليمن، مندداً بسيطرة المقاتلين الجنوبيين على المؤسسات الحكومية.
ومساء الثلاثاء، توجه رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» المؤيد لانفصال الجنوب عيدروس الزبيدي، إلى جدة بدعوة من وزارة الخارجية السعودية، تمهيداً للمشاركة في محادثات حول الوضع في جنوب اليمن، حسبما جاء في بيان صادر عن المجلس.
ويقيم في المملكة منذ سنوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وأركان سلطته.
وبحسب محافظ أبين أبو بكر حسين، فإن قوات «الحزام الأمني» الموالية للمجلس الانتقالي، تحركت من عدن نحو مدينتي زنجبار على بعد نحو 60 كلم وكود على بعد نحو 50 كلم في محافظة أبين الساحلية القريبة، وقامت بمحاصرة معسكرين فيهما.
وتابع في اتصال مع وكالة الأنباء الفرنسية أن اشتباكات اندلعت بين الطرفين نتج عنها سيطرة قوات «الحزام الأمني» على معسكر تابع للشرطة العسكرية كان يتواجد فيه 350 جندياً حكومياً في كود، بينما توصل الطرفان إلى اتفاق بعد وساطة محلية نص على خروج القوات الحكومية من معسكر للقوات الخاصة في زنجبار حيث كان يوجد 1100 جندي، وعلى انتشار القوات الانفصالية في محيطه.
لكن محمد المرخي، وهو قيادي في قوات «الحزام الأمني» في أبين، أكد أن «الوضع تحت السيطرة تماماً. نحن نسيطر على المعسكرين».
وبحسب المحافظ، قتل عنصران في القوات الحكومية ومقاتلان انفصاليان في الاشتباكات التي استمرت ساعات في كود وزنجبار (عاصمة أبين)، بينما أصيب 23 مقاتلاً من الطرفين.
وفي وقت سابق، أوضح المتحدث باسم «المجلس الانتقالي» نزار هيثم أن الهجوم على المعسكرين يهدف إلى «ملاحقة عناصر تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار اختبأت في معسكرات تابعة للحكومة الشرعية».
تصعيد غير مبرر
يقاتل الانفصاليون الجنوبيون وقوات الحكومة معاً في صفوف تحالف ضد الحوثيين المقربين من إيران والذين يسيطرون على مناطق واسعة في هذا البلد الفقير منذ 2014، ضمن نزاع جعل ملايين السكان في اليمن على حافة المجاعة.
لكن الانفصاليين والقوات الحكومية يتواجهان في معركة ترسيخ نفوذ محتدمة في الجنوب، وخصوصاً في عدن، عاصمة الدولة الجنوبية السابقة قبل اتحادها مع الشمال عام 1990 وولادة اليمن الموحد.
و«الحزام الأمني» هي القوة الجنوبية الرئيسية التي تدربها وتسلحها الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي في قيادة التحالف العسكري.
وتقدمت قوات الانفصاليين نحو المعسكرين في أبين على الرغم من الدعوات السعودية لوقف إطلاق النار، علماً أن الرياض سبق وأن دعت المتقاتلين لعقد حوار في المملكة لم يحدد موعده بعد.
كما أن تحركات القوات الانفصالية تتعارض مع استجابتها لدعوات التهدئة في عدن وبدء انسحابها من مبان حكومية عدة السبت كانت قد سيطرت عليها إثر المعارك التي خاضتها ضد القوات الحكومية في بداية هذا الشهر وأدت إلى مقتل 40 شخصاً وإصابة أكثر من 260 بجروح.
وأدانت الحكومة اليمنية المعترف بها بشدة ما وصفته بـ «تصعيد غير مبرر»، محذرة من «إضعاف جهود الوساطة» التي تقودها السعودية حاليا بين الطرفين منذ معارك عدن.
وأوضح نائب وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي في تغريدة على تويتر «ما تشهده محافظة أبين من تصعيد غير مبرر من قبل قوات المجلس الانتقالي المدعومة من قبل الإمارات العربية المتحدة الشقيقة أمر مرفوض وغير مقبول وسيعمل على تقويض وإفشال جهود الوساطة».
وأكد الحضرمي في تغريدة أخرى «نرفض استمرار تقديم الدعم الإماراتي المالي والعسكري لقوات المجلس الانتقالي الخارجة عن القانون والدولة في اليمن (…) ونجدد المطالبة بإيقافه بشكل فوري وكامل».
ووفقاً لشهود عيان في زنجبار، فإن قوات «الحزام الأمني» انتشرت في شوارع المدينة.
على ماذا نتحاور؟
وبينما دعت الرياض وأبوظبي إلى الحوار، يستبعد المجلس الانتقالي الجنوبي الانسحاب من المواقع العسكرية التي سيطر عليها في عدن.
وقال هيثم في مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» «هذه الأمور ستكون مطروحة للنقاش في الحوار المزمع عقده في السعودية»، معتبراً أن «محاولة الحكومة الشرعية تصوير الموضوع بأنه لن يكون هناك حوار إلا إذا تم تسليم جميع المواقع… إذن على ماذا نتحاور؟».
في هذا الوقت، أكد المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث بعد لقائه نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في الرياض أن هناك «جهوداً ظافرة تحت قيادة الأمير خالد بن سلمان لاستعادة النظام والاستقرار في جنوب اليمن».
وفي إحاطة مجلس الأمن، قال غريفيث «أدين الجهود غير المقبولة التي يبذلها المجلس الانتقالي الجنوبي للسيطرة على مؤسسات الدولة بالقوة»، محذراً من أن «تجزئة اليمن باتت أمراً أكثر خطورة وأكثر إلحاحاً».
فرانس24/ أ ف ب