سياسة لبنانية

صفقة الاتفاق على تمديد الملف النووي تضمنت رفع اليد عن لبنان وانتخاب رئيس

يتعرض الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي في لبنان الى الاهتزاز، مما يحمل بعض الديبلوماسيين على استعجال التواصل مع الاطراف اللبنانيين، من اجل تحصين الساحة  والاسراع الى انتخاب رئيس للجمهورية يعمل على تفعيل المؤسسات، بدءاً من مؤسسة رئاسة الجمهورية ومؤسستي مجلس النواب والوزراء.

يكشف ديبلوماسي عاد مؤخراً من نيويورك ان الامم المتحدة تضع الاستقرار في لبنان في سلم اهتماماتها الدولية وان لم يكن ملف لبنان على جدول اولويات هذه المؤسسة. غير ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اعلن اكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة ان الاستقرار في لبنان خط احمر ممنوع تخطيه من قبل اي فريق. ويشعر الاطراف على الساحة ان الامن في لبنان تحميه مظلة امان دولية، وبالتالي لا يمكن لاي فريق محلي تخطي الامن والسعي لانهيار الاستقرار. ويذكر الديبلوماسي بالبيان الرئاسي الذي صدر العام الفائت عن مجلس الامن، واكد على دعم سيادة لبنان وسلامة اراضيه وامنه، واثنى على سياسة النأي بالنفس عن الازمة السورية وعلى اعلان بعبدا، كما دعا الى دعم دولي منسق لمواجهة التحديات التي تواجه لبنان والتهديدات التي يتعرض اليها ويؤكد ان مجلس الامن ما زال يدعم الاستقرار والمؤسسات في لبنان.

تساؤلات
وترك عجز النواب عن انتخاب رئيس للجمهورية تساؤلات لدى عواصم غربية، لا سيما تلك المشاركة في مجموعة الدعم الدولية لمساعدة لبنان، عن موقف القيادات اللبنانية واستسهال الفراغ وفقدان الوطنية لانتخاب رئيس. ان اداء القيادات اللبنانية قد ينعكس على المساعدات الخارجية للبنان وكما قال احد الديبلوماسيين «قبل ان يطلب منا لبنان مساعدته، على اللبنانيين ان يساعدوا انفسهم اولاً،  لانه لا يجوز ان تبقى دولة من دون رئيس ومن دون سلطة كاملة، ونحن نحتاج الى سلطة كاملة لنتعاطى معها، خصوصاً وان الشلل لم يتوقف عند الفراغ في سدة الرئاسة، بل شمل مؤسسة مجلس النواب وانسحب مؤخراً لتعطيل مؤسسة مجلس الوزراء. ويكشف احد الوزراء ان الرئيس تمام سلام «الحريص على الدولة ومؤسساتها، والمضطلع بدور سياسي اساسي في مرحلة الشغور في سدة الرئاسة، بعدما انتقلت صلاحيات رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعاً، تلقى نصائح داخلية وخارجية بوجوب تبديد الانطباع، خصوصاً في الخارج، عن تعطيل عمل مجلس الوزراء لما قد يكون له من سلبيات في ظل تعطيل جلسات مجلس النواب». وقرر سلام رغم عدم بروزاي جديد ايجابي حول الملف المالي وملف الجامعة اللبنانية دعوة المجلس للاجتماع يوم الخميس المقبل للتأكيد على عدم تعطيل هذه المؤسسة، واستجابة لرسائل الخارج التي اشارت الى دقة المرحلة، بعدما لامس الوضع الخط الاحمر المرسوم لاستقرار لبنان سياسياً وامنياً واقتصادياً، من خلال اهتزاز الخطة الامنية في طرابلس، ومسلسل اطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه اسرائيل، لفتح جبهة جنوباً والمواجهات في الجبهة الشرقية بين عناصر حزب الله والجيش السوري من جهة ومسلحي المعارضة.  ويقول وزير في الحكومة ان الجلسة ستكون سياسية وانه سيثير خلالها الاتفاق الذي نكث به البعض والقائم على التوافق حول البنود، وتوقيع جميع الوزراء على المراسيم. اما البند الذي لا يتم الاتفاق عليه فيترك جانباً ويكمل المجلس درس باقي البنود. واستمرت محاولات الاتفاق على ملفي المال والجامعة بين تيار المستقبل وحركة امل، عبر آلية جديدة يتولاها عن حركة امل وزير المال علي حسن خليل، وعن المستقبل النائبان غازي يوسف وجمال الجراح، اضافة الى اتصالات تجري بين العونيين والمستقبل والكتائب لمعاجة ملف الجامعة.

بان كي مون في لبنان
وتتكثف الاتصالات وسط التطورات في المنطقة مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي يزور المنطقة لكي يعرج على لبنان، نظراً لما قد يكون لهذه الزيارة من ايجابيات، لانها تؤكد على «حرص المجتمع الدولي على دعم لبنان وعلى تأمين المظلة الدولية الواقية للمحافظة على الاستقرار». من هنا تأتي دعوة سلام المجلس ليؤكد الحرص الشديد على رفض الفراغ وشل وتعطيل المؤسسات، ولكي يجد بان عندما يزور لبنان سلطة بامكان المجتمع الدولي التعامل معها. وسيحث بان السياسيين في لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية. وتأتي زيارة الامين العام في الوقت الذي تسعى فيه جهات خارجية لتذليل العقبات التي تعترض انتخاب الرئيس، والبحث عن امكان الاتفاق على مرشح توافقي، بعدما تردد ان لائحة تضم ثلاثة اسماء يتم التداول فيها لاختيار احد الاسماء والاتفاق عليه في هذا الظرف لتحصين الساحة في وجه التحديات وتداعيات ازمات المنطقة على لبنان، لا سيما الحرب في غزه والمخاوف من فتح جبهة الجنوب من قبل اطراف فلسطينية لتخفيف ضغط العنف على ابناء غزة.
وتتخوف اوساط مراقبة من تداعيات تاجيل الاتفاق النووي اربعة اشهر على لبنان.ففي الوقت الذي نقلت اوساط سياسية عن جهات ديبلوماسية خارجية معلومات مفادها ان «من ضمن صفقة الحل لتأجيل بت الملف النووي الاتفاق على رفع اليد عن لبنان وحمل الاطراف على انتخاب رئيس جديد، ووضع حد لحال الفراغ، بحيث لا يكون لبنان ملفا على طاولة المفاوضات خصوصا بين ايران والسعودية او ايران والولايات المتحدة الى جانب ملفي العراق وسوريا وغيرها». الا ان اوساطاً سياسية تتخوف من تداعيات التأجيل على لبنان ومن اقدام اطراف اقليمية على استخدام الساحة اللبنانية للضغط على الغرب من خلال تعريض الاستقرار اللبناني للانهيار. وربما وظّفت الساحة في الحرب على غزة كورقة ضغط تستخدمها اطراف اقليمية من خلال الجنوب وهذا ما حمل احدى المرجعيات اللبنانية على الدعوة السريعة للافرقاء السياسيين للاتفاق على رئيس توافقي، بعدما تبين ان التأجيل يعني تأجيل الحسم، وقد تشهد المنطقة تصعيداً في المواجهات، الا اذا تبين ان الراعيين الدوليين الولايات المتحدة وروسيا ستتعاونان على ابقاء الوضع مضبوطاً في المنطقة ومنع اي تدهور، انطلاقاً من ان التدهور قد يؤدي الى الفتنة في ظل ارتفاع منسوب التوتر بين الشارعين السني والشيعي.ان هشاشة الوضع في لبنان قد تكون على المحك، وان اللعب بالاستقرار الامني  قد ينعكس على الوحدة والعيش المشترك، ويحدث هزة في الصيغة الدقيقة للتوازن السياسي القائم.

فيليب ابي عقل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق