افتتاحية

ثورة الجياع تدق الابواب… فسارعوا الى الرحيل

انجاز جديد يسجل للحكومة يضاف الى انجازات الـ 97 بالمئة التي اعلن الرئيس حسان دياب عن تحقيقها، دون ان يكون لها اي اثر في اعين المواطنين والخارج. ويتمثل هذا الانجاز في «خطة» سياحية عجيبة غريبة وتقضي بدعوة السياح للمجيء الى لبنان للتمتع بالعتمة التي تخيم ليل نهار على البلاد، في خطوة لم تشهد مثيلاً لها حتى مجاهل اقاصي العالم. فبيروت عاصمة النور والاشعاع غارقة قي الظلم والظلام دون ان يرف جفن للمسؤولين فيظهرون على الشاشات ويلقون اللوم على غيرهم يمنة ويسرة وهم مرتاحو البال.
ان هذا الوضع الحالك السواد ما كان ممكناً ان يحدث لو…
لو… ان المسؤولين في الدولة تحملوا مسؤولياتهم كاملة وعمل كل منهم على ما فيه مصلحة البلد، بمعزل عن مصالحه الخاصة، ولكن هذا بعيد المنال في ظل محاصصة غير مستعدين للتخلي عنها. فتقاسم خيرات الدولة واداراتها ومراكز هي عدة الشغل فكيف التحرك بدونها؟
لو… ان الذين تعاقبوا على رأس وزارة الطاقة منذ 1990 قاموا بمهامهم التي اوكلها اليهم الدستور والقوانين فعملوا على تطوير القطاع ونفذوا المشاريع التي تدعم توليد الكهرباء لتلبية حاجات الناس، ولكنهم مع الاسف، لم يقوموا بخطوة واحدة في هذا المجال رغم المبالغ الهائلة التي انفقت وارهقت الخزينة وافرغتها والدليل ما نحن عليه اليوم.
لو… ان الحكومات المتعاقبة تحملت مسؤولياتها، فحاسبت الوزراء المقصرين واعفتهم من مسؤولياتهم، وساءلتهم وعينت بدلاء عنهم، اشخاصاً ذوي كفاءة ونزاهة مؤهلين للعمل لما فيه مصلحة المواطنين. ولكنها لم تفعل، لان الوزراء مدعومون، والمحاسبة ممنوعة، والفساد مستشر في كل مكان. وقد تركت كل وزير يعمل على هواه ووفق مصالحه الخاصة.
لو… ان المجلس النيابي قام بواجبه في مراقبة الحكومة وعمل الوزراء، وحاسبهم وفق انتاجهم، ولما ترك المخطئين كي لا نقول اكثر، يسرحون ويمرحون على هواهم، بل كان عليه ايقافهم عند حدهم ووقف ارتكاباتهم وفضحها امام الرأي العام. ذلك ان السياسيين اعتادوا التستر على بعضهم البعض فلا هذا يفضح ذاك والعكس بالعكس.
لو… ان الجهات المعنية شكلت لجنة تدقيق ومحاسبة من اشخاص مسؤولين نظيفي الكف، وحققت مع وزراء الطاقة وسألتهم عن كيفية انفاق المبالغ الطائلة والتي تجاوزت الاربعين مليار دولار. مع العلم ان هذه المبالغ لو انفقت في الطريق الصحيح لبنت عشرات معامل توليد الطاقة ولكان المواطن اللبناني اليوم ينعم بالتيار الكهربائي 24 على 24 ساعة. فهل من المعقول ان تهدر هذه المليارات كلها دون تقديم كشف حساب؟ لقد كنا نسمع السياسيين الذين تعاقبوا على هذا القطاع، يعقدون المؤتمرات الصحفية ويبررون ويتقافذون التهم مع معارضيهم، والحقيقة ضائعة ولا من يسأل. انهم على العكس كانوا يتغنون بانجازاتهم، التي هي اشبه بانجازات الحكومة الحالية لا اثر لها بالتصريحات الجوفاء التي يمجها المواطن، ويرفض ان يصدق كلمة واحدة منها. كل ذلك ولم نسمع نائباً واحداً يقوم بواجبه الرقابي فيحاسب ويكشف الحقيقة اياً كان المرتكب. فثقة الناس امانة في عنق النائب ولكنه لم يحسن استخدامها وصيانتها.
لو… ان الشعب، وهو مصدر كل السلطات، ولو اراد فعل، قام بثورة حقيقية على غرار ما يحدث في دول العالم، فيسقط حكومات ويخلع فاسدين عن مناصبهم لانهم لم يكونوا على قدر المسؤولية.. غير ان هذا الشعب بدأ بثورة مباركة، وسرعان ما دخل السياسيون على خطها، وهم خبراء في التعطيل، فقسموا الثوار مرة بالترهيب ومرة بالخداع، وهكذا اصبح كل فريق يثور وفق مصالحه ومصالح داعميه من السياسيين وجاءت جائحة الكورونا تساهم في التعطيل، ففشلت الثورة في تحقيق الاهداف التي قامت من اجلها. الا ان الحكومة ومن حيث لا تدري ولا ترغب عادت ووحدتهم بنشرها الظلم والظلام والجوع في كل مكان، بعجزها عن ضبط سعر الدولار ووقف انهيار الليرة اللبنانية والصعود الجنوني للاسعار التي فاقت كل التوقعات. وكذلك بعجزها عن تأمين النور، فكبدت المواطنين نفقات اضافية باهظة لاصحاب المولدات.
ان الحكومة تبحث عن حلول وهي في متناول يدها، فلو ارادت عمدت الى تفعيل القوانين واستعادة الاموال المنهوبة، فينهض الاقتصاد دون منة من احد ويعود الازدهار، لان المال المنهوب بعشرات مليارات الدولار، لا بل بالمئات. وبما ان هذه الحكومة لا تبادر، اما عن عجز واما عن عدم رغبة، فعليها تقديم استقالتها والرحيل قبل ان تجرفها ثورة الجياع.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق