صحة

لا تهملوا «السكري بعد الطعام»… بيت الداء هنا!

وخزة، لحظة، وتظهر النتيجة: مئتان؟ ثلاثمئة؟ أكثر؟ أكلت؟ قبل الأكل كان معدل السكري في دمك أقل من مئة وعشرين؟ ماذا حصل؟ أمر عادي؟ السكري يؤخذ على الريق وطبيعي أن يرتفع بعد الطعام؟ لا، ليس أمراً عادياً أبداً. ثمة خلل. ثمة سكري يتغلغل في شرايينك ويُنذر بخطر عظيم آت!
السكري ما بعد الطعام ليس «حلاوة» عرضية بل أزمة حقيقية. لا تُصدق؟ إقرأ…

ليس عادياً أن «يتجمهر» كل هذا الحشد من أطباء الغدد والسكري، بدعوة من «سانوفي»، في مكان واحد للكلام في موضوع واحد: السكري ما بعد الطعام!
رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد الصم والسكري والدهنيات الدكتور منذر صالح، رئيس قسم أمراض الغدد الصم والسكري في مستشفى أوتيل ديو دو ف
رانس البروفسور سليم جنبرت، أستاذ الطب قسم الغدد الصم والسكري في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور سامي عازار، الرئيس السابق للجمعية الفرنسية للسكري البروفسور برنار شاربونيل. وفي الجوار، في القاعة المجاورة، جلس عشرات آخرين. ماذا يحصل؟ هل اكتشف أطباء الغدد والسكري الذرة؟
قياس السكري في كل أوقات النهار
ثمة هورمون تنتجه الامعاء يُعرّف عنه باسم «جي أل بي 1» وهو هورمون الغلوكاغون القادر إذا حُفّز على إفراز الأنسولين وإبطاء إفراغ المعدة وزيادة الشعور بالشبع. ثمة إذاً ثورة جديدة في علاج السكري تعمل على
هورمون جديد ما كان يلتفت إليه، في ما مضى، كثيراً الباحثون. تبدلت إذاً اليوم المعادلة وصار ضبط قياس السكري، في كل أوقات النهار، متاحاً.
السكري ما بعد الطعام. السكري ما بعد الطعام. السكري ما بعد الطعام… فهل هذه سيمفونية جديدة يتم العزف عليها في شهر السكري؟
السكري مرض قديم لكن أول تشخيص له حصل في العام 1912.
 1912- 2014… مئة وسنتان. قرن وأكثر على أول حالة شُخصت سكري في العالم من دون أن يعرفوا يومها ما هو سبب السكري وما هو العلاج. وكان من يُصاب يموت حتماً لكن العلم جاوب خلال كل هذه الفترة على أسئلة كثيرة فبات الأطباء يعرفون أكثر عن دور البنكرياس وطبيعته وعن وظيفة الأنسولين وسرعان ما أدرك العالم أن الأنسولين هو مفتاح الخلايا، نعم هو المفتاح الذي يفتح الخلية فيدخل إليها السكري ويحولها الى طاقة. وأصبح الأنسولين المعطى أقرب الى الأنسولين البشري بعدما كان من منتجات حيوانية.
وفي العام 1969 عرفنا أن السكري نوعان: أول وثان. وأن للوراثة دور في الإصابة. وتطور العلاح وأصبح في إمكان مريض السكري أن يراقب معدل السكر في دمه وهو في منزله. وكان تركيز الأطباء خلال العشرين عاماً التي مضت على معدل السكري على الريق، صباحاً، لكن بدأت الأبحاث في الآونة الأخيرة تركز أكثر على مخزون السكري في الجسم وبات لزاماً قياس نسبة السكري في الدم كل ساعات النهار، فنحن نأكل أربع أو خمس مرات في اليوم، بين وجبات أساسية ووجبة سناك، وبالتالي بالكاد تنجح أجسامنا في أن تبقى على الريق، بمعدل
سكري جيد، أربع أو خمس ساعات يومياً، وما عداها نبقى تحت تأثير ما نأكل. عشرون ساعة إذاً، أو أقل بقليل، نكون فيها تحت تأثير ما نأكل وهذا يجعلنا نعيد حسابنا أكثر.
ماذا عن
معدل السكري في الجسم ما بعد الطعام؟
طبياً، يقول البروفسور سليم جنبرت، أن المعدل يفترض ألا يتجاوز 170 عند المريض المصاب بالسكري و140 عند الإنسان غير المصاب. وأي تجاوز لهاتين النسبتين بعد الطعام تُكون مؤذية. إحتساب معدل السكري بعد الطعام إذا بات أساسياً لصحة سكرية جيدة… والعمل؟
لا يجوز «التطنيش» بعدم احتساب معدل السكري بعد الطعام معتبرين أن ارتفاعه حين نأكل هو أمر عادي! لا، إرتفاع السكري بعد الطعام ليس أبداً عادياً ولا مقبول… والعمل؟ نكرر السؤال…

مرض التعقيدات
السكري كما تعلمون هو «مرض التعقيدات» ويتسبب بالموت المبكر إذا لم يُضبط. ويخسر مريض السكري من سنتين الى عشر سنوات من معدل سنين عمره. ورئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد الصم والسكري والدهنيات الدكتور منذر صالح يتوقف عند دراسة بينت أهمية ضبط السكر التراكمي في الجسم وإبقائه تحت معدل 7 في المئة من أجل تجنب التعقيدات التي قد يتسبب بها السكر وتأثيراته الكثيرة في الشرايين والقلب والأنسجة. واستناداً الى الدراسة: ما زال هناك نحو خمسين في المئة من اللبنانيين المصابين بالمرض غير مدركين لحالتهم ولا يحافظون بالتالي على المستوى المطلوب لمخزون السكر في الدم، على الرغم من أنهم يتحكمون بمستوى السكر في الدم قبل الطعام. وكلنا يعلم أن معدل الإصابة بمرض السكري في العالم يرتفع والتوقعات تشي ببلوغ عدد مرضى السكري 550 مليوناً في 2030، وبالتالي إذا استمر اقتناع البشر أنه يكفي مراقبة معدل السكر في الدم على الريق تكون متاهة الخطر الكبير قد تحكمت جداً بنا… والعمل؟ هو سؤالٌ نكرره للمرة الثالثة…
13 في المئة من اللبنانيين يعانون من «حلاوة زائدة»!
إنهم بكلام آخر في خانة مرضى السكري. نسبة ليست أبداً بسيطة. وفي دول الخليج الرقم يُحلق. وإيجاد حلّ أصبح لزاماً. والحلول، كما تعلمون، لا تهبط بل تُصنع. ولهذا تتكثف الأبحاث والدراسات التي بينت، بحسب البروفسور سامي عازار: أن مرض السكري يعود الى إختلال وظيفة البنكرياس حيث لا يعود الجسم قادراً على استعمال الإنسولين الذي ينتجه البنكرياس في شكل فعال. وفي هذا الإطار بينت الدراسات الطبية أن الامعاء تنتج هورمون الغلوكاغون «جي أل بي 1» وبالتالي تنشيط هذا الهورمون يُحفز إفراز الأنسولين ويثبط إفراز الغلوكاغون ويُبطىء إفراغ المعدة ويزيد الشعور بالشبع، وبالتالي أصبح مطلوباً من الآن وصاعداً، في العلاجات الجديدة، إستهداف «جي بي أل 1» من أجل الحفاظ على مستوى سكر الدم بعد الطعام وتنظيمه. عليكم بالتالي سؤال الطبيب المعالج: ما رأيك دكتور في أهمية ضبط «جي بي أل 1» في أجسامنا؟ الطبيب قد يحتاج أحيانا الى من يلفت نظره.

عصفورين بحجر واحد
في كل حال، يفيد أن نعرف أن الأطباء اكتشفوا منذ نحو عامين أن هورمون غلوكاغون «جي بي أل 1» الموجود في الإمعاء يفيد في تخفيض الوزن كونه يُقلل من الشهية على الطعام وقد بدأ الأطباء لاحقاً باستخدامه في معالجة المرضى الذين يعانون من السكري النوع الثاني. أهمية العلاجات الجديدة اذاً قد تكون في ضرب عصفورين بحجر واحد: منع السكري من الإرتفاع بعد الطعام، أي موازنة نسبته على مدار الساعة، قبل الطعام وبعده، والمساعدة في آن على خفض وزن المريض.
ما رأي الرئيس السابق للجمعية الفرنسية للسكري البروفسور برنار شاربونيل بالإكتشافات «السكرية» الجديدة؟
يُشدد البروفسور الفرنسي أن علاج المرضى يجب أن يكون فردياً، بمعنى أن نستبدل مقولة علاج المرضى بعبارة: علاج المريض، فحاجات مريض سكري ما قد تكون مختلفة عن حاجات مريض سكري آخر. في كل حال، أصبح هناك بحسب شاربونيل علاجات يمكن أن تؤخذ مرة واحدة يومياً، توصف لعلاج البالغين المصابين بداء السكري من النوع الثاني بهدف التحكم بسكر الدم لديهم بالإضافة الى أدوية مخفضة لسكر الدم تؤخذ عن طريق الفم أو مع الأنسولين.
مرضى سكري؟ معدل السكري على الريق ممتاز لكن مخزون السكري في اجسامكم اعلى من سبعة؟
ثمة خلل ما تواجهونه. ثمة حقيقة جديدة يفترض ان تعرفوها. السكري المضبوط نسبياً على الريق ليس معناه انكم في منأى عن براثن تعقيدات السكري. السكري بعد الطعام قد يكون «يلعب لعبته» و«يسرح ويمرح» في اجسادكم  وأنتم مطمئنون! لا، لا تضعوا أكفكم في المياه الباردة ولا تذهبوا ضحية الجهل في التعامل مع داء السكري. السكر لا يكون مضبوطاً إلا إذا كان كذلك كل النهار، قبل الطعام وبعد الطعام، وقد انشغل العلم بهذه الحقيقة في الآونة الأخيرة وبات هناك علاج. إسألوا أطبائكم عن السكري بعد الطعام واسألوهم عن العلاج. أولم تسمعوا بمقولة: كن طبيب نفسك؟ وكم من تلميذ تفوق على أستاذه…   

نوال نصر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق