سياسة لبنانيةلبنانيات

الانهيار السياسي يسابق الانهيار المالي والاقتصادي ويرسم صورة سوداء في نهاية العام

القصر الجمهوري غارق في الفراغ والحكومة معطلة والامن يهتز بفعل حادث خطير ضد اليونيفيل

الانهيار السياسي يسابق الانهيار المالي والاقتصادي، وكلاهما يلتقيان عند هدف واحد، تدمير البلد والمواطنين على حد سواء خدمة لطبقة سياسية لا تهتم الا بنفسها وبمصالحها الخاصة بعيداً عن المصلحة العامة.
المجلس النيابي تعب من كثرة العمل، خصوصاً انه فشل في انتخاب رئيس للجمهورية بعد عشر جلسات، كانت اشبه بحلقات مسرحية فولكلورية، لم تهدف ولا مرة الى انتخاب رئيس. وكذلك فشل في التوصل الى اتفاق حول الكابيتال كونترول، وارجأه ريثما تتم اعادة هيكلة المصارف. والحكومة معطلة بفعل الكيدية وسياسة التحدي المشتعلة بين الرئيس نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر، وعلى كل حال هذه الحكومة منذ تشكيلها، وكانت كاملة المواصفات، لم تحقق انجازاً واحداً يخدم المواطن ولا اقرت الاصلاحات شرط المجتمع العربي والدولي لمساعدة لبنان على النهوض من كبوته، ولا وضعت حداً للانهيار الحاصل، وكأنها تخلت عن واجباتها اسوة بالمجلس النيابي. فتركت الدولار يطير ويحلق حتى وصل الى ابواب الخمسين الف ليرة، وهي واقفة تتفرج ولم تتخذ تدبيراً واحداً يضع حداً لهذا التدهور. بل انه عمدت الى اغراق المواطنين بالضرائب والرسوم بشكل عشوائي. فدمرت الحياة العائلية.
يبدأ الاسبوع وكأن كل القطاعات اخذت اجازة، متذرعة بعطلة الاعياد، فكأن البلد بالف خير والوضع يحتمل التأجيل. انه وضع مأساوي يعكس عدم مسؤولية هذه الطبقة السياسية. ويبدو ان الفراغ سيطول والوضع الى مزيد من التأزم. اللجنة التي شكلها الاجتماع التشاوري لتحديد القضايا الملحة، انتقل اليها صراع التحدي ففشلت في الوصول الى اتفاق وسيعاود الرئيس ميقاتي عقد لقاء تشاوري جديد لبحث الموضوع. وتردد ان الاجتماع الذي كان مقرراً اليوم الغي.
هذا التقاعس والتخبط السياسي يعكسان الفشل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة قادرة على انجاز الاصلاحات. وعلى المعنيين بالشأن اللبناني اخذ العبرة، بعدما ثبت ان حكومة يختار وزراءها السياسيون المتسلطون على البلد لا يمكن ان تنتج، وسيكون مصيرها الافلاس، لان اول عمل يتوجب عليها القيام به هو خدمة الذين اختاروها وشكلوها حتى ولو تعارضت مصالحهم مع مصلحة البلد. والمؤسف ان الدول المهتمة بالشأن اللبناني حريصة على البلد اكثر من مسؤوليه. فالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بحث الملف مع امير قطر وهو الاخر مهتم بدوره بلبنان. وسيطرح الرئيس الفرنسي الوضع اللبناني في قمة عمان التي ستعقد هذا الاسبوع من اجل العراق، كما انه على اتصال وتشاور مع المسؤولين السعوديين الذين يرفضون الترقيع ويشترطون للعودة الى الاهتمام بالشأن اللبناني تطبيق الشروط التي حملها وزير خارجية الكويت، والتي اعادت السفراء العرب الى بيروت ولكن الحكومة لم تنفذها.
كذلك وجه رئيس اللجنة الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي وعدد من النواب رسالة الى وزير الخارجية الاميركية ووزيرة الخزانة، طالبوا فيها ادارة الرئيس بايدن بالتدخل للضغط على السياسيين اللبنانيين بما في ذلك استخدام العقوبات لحملهم على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة وقادرة، بعيدة عن اي تدخل خارجي، لتنفيذ الاصلاحات. وطالبت الرسالة الرئيس الاميركي بالتعاون مع الاصدقاء الاوروبيين لدعم سيادة لبنان واستقلاله ودفع النواب المعرقلين انتخاب الرئيس للكف عن التلاعب بمصير البلد.
هذا الوضع السياسي المهترىء كان ينقصه الحادث الامني الخطير الذي وقع في العاقبية بجنوب لبنان، عندما اعترضت مجموعة من الشبان سيارة للقوات الدولية خرجت عن الطريق، واطلقوا عليها النيران فقتل احد الجنود الايرلنديين واصطدمت سيارته بحائط فاسفر عن اصابة ثلاثة جنود اخرين من الجنسية عينها، جروح احدهم خطرة. هذه الحادثة اثارت المسؤولين جميعاً فهرع رئيس الحكومة وقائد الجيش الى الناقورة، حيث قدما التعازي لقائد القوات الدولية، كما اوفد رئيس المجلس النيابي نبيه بري رئيس واعضاء لجنة الشؤون الخارجية لتقديم التعازي. وشهدت الناقورة حركة ناشطة ومتواصلة لوفود معزية.
الجيش اللبناني تولى التحقيق بسرية تامة بناء على تقارير قدمتها الشرطة العسكرية حول الحادث، وهو ينتظر تقرير الطبيب الشرعي، ولم يستمع بعد الى الجرحى ريثما تتحسن حالتهم الصحية. بدورها قوات اليونيفيل تقوم بتحقيق منفرد لجلاء الحقيقة. وتقديم مطلقي النار الى المحاكمة. والغريب انه رغم كل هذا الاستنفار لم يتم توقيف احد بعد. وهنا بدأت الشكوك بالا يتوصل التحقيق الى كشف الفاعلين، على عكس ما تطالب به ايرلندا والامم المتحدة والدول المساهمة في اليونيفيل، والتي تصر كلها على اعتقال الفاعلين وتقديمهم للعدالة. وارسلت ايرلندا وفداً من المحققين الى لبنان، لاجراء التحقيق بالتعاون مع اليونيفيل والجيش اللبناني، فهل يتم كشف ملابسات الجريمة ام ان مصيرها سيكون اشبه بمصير انفجار المرفأ؟ على كل حال الجهات الدولية المعنية مصرة على معرفة الحقيقة، واي فشل ستكون له انعكاسات ربما على وجود اليونيفيل في الجنوب اللبناني. فهل يحتمل لبنان بعد المزيد من الكوارث تنزل على رأس المواطنين ويدفعون وحدهم ثمنها؟
المهم ان كل شيء معطل والسنة تقفل كما بدأت على صفحة سوداء على امل ان تحمل السنة الجديدة رئيساً بالمواصفات المطلوبة ويكون قادراً على فتح كل الملفات ويعيد لبنان الى ما كان عليه ايام العز والحرية بعيداً عن التدخلات الخارجية. وعلى امل ان يكون ولاء المواطنين جميعاً للبنان وحده وهذا كفيل باصلاح ما تهدم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق