وفاة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أثناء المحاكمة

وزارة الداخلية تعلن الاستنفار العام ولا سيما في الشرقية
توفي الرئيس المصري السابق محمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب ديمقراطياً في تاريخ مصر الحديث، اليوم الاثنين عن عمر يناهز 68 عاماً في قاعة محكمة أثناء النظر في قضية متهم فيها بالتخابر.
وقال التلفزيون الرسمي نقلاً عن مصدر طبي يوم الاثنين إن مرسي توفي إثر نوبة قلبية مفاجئة خلال جلسة محاكمته.
وقال المصدر إن مرسي، الذي كان يعاني من ورم حميد، كان يتلقى الرعاية الصحية المستمرة.
ومرسي، احدى أبرز الشخصيات في جماعة الإخوان التي باتت محظورة، مسجون منذ أطاحه الجيش في 2013 بعد عام تقريباً في السلطة، في أعقاب احتجاجات حاشدة على حكمه.
ووصفت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة التي ينتمي إليها مرسي الوفاة بأنها «جريمة مكتملة الأركان» ودعت الحشود للتجمع في جنازته في مصر وأمام السفارات المصرية في جميع أنحاء العالم.
وقالت النيابة العامة في بيان إن مرسي سقط مغشياً عليه في قفص الاتهام في قاعة المحكمة بعد فترة قصيرة من إلقاء كلمته.
وتابع البيان أن مرسي «حضر للمستشفى متوفياً في تمام الساعة الرابعة وخمسين دقيقة مساء» بالتوقيت المحلي.
وسبق أن قالت أسرته إن صحته تتدهور في السجن وإنه نادراً ما كان يسمح له بالزيارة.
وقال ابنه عبدالله محمد مرسي لرويترز إنه لم يتم التواصل مع الأسرة بشأن تفاصيل الدفن وإن التواصل يتم مع الأسرة عبر المحامين.
وقال في وقت سابق إن السلطات ترفض السماح بدفنه في مقابر الأسرة بمحافظة الشرقية.
وقال «إحنا مش عارفين أي حاجة. محدش (لا أحد) بيقولنا أي حاجة. إحنا مش عارفين هيخلونا نغسله ولا نصلي عليه ولا لأ».
وفي وقت لاحق اعلن على صفحته على فايسبوك ان والده دفن في مقبرة مرشدي جماعة الاخوان المسلمين في احدى ضواحي القاهرة وان الدفن تم بحضور اسرته.
ودعت منظمة العفو الدولية إلى تحقيق «محايد وشامل وشفاف في ملابسات وفاته».
وقالت المنظمة في بيان «إن نبأ وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي في المحكمة اليوم يثير صدمة عميقة ويثير تساؤلات جدية حول معاملته في الحجز… السلطات المصرية تتحمل مسؤولية ضمان تلقيه، كمحتجز، الرعاية الطبية المناسبة».
وأدان النائب البريطاني كريسبين بلانت، الذي قاد وفداً من المشرعين والمحامين البريطانيين العام الماضي في وضع تقرير عن حبس مرسي، الظروف التي كان الرئيس السابق محتجزاً فيها.
وقال في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) «نريد أن نفهم إن كانت هناك أي تغييرات في أوضاعه منذ وضعنا تقريرنا في اذار (مارس) 2018، وفي حال كان محبوسا في الظروف التي وجدناه عليها، فأخشى أن الحكومة المصرية مسؤولة على الأرجح عن وفاته قبل الأوان».
عقود من القمع
بعد عقود من القمع تحت حكم رؤساء مستبدين، فازت جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت الرئيس حسني مبارك في 2011.
وانتخب مرسي في 2012 في أول انتخابات رئاسية حرة تجريها مصر، بعد أن دخل السباق في اللحظات الأخيرة مع استبعاد الملياردير خيرت الشاطر، المرشح المفضل للإخوان، بسبب مشكلة فنية.
ومثل انتصاره تغييراً جذرياً عن الحكام العسكريين الذين حكموا مصر منذ اطاحة الملكية في عام 1952.
ووعد مرسي بأجندة إسلامية معتدلة تقود مصر إلى حقبة ديمقراطية جديدة تحل فيها حكومة شفافة محل حكم الفرد المطلق وتحترم حقوق الإنسان وتعيد أمجاد بلد عربي قوي يشهد تراجعاً منذ فترة طويلة.
لكن الحماسة التي قوبلت بها نهاية حقبة الرؤساء الذين يحكمون مثل الفراعنة لم تدم طويلاً.
وقال مرسي، المهندس الذي ولد عام 1951 في الأيام الأخيرة للملكية، للمصريين إنه سيحقق «نهضة مصرية على أساس إسلامي».
لكنه بدلاً من ذلك أثار استياء الملايين الذين اتهموه باغتصاب سلطات غير محدودة، وفرض تفسير الإخوان المحافظ للإسلام وإساءة إدارة الاقتصاد، وهي اتهامات نفاها كلها.
حالة قلق
قالت مصادر أمنية إن وزارة الداخلية أعلنت حالة الاستنفار الأمني يوم الاثنين ولا سيما في الشرقية.
وكان مرسي يحضر جلسة في محاكمته بتهم التخابر في ما يتصل باتصالات مشتبه بها مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المرتبطة بالإخوان.
وقال مصدر كان في المحكمة آنذاك لرويترز إن مرسي تحدث لمدة 15 دقيقة واختتم بكلامه ببيت من الشعر عن حبه لمصر قبل أن يسقط مغشياً عليه بينما أخذ متهمون آخرون يدقون القفص المصنوع من الزجاج المضاد للرصاص.
ونقل جثمانه إلى مستشفى سجن طرة حسبما أفاد التلفزيون الرسمي. وأحيط السجن بتواجد أمني مكثف مساء الاثنين.
وقال المحامي عبد المنعم عبد المقصود الموكل عن مرسى لرويترز «الرئيس مرسي منذ فترة وهو مريض وتقدمنا كثيراً بطلبات لعلاجه بعضها تم الاستجابة له وبعضها لا».
ونعاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلاً «لقد أصبح شهيداً اليوم بأمر الله… أقدم العزاء إلى كل الإخوة الذين ساروا مثله على الدرب عينه. وإلى كل الشعب المصري. أعزي أسرته وأحباءه».
كما نعاه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في تغريدة على تويتر قائلاً «تلقينا ببالغ الأسى نبأ الوفاة المفاجئة للرئيس السابق الدكتور محمد مرسي… أتقدم إلى عائلته وإلى الشعب المصري الشقيق بخالص العزاء… إنا لله وإنا إليه راجعون».
وقالت حماس إن مرسي «خدم مصر والأمة (الإسلامية) والقضية الفلسطينية».
وأوردت وسائل إعلام رسمية مصرية تقارير مقتضبة عن وفاة مرسي لم يُذكر فيها منصبه كرئيس سابق للبلاد.
ولد مرسي في آب (اغسطس) 1951 لعائلة مصرية بسيطة بقرية العدوة في محافظة الشرقية شمال شرقي القاهرة وحصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة عام 1975 ثم ماجستير في هندسة الفلزات من الجامعة نفسها عام 1978 كما حصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1982.
كما عمل أستاذا ورئيسا لقسم هندسة المواد بكلية الهندسة جامعة الزقازيق من عام 1985 وحتى عام 2010.
ولمرسي خبرة برلمانية إذ ترأس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب في الدورة البرلمانية من 2000 إلى 2005 لكنه خسر في انتخابات 2005 التي شابتها اتهامات بالتزوير.
رويترز