سياسة لبنانيةلبنانيات

اللجان النيابية المشتركة تناقش «الكابيتال كونترول» والعين على اموال المودعين

صندوق النقد الدولي لا تهمه صرخة الشعوب بل كيف يسترجع امواله

اول عمل سياسي بعد العودة من عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، تمثل في مسارعة اللجان النيابية المشتركة الى مناقشة مواد قانون الكابيتال كونترول، الذي رفعته الحكومة الى المجلس النيابي. وانقسمت الاراء حول امور عدة، اولها ان فريقاً من النواب بدا مستعجلاً لاقرار القانون واحالته الى المجلس النيابي، فيما الفريق الاخر كان يميل الى التروي واجراء المناقشة الهادئة. وفي هذه الاجواء توصلت اللجان الى اقرار المادة المتعلقة باللجنة الاستثنائية المشرفة بعد ادخال تعديلات عليها، وقد تمت الموافقة عليها بالاجماع. وبدل ان كانت هذه اللجنة برئاسة وزير المال وتمنحه صلاحيات مطلقة تجعل منه سوبر وزير، اصبحت برئاسة رئيس الحكومة، على ان تصدر الحكومة المراسيم التطبيقية وتتولى اللجنة تنفيذها. واصبحت اللجنة التي تتمتع بصلاحيات استثنائية تضم الى جانب رئيس الحكومة وزير المالية ووزيري الاقتصاد والتجارة والعدل وحاكم مصرف لبنان. وفي حال الحاجة تلجأ الى الاستعانة بقضاة وخبراء اقتصاديين وماليين يتم تعيينهم بقرار من مجلس الوزراء، بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء. وتناولت المناقشات مواد اخرى في المشروع ولم تحظ كلها بالتوافق بل سادتها خلافات متعددة.
في هذا الوقت كانت جمعية المصارف تزور رئيس مجلس الوزراء في السراي الحكومي، وتبحث معه موضوع الكابيتال كونترول. وقد ابدت اعتراضها على الاقتراح المقدم من صندوق النقد الدولي، والمتعلق بالخسائر وارقامها وكيفية توزيعها. ومن المعروف ان الصندوق لا تهمه مصلحة الشعوب لدى مناقشة منح قروض، بقدر ما تهمه كيفية ضمان استرجاع امواله. لذلك تأتي بعض الشروط التي يفرضها على الحكومات ضد مصلحة شعوبها. وبناء على ذلك فقد اقترح على الحكومة اللبنانية الا تتحمل هي الخسائر وان كانت هي والحكومات السابقة التي هدرت وبددت، حتى تتمكن من النهوض بالاقتصاد والايفاء بالتزاماتها، وبالتالي فهو يقصد تحميل العبء للمصارف والمودعين. وبما ان اصحاب الاموال هم الحلقة الاضعف فانهم سيتحملون القسط الاوفر من الخسائر، رغم ان لا دخل لهم، لا في الهدر ولا في الصفقات المشبوهة. وخوفاً من ان تتحمل نسبة كبيرة من الخسائر رفضت جمعية المصارف الموافقة على الاقتراح وابلغت رفضها لرئيس الحكومة.
التصريحات الرسمية كلها تعلن غير ما تضمر. فهي تؤكد ان مصلحة المودعين تهمها وهي فوق كل اعتبار. وهذا ما اكد عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي قال ان الكابيتال كونترول هو لحماية المودعين وودائعهم، وكل ما يشاع في هذا المجال لا صحة له. فهل هذه التصريحات هي من باب التهدئة ليس الا؟ الايام المقبلة ستكشف الحقائق كلها.
مصادر اقتصادية محايدة علقت على الموضوع فقالت في كل يوم يتحدثون عن ملايين ومليارات هدرت في بعض الوزارات والصناديق، دون ان تحرك الجهات القضائية او الرسمية ساكناً. فلماذا لا تلاحق هذه الصفقات ويكشف القائمون بها، فتستعيد الدولة اموالها ولا تعود بحاجة لا الى صندوق النقد الدولي، ولا الى غيره من الجهات المانحة. فلبنان لديه الكثير من الامكانيات ولكن المسؤولية غائبة، والطبقة السياسية، وهي اساس العلة، لا تريد محاسبة نفسها. فتلجأ الى الطرق السهلة وهي الاستدانة والاستقراض، ولو كان ذلك على حساب المواطن. فالمحاسبة في لبنان معدومة. اين مجلس النواب، اين النواب الذين لا يراقبون عمل السلطة التنفيذية، اين القضاء وقد هيمنوا عليه سياسياً ومنعوه من التحرك.
وفيما كانت جلسة اللجان المشتركة منعقدة، تحركت نقابات المهن الحرة واعلنت الاضراب الرمزي والاعتصام، رافضة باي شكل من الاشكال المس بالودائع، التي هي حصيلة سنوات طويلة من الجهد والعمل المتواصل لترتيب شؤون المنضوين تحت لوائها. قد تكون الحكومة مستخفة بما يمكن ان يقوم به اصحاب الودائع، ولكنها لو قرأت بتمعن بيان «صرخة المودعين» الذي صدر الاسبوع الماضي لادركت، انها بالمس بالودائع، تؤسس لثورة لن تكون سلمية كثورة 17 تشرين، بل ستتخطاها بكثير. فعلى امل ان يسود العقل ويتحمل كل طرف مسؤولياته، فلا يلقيها على الاخرين، يبقى القلق مسيطراً طالما ان هذه المنظومة التي هي سبب كل هذه المصائب، باقية في مواقعها. فهل يتحمل الشعب مسؤوليته الكاملة هذه المرة امام صندوق الاقتراع؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق