الحريري: لم نتأخر في إقرار الموازنة لأنها ليست عملاً عادياً والاسبوع المقبل الى المجلس النيابي
أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن «العمل على موازنة العام 2019، ليس عملاً عادياً، لأننا نعمل على وضع الأسس الكاملة لإصلاح مالي جدي، للسنوات الخمس المقبلة، ووضع المبادئ التي يجب أن يتم اعتمادها، في موازنتي العامين 2020 و2021 أيضاً»، آملا أن «يكون الأسبوع المقبل، أسبوع إحالة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب».
وقال: «إن الأمور باتت في حاجة إلى قرار، ومجلس الوزراء موجود ليأخذ قراراً، وليقول لكل اللبنانيين إنه «لدينا فرصة لن تضيع، ولدينا خريطة طريق لوقف الهدر وضبط الإنفاق وتحقيق الإصلاحات».
ورأى أن «اقتصادنا دفع ثمن التأجيل والتردد والهروب من الإصلاحات، على مدى سنين طويلة. والآن وصلنا إلى حائط لا مجال إلا أن نكسره، وندخل إلى إصلاحات جدية وسياسات مالية واقتصادية، تساهم في تخفيض العجز ومعالجة الدين ووقف الهدر»، مؤكداً «هكذا نحمي الاقتصاد، ونحمي ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، وهكذا نحافظ على كرامة العيش لكل اللبنانيين».
وشدد على أن «كرامة كل لبناني هي من كرامة العرب، والإساءة لأي دولة عربية هي إساءة للبنان»، لافتاً إلى أن «التوافق على النأي بالنفس وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، كان هدفه حماية لبنان من صراعات المنطقة. والإصرار على خرق النأي بالنفس، دعوة مباشرة إلى ضرب مصالح لبنان واللبنانيين في الدول العربية».
مواقف الحريري، جاءت خلال كلمة ألقاها غروبامس، في حفل الإفطار المركزي، الذي دعا إليه تيار «المستقبل» في بيروت والمناطق كافة.
قال: «كنت قد خططت أن أمضي رمضان هذه السنة في المناطق، لكن ضغوط العمل قطعت علي الطريق، وأنتم ترون أننا ما زلنا نعمل على إنجاز الموازنة ليل نهار، والعمل في الأساس هدفه الانطلاق ببرامج التنمية والاستثمار وتطوير الخدمات في كل لبنان. تيار المستقبل يشكل حجر الزاوية في هذه البرامج، لأنه إذا ما تحدثتم عن البيان الوزاري وبرامج الإصلاح والتطوير وضبط الإنفاق، تستطيعون القول إن هذا هو برنامج تيار المستقبل. وإذا ما تحدثتم عن مؤتمر سيدر والدعم المقرر لبرامج الاستثمار في البلد، فتستطيعون القول ورأسكم مرفوع: هذا عمل تيار المستقبل. أنتم في صلب عملية النهوض الاقتصادي، وأنتم في الخط الأمامي لتحقيق الإصلاحات، وتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين».
وتابع: «90% من جمهور تيار المستقبل، هم من الفقراء وذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، والتيار معني بأن يحمي حقوقهم بالدرجة الأولى، سواء كانوا موظفين في الدولة أم عاملين في القطاع الخاص. ولنحمي حقوق الناس، لا يمكن أن نبقى نعيش في دولة «كل مين إيدو إلو». الدولة ليست بقرة حلوب، مثلما كان يقول الرئيس الياس الهراوي، رحمه الله. هناك مشكلة في القطاع العام يدفع ثمنها باقي اللبنانيين. نعم هناك مشكلة في القطاع العام، ولم يعد باستطاعتنا أن نختبئ وراء إصبعنا، والرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله، تحدث عنها بالتفصيل سنة 1999.
من يرغب أن يتذكر، ومن يرغب أن يعرف، ومن يتحدث اليوم عن المشاكل الاقتصادية والمالية والهدر والفساد وضرورة الإصلاح الإداري، نقول له عد إلى الأرقام والوقائع التي قدمها الرئيس رفيق الحريري. في كتيب أعده الشهيد عنوانه «الحكم والمسؤولية»، طلبت أنا إعادة طباعته، لأن الكلام نفسه، الذي نقوله اليوم في مجلس الوزراء ومجلس النواب، قاله رفيق الحريري قبل عشرين سنة. في حينه، لم يكن أحد يرغب في السماع، وكثر كان كل همهم كيف «يحرتقوا» على رفيق الحريري».
واستدرك: «لكن اليوم، لا مجال إلا أن يسمع الجميع ويرى ويشارك في القرار. نحن لسنا راكضين لأخذ أفضلية في الحديث عن حل للمشاكل، رأينا معروف ومكتوب، واقتراحاتنا واضحة وموجودة على الطاولة. المهم أن نتفق على إجراءات لم تعد هناك إمكانية للتهرب منها. وللأمانة، هناك إجماع على توصيف المرض، وهناك شبه إجماع على العلاج، فالكل يقول بضرورة تخفيض الهدر والإنفاق. وهناك أيضاً اقتراحات جريئة ومسؤولة تطرح على الطاولة، لكن لا بد من اتخاذ القرار. نحن كتيار مستقبل نعرف ماذا نريد، نريد أن نضع يدنا بيد الجميع، لأنني أقول لكم بكل صراحة، إذا اعتقد أحد أن تيار المستقبل وحده يستطيع أن يحل هذه المشكلة، فلا. الجميع مجتمعون يستطيعون أن يحلوا المشكلة».
وأردف: «البعض يرى أننا تأخرنا في إقرار الموازنة، وأن مناقشات مجلس الوزراء تكرر نفسها. بكل صراحة، يهمني أن يعرف الجميع أن العمل على موازنة العام 2019 ليس عملاً عادياً. فنحن نعمل على وضع الأسس الكاملة لإصلاح مالي جدي للسنوات الخمس المقبلة، ووضع المبادئ التي يجب أن يتم اعتمادها في موازنتي العامين 2020 و2021 أيضاً وما بعدهما»، آملاً أن «تعطي جلسة اليوم دفعا بهذا الاتجاه، وأن يكون الأسبوع المقبل أسبوع إحالة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب»، مؤكداً أن «الأمور باتت في حاجة إلى قرار، ومجلس الوزراء موجود ليأخذ قراراً، وليقول لكل اللبنانيين إنه لدينا فرصة لن تضيع، ولدينا خريطة طريق لوقف الهدر وضبط الإنفاق وتحقيق الإصلاحات».
وقال: «هناك مثل يقول: «وجع يوم، ولا وجع كل يوم». وما نستطيع القيام به الآن، يجب ألا يتم تأجيله. اقتصادنا دفع ثمن التأجيل والتردد والهروب من الإصلاحات، على مدى سنين طويلة. والآن وصلنا إلى حائط لا مجال إلا أن نكسره، وندخل إلى إصلاحات جدية وسياسات مالية واقتصادية، تساهم في تخفيض العجز ومعالجة الدين ووقف الهدر. هكذا نحمي الاقتصاد، ونحمي ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، وهكذا نحافظ على كرامة العيش لكل اللبنانيين».
أضاف: «على ذكر كرامة اللبنانيين، أريد أن أتحدث عن شعوري الشخصي، تجاه التعرض البشع والمرفوض لروح بطريرك كل لبنان، الكاردينال المرحوم مار نصر الله بطرس صفير: بصفتي مسلماً، وفي شهر رمضان أيضاً، شعرت بالإهانة كإخواني الموارنة، وربما أكثر. وبصفتي لبنانياً، شعرت بالخجل، أن في بلدي أشخاصاً يفكرون بهذه الطريقة، ويخرج منهم مثل هذا الكلام. وبصفتي إنساناً، تذكرت أن من شروط الإنسانية إدراك معنى الموت، وحرمة الموت، ومن شروطها أيضاً، أن نحسب حساباً لشعور البشر تجاه ما نقوله، بالخاص أو بالعام. وأيضاً على ذكر كرامة اللبنانيين، من الضروري أن نقول اليوم، إن كرامة كل لبناني، هي من كرامة العرب، والإساءة لأي دولة عربية هي إساءة للبنان. التوافق على النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، كان هدفه حماية لبنان من صراعات المنطقة. والإصرار على خرق النأي بالنفس دعوة مباشرة لضرب مصالح لبنان واللبنانيين بالدول العربية».
وتابع: «جميعنا نرى أجواء التوتر في المنطقة، ونرى الاعتداءات التي تستهدف الإمارات والسعودية. لا تنقص لبنان مواقف تهدد مصالحه الاقتصادية، وتهدد علاقاته مع أشقاء، كل تاريخهم معنا تاريخ دعم واحتضان للبنانيين من كل الطوائف. الإهانة تجر إهانة، والتهجم يجر تهجما. هذه حلقة لا تنتهي، وإذا كان مطلوباً من أحد أن يقدم فواتير لدول خارجية، ليقدمها من حساب هذه الدول وليس من حساب اللبنانيين».
وقال مخاطباً مناصريه: «أنتم التيار الذي وقف دائماً مع الرئيس الشهيد ومعي، وخصوصاً في الانتخابات الأخيرة. من هنا أشكركم من كل قلبي على العمل الذي تقومون به، وأقول لكم إنه علينا أن نعمل أكثر، ونتواضع أكثر، ونتعامل بالحسنى مع الآخرين، ونصبر ونعمل، وكلما واجهتم حائطاً مسدوداً، فإن هذا لا يعني أنه نهاية الطريق، يمكنكم أن تلتفوا حول هذا الحائط وتجدوا طريقاً آخر وتحاولون فتح باب فيه، لكي نكمل كما كان الشهيد رفيق الحريري يفعل».
وبعد أن سأل «فمن أين بدأ رفيق الحريري؟»، قال: «بالأمس، كان لدي شبان وأولاد من دار الأيتام ومدارس عدة. رفيق الحريري ولد في أسرة بسيطة، ولم يكن لديه شيء، وأنتم رأيتم إلى أين وصل. أنا لن أخبركم، فأنا ابنه وشهادتي فيه مجروحة، لكنكم أنتم رأيتم. كل واحد وواحدة فيكم يستطيع أن يجتهد، لكن يجب أن نعمل معاً ونكون فريقاً واحداً. علينا أن ننتهي من آفة أن كل شخص يريد أن يكون زعيماً. ليس هناك زعامة. القصة ليست قصة زعامة، القصة قصة بلد، الحكاية حكاية بلد».
أضاف: «بعد مائة سنة من اليوم، سيتذكرون حكاية عن رفيق الحريري، الذي أنجز ما أنجز في لبنان. سيتحدثون عن الشخص، كيف كان وكيف أصبح وماذا فعل، وكيف ألهم كل هؤلاء الشباب، لكن هذا الإلهام لا يكون بأن يعمل كل منهم وحده. فرفيق الحريري لم يعمل وحيداً، بل هناك الكثير من أصدقائه اليوم هنا، هذا نهاد وذاك محمد وعمتي بهية وريا ومحمد السماك والمفتي، جميعهم كانوا يعملون مع رفيق الحريري، الذي لم يكن شخصاً يعمل وحده، بل كان يعمل كفريق، وكل شخص معه كان يحصل على تقدير لعمله. من هنا، كل ما أطلبه منكم هو ألا تعتبروا الأمر شخصياً لكم ولا حتى لي أنا، بل المسألة هي مسألة لبنان وكيف سنعيد إعماره».