رئيسيسياسة عربية

ليبيا: حل الميليشيات واخلاء طرابلس من السلاح

شهدت الساحة الليبية، ولا تزال دعوات مكثفة من اجل «التمرد» على نظام الحكم، ومؤسساته، ضمن اطار محاولة لتتبع ما حدث في مصر مؤخراً، وكانت نتيجته اطاحة نظام الرئيس محمد مرسي. واللافت هنا ان تلك الدعوات تحاول تقصي ما حدث في القاهرة حرفياً، بما في ذلك تأسيس حركة يطلق عليها حركة «تمرد».

يبدو ان الفارق الوحيد بين الحالتين المصرية التي حدثت، واكتمل نضجها نسبياً، والليبية التي لا تزال مجرد مشروع في اذهان اصحابه، هو الجيش الذي كان وما زال مختلفاً في الحالتين.
ووسط تلك الدعوات بدا الحزبان الرئيسيان في ليبيا اللذان يهيمنان على المؤتمر الوطني العام متخوفين من انتقال عدوى التمرد من مصر إلى ليبيا. وبالتالي فقد باشرا التحرك لمواجهة الخطر المحتمل، ومن اجل ألا يكونا هدفاً للمحتجين الليبيين.
وفي هذا السياق، تم إطلاق صفحات جديدة على فايسبوك مثل «حركة الرفض» الليبية التي كانت جمعت تسعة آلاف عضو حتى الاسبوع الفائت، و«حركة تمرد ليبيا الجديدة لاسقاط الاحزاب» (اكثر من خمسة آلاف عضو)، حيث تطالب بحل الاحزاب والميليشيات المسلحة.
ومن الواضح أنها تقتفي اثر حركة تمرد المصرية التي دعت في الثلاثين من حزيران (يونيو) الماضي إلى النزول إلى الشارع احتجاجاً على سياسة الرئيس مرسي، ما دفع الجيش إلى اطاحته.
ويعتبر هؤلاء الناشطون أن النزاع على السلطة بين الحزبين المتنافسين «تحالف القوى الوطنية الليبرالي»، و«حزب العدالة والبناء» الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين، ادى إلى شل اعمال المؤتمر الوطني العام وتأخير صياغة الدستور.
ويتبادل هذان الحزبان التهم باللجوء إلى الميليشيات لتعزيز موقع كل منهما في السلطة.
وكان الليبيون انتخبوا في السابع من تموز (يوليو) 2012 اعضاء المؤتمر الوطني العام الذي بات السلطة العليا في البلاد ومن مهامه إجراء انتخابات عامة خلال 18 شهراً بعد الانتهاء من صياغة دستور جديد للبلاد لمرحلة ما بعد القذافي.
الحكومة من جهتها، بدأت تستشعر الخطر المقبل، وتتهيأ لما يمكن ان يحدث. وفي هذا السياق، اطلقت جملة من المحاولات الهادفة الى تنقية الساحة من كل عناصر التفجير وخصوصاً السلاح. مع ان بعض التحليلات ترى ان ما اطلق لا يتجاوز الشعارات المستحيلة التطبيق.

حل الميليشيات
وفي هذا السياق، قال وزير العدل الليبي صلاح الميرغني ان الحكومة الليبية مصممة على حل جميع المليشيات والكتائب التابعة لثوار سابقين وذلك غداة هجوم جديد لمجموعة مسلحة على مباني وزارة الداخلية في طرابلس التي لا تزال محاصرة.
وقال الوزير في مؤتمر صحافي: «ان وجود كتائب وتشكيلات مسلحة اخرى، لا تأتمر بأوامر وزارتي الداخلية والعدل، يزيد من انفلات الامن.
واضاف: «ان سياسة الحكومة تتمثل بحل جميع هذه المليشيات بلا تمييز» مشيراً الى ان ذلك هو الضمانة الوحيدة لتنفيذ قرار المؤتمر الوطني العام، باخراج الكتائب غير الشرعية من العاصمة.
وقال ان الحكومة شكلت لجنتين احداهما كلفت بحل ازمة وزارة الداخلية دون ان يقدم تفاصيل بشأن طبيعة هذه الازمة بيد انه اوضح ان هذه اللجنة تتكون من ثلاثة وزراء وستنكب على حل الازمة بما يتيح للوزارة استئناف انشطتها. اما اللجنة الثانية فقد  كلفت بوضع آليات لحل هذه الكتائب بلا تمييز، مؤكداً انه لن يسمح الا بوجود اجهزة الجيش والشرطة.
وحول الوسائل التي تملكها الحكومة لتنفيذ سياستها اقر الوزير ان السلطات لا تملك الا قوة القانون في مسعاها لمكافحة قانون القوة.
من جهة اخرى ارتفعت حصيلة الاعتداء بسيارة مفخخة قرب دورية للقوات الخاصة للجيش الليبي ببنغازي الى سبعة قتلى بين الجنود، بحسب ما اعلن بيان لاجهزة الامن في هذه المدينة. وكثيراً ما تلجأ السلطات الليبية التي تواجه صعوبات في اقامة جيش وشرطة احترافيين، الى الثوار السابقين للحفاظ على الامن، لكنها لم تتمكن من السيطرة على هذه الكتائب.
وبموازاة ذلك، اعلن رئيس الحكومة الليبية المؤقتة علي زيدان ان قرار اخلاء العاصمة الليبية طرابلس من المظاهر المسلحة سيتم تطبيقه ولن يستثنى منه احد، لافتاً الى ان حمل السلاح سيكون محصوراً برجال الجيش والشرطة النظاميين.

نزع السلاح
وقال زيدان في مؤتمر صحافي بث عبر التلفزيون الرسمي الليبي ان قرار اخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة سيطبق على كل الكتائب الموجودة في العاصمة سواء كانت منها او قادمة من خارجها ولن يستثنى احد من هذا القرار. مضيفاً ان حمل السلاح سيكون مقتصراً على رجال الجيش والشرطة النظاميين الحاملين لارقام عسكرية ومضبوطين بالقوانين العسكرية والمنظمة لحمل السلاح. واوضح زيدان ان 19500 جندي وشرطي ستتكفل كل من فرنسا وايطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة بتدريبهم خارج ليبيا مع تحمل الدولة الليبية نفقات التدريب، مضيفاً ان هؤلاء الذين سيتم ايفادهم للتدريب خارج ليبيا هم من الثوار الذين يريدون الانضمام الى الجيش والشرطة. واشار الى ان هيئة المحاربين، ووزارة العمل، ووزارة التعليم ستعمل على استيعاب عشرات الآلاف من اعضاء الكتائب والمجموعات الثورية وادماجها في العملية التنموية. واكد ان كل المجموعات والكتائب المسلحة والدروع واللجان الامنية في ليبيا ستحل ويترك الخيار لمنتسبيها الانضمام الى الأمن الوطني او الجيش فرادى». وقال: طلبنا من المؤتمر اعتمادات اضافية للميزانية واذا لم يوافق عليها المؤتمر سنواجه صعوبات في استحقاقات المرحلة.
 وخرج آلاف المواطنين في طرابلس مطالبين بانهاء جميع المظاهر المسلحة، فيما وجه رئيس المؤتمر الوطني العام نوري بوسهمين كلمة للشعب الليبي طالب فيها بالوقوف الى جانب الشرعية المتمثلة في المؤتمر والحكومة المؤقتة. من جهة ثانية، اعلن المجلس الاعلى لامازيغ ليبيا مقاطعته انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الجديد وانسحابه من المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، معترضاً على «التمثيل الشكلي» لمكونات المجتمع في الهيئة التي لم يصادق البرلمان على قانونها بشكله النهائي. وعزا ذلك الى اعلان سابق للمؤتمر الوطني العام يشير الى تمثيل مكونات المجتمع تمثيلاً شكلياً فقط. واعلن قرار المجلس الاعلى لامازيغ ليبيا سحب ممثليه من المؤتمر الوطني العام على الرغم من ان رئيس المؤتمر نوري بو سهمين ينتمي الى هذه الاقلية.

طرابلس – «الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق