سياسة لبنانية

قانون الانتخاب بدأ رحلة العبور الى… المجهول

يقف لبنان على عتبة اسبوع «دراماتيكي» يضج بمنزلقات خطرة تطاول كل شيء… الانتخابات، التحالفات، التوازنات، التركيبة السياسية، المسار الدستوري، تداول السلطة و… ما هو أدهى. لبنان بعد الاسبوع المقبل لن يكون كما قبله، فالمعركة التي لم تكتمل فصولها بعد حول قانون الانتخاب، وضعت البلاد امام اختبار قل نظيره، نتيجة بلوغ المخاض المستمر منذ اسابيع عنق الزجاجة.

«التصدع الوطني» الذي قد ينجم عن المضي قدماً في السير بما يعرف بـ «المشروع الارثوذكسي» يدفع بالمسار الانتخابي – السياسي نحو المجهول بسبب عدم اكتمال نصابه الوطني ولأنه سيكون عرضة للطعن.
والأكثر ريبة هو ان حال «إنعدام الجاذبية» المرشح للبنان بلوغها، تتزامن مع إنكشاف تورط حزب الله، وعلى نطاق غير مسبوق في المعارك العسكرية الدائرة في سوريا الى جانب نظام الرئيس بشار الاسد.
وإقترن إنفضاح هذا الدور مع تقارير تحدثت عن الخروج الضمني للحكومة اللبنانية عن سياسة النأي بالنفس حيال الازمة في سوريا عبر تزويد النظام بالمازوت والغاز والمتفجرات وما شابه.
ولم يقتصر الاداء السلبي للحكومة عند هذا الحد بل اخذ أشكالاً نافرة مع تعريض مكونات اساسية فيها لعلاقات لبنان الخليجية لإختبارات قاسية، كما حصل مع السعودية والبحرين بعد الامارات.
وكما هو الحال في السلوك الخارجي، كان الاداء على المستوى الداخلي مع الاضراب المفتوح للهيئات النقابية، إحتجاجاً على عدم صرف الحكومة «شكاً بلا رصيد» المتمثل بتمويل سلسلة الرتب والرواتب.
هذه الوقائع البانورامية توحي بأن البلاد ذاهبة الى ما لا يحمد عقباه، خصوصاً في ظل التشنج السياسي الـ «ما فوق العادي»، الذي اظهرته اطلالتا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
فالحريري، الذي اطل في الذكرى الثامنة لاغتيال والده رفيق الحريري قال ما اعتبره تصويباً للمشكلة حين رأى ان سلاح حزب الله يشكل أمّ المشاكل في لبنان، داعياً الى التمسك بالمثلث الذهبي: العيش المشترك، حياد لبنان وحصرية السلطة.
اما نصرالله الذي تحدث في ذكرى «القادة الشهداء» من حزبه، فإختار الرد على الحريري عبر اتهامه بأنه كان على استعداد للتسليم بسلاح الحزب مقابل استمراره في السلطة، وبالعمل على تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض.

القانون وما بعده
في ظل هذا المناخ يتجه رئيس البرلمان نبيه بري الى تحديد موعد لإنعقاد جلسة عامة لمجلس النواب لإقرار قانون جديد للانتخاب، بعد مهلة اسبوع  كـ «فرصة اخيرة» للتوافق، بدأ سريانها منذ الثلاثاء الدراماتيكي في اللجان المشتركة.
في ذاك الثلاثاء، الذي اعتبره الحريري «يوماً اسود» وفتحت فيه «زجاجات الشراب» في الرابية، مقر زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون، جرى إقرار مشروع القانون الارثوذكسي في اللجان المشتركة، ايذاناً ببدء العد التنازلي للتصويت عليه في البرلمان.
كما لم يفلح إلحاح كتلة المستقبل ولا إلحاح كتلة جبهة النضال الوطني في انتزاع قرار بتأجيل التصويت على الارثوذكسي 48 ساعة، املاً في التوصل الى توافق ما حول قانون ما، الامر الذي دفع بالمكونين السني والدرزي الى خارج الجلسة، التي زفت في ختامها بشرى اقرار هذا القانون الذي يقضي بانتخاب كل مذهب ديني نوابه وفق النظام النسبي وعلى اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة.
بدا المشهد ثقيلاً وسط الفرز الذي اسفرت عنه جلسة اللجان النيابية المشتركة كما «الضم» الذي عبرت عنه. في الفرز الطائفي خرج السنة والدروز وبقي الشيعة والمسيحيون، وفي «الضم السياسي» بدا بعض 14 اذار، اي القوات اللبنانية والكتائب في محور واحد مع 8 اذار، مقابل خروج بعض 14 اذار، اي تيار المستقبل والنواب المسيحيين المستقلين مع كتلة جنبلاط «الوسطية» الى الخارج.
ولم يكن ادل على هذا «الفرز والضم» من اتصالات التهنئة التي وزعها العماد عون على رئيسي حزب الكتائب امين الجميل وحزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي اوحى عون في ندوته الصحافية بعيد هذا التطور استعداده لما يلزم للحؤول دون عزل خصميه المسيحيين وكأنه يعرض عليهما «اللجوء السياسي» الى الرابية، في محاولة رش المزيد من الملح على الجرح الذي اصاب تحالف 14  اذار.
هذا الجرح البليغ الذي احدثته «السكين الانتخابية» في جسم 14 اذار عبر عنه الحريري عبر «تغريدة» اسرع من البرق، علق فيها على تصويت اللجان المشتركة على الارثوذكسي، فقال: «انه يوم اسود في تاريخ التشريع في لبنان»، قبل ان تطل كتلة المستقبل ببيان «شديد اللهجة» لم يخف المرارة مما حدث، محذرة من الخطر على العيش المشترك ورسالة لبنان والاعتدال.
وبقراءة سياسية اولية لما حدث يوم الثلاثاء الدراماتيكي، يمكن التوقف عند الآتي:
– الفوز «الباهر» الذي حققه تحالف حزب الله والعماد ميشال عون في لحظة «خسارتهما» الاقليمية، نظراً للانهيار المتمادي في المحور السوري – الايراني، وهو الامر الذي يمكنهما من تحقيق انتصارات تعويضية في لبنان.
– الصورة «المشؤومة» لتحالف 14 اذار الذي بدا وكأنه يخسر الانتخابات النيابية قبل ان تجري نتيجة التصدع، الذي يلامس «انكسار الجرة» بين مكوناته، في لحظة صعود لمشروعه الاقليمي.

سيناريوهات
وإذا كانت الوقائع السلبية التي افضت اليها المقاربات المتناقضة لقانون الانتخاب تؤشر الى صعوبة ترميم التصدع الذي اصاب 14اذار، فإن المسار الانتخابي برمته بدا اسير منزلقات خطرة في ضوء مجموعة من السيناريوهات الغامضة التي تحوط الاستحقاق النيابي في حزيران (يونيو) المقبل، ومنها:
– صعوبة التفاهم على صيغة جديدة لقانون الانتخاب في مهلة الاسبوع «الاخيرة» التي حددها الرئيس بري، مما يعني حكماً الذهاب بالارثوذكسي الى الهيئة العامة.
– إمكان وضع المحتجين على الارثوذكسي امام خيارين احلاهما مر بالنسبة اليهم، فإما الارثوذكسي وإما مشروع الرئيس بري القائم على المزاوجة بين الاكثرية والنسبي «نص بنص».
– إحتمال دعوة الهيئة العامة للتصويت على الارثوذكسي ومن ثم رفعها من الرئيس بري لعدم توافر «ميثاقيتها» نتيجة غياب المكونين السني (كتلة المستقبل) والدرزي (كتلة جنبلاط) عنها.
مثل هذه السيناريوهات يضع الانتخابات، وتالياً البلاد امام مأزق كبير، خصوصاً وانه في حال اضطرار بري لتمرير الارثوذكسي نتيجة ضغوط ما، فإن قرار الرئيس سليمان حاسم في رده والطعن به امام المجلس الدستوري، مما يعني حكماً… لا انتخابات.

يغرّد وحيداً
هذا الواقع الداكن كانت سبقته محاولة من 14 آذار لتظهير الحد الادنى من تماسُكها الهشّ في المشهدية التي ارتسمت في الذكرى الثامنة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري والتي انهمك الوسط السياسي اللبناني في عملية تقويم لها من حيث الشكل والمضمون، وسط انطباع عام بانّ إطلالة الرئيس سعد الحريري نقلت الاستحقاق الانتخابي من مجرّد «سباق» على مقاعد نيابية الى وضعه اياه في سياق «المعركة السياسية الكبرى» ومحورها «الثلاثي الذهبي» اي «العيش المشترك والحياد الإيجابي وحصريّة السلطة».
ورغم «المشهد الناقص» الذي أمْلته الظروف الأمنيّة والذي فرض على الرئيس الحريري البقاء خارج لبنان في ذكرى اغتيال والده، وعلى الرئيس أمين الجميّل ورئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع عدم المشاركة في احتفال «البيال»، فان «النصاب المكتمل” سياسياً وحزبياً لقوى 14 آذار في هذه المناسبة بدا في اطار الرغبة في تبديد الانطباعات بان تحالف «ثورة الارز» يقف على «حافة» الانفراط نتيجة الافتراق حول قانون الانتخاب، ولا سيّما ان هذا الفريق اختار من خلال كلمة الحريري كما مداخلة منسّق الأمانة العامة لـ 14 آذار الدكتور فارس سعيد العودة الى «جذور» هذه الحركة الاستقلالية والقواعد التي قامت عليها، ولا سيما لجهة فكرة لبنان «العيش معاً» و«العبور الى الدولة المدنية» والمفاهيم «العابرة للطوائف».
وقد تلقّف الخصوم كما الحلفاء باهتمام مضمون مداخلة الـ 40 دقيقة للحريري الذي خاطب الأقربين والأبعدين بلغة واضحة وحاسمة رسم عبرها «خريطة» المرحلة المقبلة بالنسبة الى 14 آذار وعناوين «البرنامج الانتخابي» بغضّ النظر عن القانون.
وفي هذا الاطار برزت «الرسائل المبطّنة» التي وجّهها للحلفاء على خلفية الاختلافات في مقاربة قانون الانتخاب اذ اعتبر أن 14 آذار «تاريخ أكبر من كل الأحزاب»، مطالباً «بعدم تسليم لبنان لتجار الطائفية والفساد والممانعة»، ومعتبراً «أن شهداء 14 آذار لم يسقطوا من أجل قوانين انتخاب أو مقاعد نيابية أو سلطة»، ولافتاً الى  أنه من «العيب السياسي والوطني أن تصبح الطائفة هي بديل الدولة»، وداعياً إلى العمل للانتقال «إلى مجتمع وطني موحّد، لا أن يبقى لبنان ساحة مفتوحة لسباق الطوائف والمذاهب».
وفي موازاة ذلك، رفع السقف واللهجة الى المستوى الاعلى في مقاربته ملف سلاح حزب الله باعتباره «أم المشاكل» التي تستولد نزاعات وفتناً و«تفريخ» السلاح في الشوارع في غالبية المناطق. وهو اذ اعتبر «مشكلة لبنان بالسلاح غير الشرعي»، لم يميز «بين وظائف إقليمية أو داخلية أو طائفية أو جهادية أو تكفيرية لهذا السلاح».
ولم يتأخر ردّ السيد نصرالله الذي اختار مقطعاً من كلمة الحريري وتحديداً قوله «ان حزب الله يتمسك بمعادلة كل السياسات في خدمة السلاح»، فأكد ان زعيم المستقبل مارس «التحريض على جنبلاط»، وقال: «بعد اسقاط الحكومة السابقة، جاءت المبادرة التركية والقطرية لمعالجة الموضوع، وعملوا مسودة ووافق عليها الحريري وطلبوا منا التوقيع، يومها هل يجوز ان نقول انك انت من عرضت علينا الرشوة ونحن رفضناها؟»، مضيفاً: «في موضوع السلاح في ذلك الاتفاق جاء في النص الذي قُدم لنا ووافقتَ عليه: انهاء ظاهرة انتشار السلاح والجزر الامنية على جميع الاراضي اللبنانية مع فتح هلالين بينهما عبارة: وليس المقصود سلاح حزب الله، انت عرضت علينا حفظ السلاح من اجل ان نقبل بك رئيساً للحكومة ولم نوافق، والسبب في ذلك يعود لحسابات وطنية، ولاننا نريد رئيس حكومة لبنانياً ومقيماً في لبنان».

«حزب الله» في سوريا
وما لم يقله نصرالله في اطلالته «انفجر» اعلامياً غداة خطابه حيث عاد الى الضوء ملف دخوله على خط الازمة السورية ميدانياً.
وصحيح انها لم تكن المرة الاولى التي يعترف فيها حزب الله بسقوط «شهداء» له بسوريا في «المواجهة دفاعاً عن النفس»، الا ان هذا التطور الذي كُشف أحدث «دوياً» غير مسبوق، سواء في لبنان الذي قابل جانبه الرسمي هذا الامر بالصمت مقابل انتقادات حادة من فريق 14 آذار، او في مقلب المعارضة السورية التي اتهمت عبر «المجلس الوطني» الحزب بشن «هجوم مسلح» على قرى في وسط سوريا معتبراً ذلك «تهديداً خطيراً» للعلاقات السورية – اللبنانية وللسلم والأمن في المنطقة»، ومحملاً الحكومة اللبنانية مسؤولية «سياسية واخلاقية» للعمل على ردع هذا «العدوان».
واذا كان الامين العام لحزب الله كان رسم في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي سياق هذا «الانخراط» بمعارك في قرى القصير بريف حمص معلناً «ان هناك قرى سوريّة يسكنها لبنانيون على الحدود، وهم من طوائف مختلفة وعددهم يقارب 30 ألفاً، وبعض هؤلاء ينتمون إلى عدد من الأحزاب اللبنانية، ومنها حزب الله (…) وقد اتخذ السكان القرار بالتسلح والدفاع عن أنفسهم بعد الاعتداءات عليهم»، فان اعتراف مصدر في حزب الله بأن «ثلاثة لبنانيين من الطائفة الشيعية قتلوا وجرح 14 آخرون في معارك بسوريا، بينما كانوا في مواجهة للدفاع عن النفس» ترافق هذه المرة مع تقارير مثيرة عن ملابسات المواجهات التي سقط فيها هؤلاء وسط اتهام الجيش السوري الحر للحزب بانه يقوم «باجتياح بري يترافق مع غطاء ناري من المدفعية المتمركزة في القرى التي سيطر عليها داخل الاراضي السورية وفي بعض القرى الحدودية اللبنانية» وبان مقاتليه «الذين يسيطرون على ثماني قرى سورية على الحدود حاولوا أن يوسعوا نطاق سيطرتهم بانتزاع السيطرة على ثلاث قرى مجاورة هي أبو حوري والبرهانية وسقرجة بريف القصير من أيدي الجيش الحر».
وبينما شيّع حزب الله في الضاحية الجنوبية حيدر محمد صوفان «الذي استُشهد أثناء القيام بواجبه الجهادي» وهو الذي يُعتقد انه احد الثلاثة الذين سقطوا في معارك القصير، نُقل عن مصدر أمني لبناني ان «قتيلي حزب الله الآخريْن دفنا داخل الأراضي السورية، أما المصابون فقد تم نقلهم إلى الأراضي اللبنانية»، علماً بأن الجيش الحر كان اعلن إدخال حزب الله جثث 24 من مقاتليه إلى منطقة البقاع «سقطوا في معارك في منطقة القصير القريبة من الحدود اللبنانية»، فيما ذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن 10 أشخاص – بينهم طفل وسيدة – «قتلوا في قصف لقوات حزب الله استهدف قرى حدودية في القصير».
وكان لافتاً ما اورده المنسق السياسي والاعلامي للجيش السوري الحر لؤي المقداد من ان «الاجتياح الذي يقوم به حزب الله للاراضي السورية وتحديداً منطقة القصير هو الاول من نوعه من حيث التنظيم والتخطيط والتنسيق مع  طيران النظام السوري»، موضحاً ان «العملية العسكرية لحزب الله بدأت فور انتهاء (السيد) حسن نصرالله من خطابه، وذلك باشراف مصطفى بدر الدين ووفيق صفا».
واذ اعتبر «أن أمر العمليات اتخذ كي يدخل حزب الله علانية وجهاراً الى المعركة في سوريا»، أوضح «أن “حزب الله” تمركز في خمس قرى داخل الاراضي السورية وقد نصب راجمات صواريخه ومدفعيته الثقيلة في بعض المواقع داخل هذه القرى وهو تمركز في قرى زيتي والغسانية والصفصافة والجوز والاشتباكات الآن تدور في خمس قرى اخرى».
ورأى ان الاشتباكات في هذه القرى «هي حرب معلنة من حزب الله الذي يقوم بعملية تمشيط من بعض المرتفعات داخل الاراضي اللبنانية ومن القرى التي سيطر عليها»، مقدراً العدد الذي دخل به الحزب في يوم واحد بأكثر من ألف مقاتل.
ولاحظ «ان حزب الله عودنا في الفترة الماضية على القصف من بعض المناطق داخل الحدود اللبنانية الى القرى في محافظة حمص، أما الآن فكانت العملية وهي لأول مرة باسم اجتياح بري بالاضافة الى غطاء ناري وهذا الامر يعني ان هناك غرفة عمليات عسكرية».
وحذر من «ان الجيش الحر قد يضطر الى الطلب من أهالي المناطق التي ينصب فيها حزب الله مدفعيته وراجمات صواريخه داخل الأراضي اللبنانية ويقصف بها اهلنا وقرى مدينة حمص ان يبتعد هؤلاء الاهالي عن هذه المواقع لأن مرابض المدفعية التي تقصف بها سوريا ستكون هدفاً للجيش الحر ان اتخذ هذا القرار».

بين المختارة والرياض
وفي غمرة هذه الانشغالات، انهمك الوسط السياسي بانتهاء «القطيعة» بين النائب وليد جنبلاط والمملكة العربية السعودية والتي كانت بدأت مع إكمال الزعيم الدرزي في كانون الثاني (يناير) 2011 النصاب السياسي للانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري بتسميته ميقاتي لرئاسة الوزراء.
وكان جنبلاط، الذي التقى في الرياض كبار المسؤولين وبينهم وزير الخارجية سعود الفيصل والامير بندر بن سلطان، اجتمع في نيسان (ابريل) الماضي برئيس الديبلوماسية السعودية في الرياض في اطار زيارة وُضعت اكثر في سياق الملف السوري بعدما عمد جنبلاط الى «حرق المراكب» مع نظام الرئيس بشار الاسد، وكان يؤمل ان تفضي من هذه الزاوية الى معاودة وصل ما انقطع مع المملكة على خلفية «قطع الحبل» بالرئيس الحريري وهو الامر الذي لم يحصل.
وفي اواخر حزيران (يونيو) قدّم جنبلاط التعزية بولي العهد الأمير نايف بن عبد العزيز من دون ان يفتح ذلك امامه ابواب السعودية على مصراعيها، الى ان بدأت علاقته تستعيد الدفء مع الرئيس الحريري الذي كان التقاه مرتين في باريس في ايلول (سبتمبر) الماضي ثم في كانون الثاني (يناير) الماضي، ما اعتُبر مؤشراً الى ان «الجليد ذاب» عن خط المختارة – الرياض.
وحرص الزعيم الدرزي على استباق زيارته للسعودية بمواقف اعتُبرت «تطمينية» لحزب الله وسط خشية الاخير واطراف 8 آذار من ان يكون تطبيع العلاقة بين جنبلاط والسعودية على حساب موقعه الوسطي. وهو تعمّد عبر شاشة «العربية» الدعوة الى الخروج «من نغمة العدالة والسلاح»، مردفاً: «ليبق سلاح حزب الله ولنستفد منه للدفاع عن لبنان لأنّه يجب ألا ننسى ان هناك غولاً اسمه اسرائيل»، ومعتبراً أنّه «اليوم لن يبقى أرض في فلسطين الا وستهود». ومع عودته الى بيروت، كشف رئيس جبهة النضال الوطني انه لمس خلال زيارته الى المملكة العربية السعودية «ولقائي مع الأمير سعود الفيصل والأمير بندر بن سلطان» كل «الحرص على لبنان وإستقراره، كما لمستُ من قيادة المملكة وقوفاً حازماً إلى جانب الشعب السوري في نضاله المحق من أجل الحرية والاستقلال نحو بناء سوريا جديدة».
واذ اعتبر «ان إفتعال السجال المستمر حول السلاح (سلاح حزب الله) ليس هو الحل لهذه القضية التي شخّصها رئيس الجمهورية ميشال سليمان بدقة عندما أشار في دعوته لنقاش الخطة الدفاعية عبر هيئة الحوار الوطني إلى «سلاح المقاومة وكيفية الاستفادة منه إيجاباً للدفاع عن لبنان والاجابة على الاسئلة الآتية: لماذا يستعمل؟ ومتى؟ وكيف؟ وأين؟»، قال: «من أجل كل ذلك، وحده إعلان بعبدا والثوابت التي حددها الرئيس سليمان هي الطريق الصحيح لاعادة تصويب وجهة هذا السلاح بدل أن يتوه ويسقط في القصير أو غير القصير، وبقدر ما يقترب اللبنانيون من التفاهم حول خطة دفاعية وطنية تفضي في نهاية الأمر الى أن تتولى الدولة حصراً وظيفة الدفاع عن أراضيها أسوة بما هو قائم في كل دول العالم، بقدر ما تتأمن الحماية للبنان»

فؤاد اليوسف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق