افتتاحية

هل هو دفاع عن داعش ام عن مصالح خاصة؟

ما هو مصير الحرب على الدولة الاسلامية بعد تباين الآراء حولها؟
جال وزير خارجية الولايات المتحدة على دول المنطقة فزار السعودية والاردن ومصر وغيرها. وعقد اجتماعاً مع عدد من وزراء الخارجية العرب في جدة، واستطاع ان يحصل في ذلك الاجتماع على توقيع عشر دول قررت المشاركة في الحرب على الارهاب.
في مقابل ذلك علت اصوات من هنا وهناك تعارض هذه الحرب. فهل ان هذه المعارضة هي دفاع عن داعش ام انه دفاع عن مصالح خاصة بهذه الدول المعارضة؟
الموقف الذي فاجأ الجميع، والذي اعلن معارضته لهذه الحرب ولو بطريقة غير مباشرة، كان الموقف العراقي. فقد اعلنت الحكومة العراقية ابان جولة كيري انها امرت بوقف قصف مراكز مسلحي الدولة الاسلامية، بذريعة انها تريد تجنب اصابة مدنيين ابرياء. الامر الذي اثار الاستغراب. فالدولة الاسلامية تحتل مساحات واسعة في الاراضي العراقية، وهي استطاعت ان تستولي على عدد كبير من ابار النفط والمراكز المالية والمائية، وهذا ما يساعدها على بناء دولة مكتفية ذاتياً. لقد اصبحت تملك كل مقومات الدولة وهذا يضرب الدولة العراقية في الصميم، لان دولة داعش تقوم على حسابها فلماذا هذا الموقف العراقي الملتبس؟
هناك سبب من اثنين وراء الموقف العراقي. فاما ان رئيس الوزراء حيدر العبادي اراد الا يغضب ايران بعد استبعادها عن الائتلاف، واما انه لا يريد ان يغضب العشائر السنية. وفي كل حال فان المساومة تأتي على حساب الدولة العراقية ككل. الا ان هذا الموقف العراقي تبدد، وبدأ الائتلاف الدولي بقصف مراكز داعش.
الموقف الثاني المعارض بشدة للحرب على داعش هو الموقف الايراني. فقد اتهم مسؤولون ايرانيون الولايات المتحدة بأنها تتخذ من الحرب على الارهاب ذريعة لانتهاك سيادة الدول. وبدا واضحاً انها ترفض بشدة هذه الحرب. فهل ان هذا الموقف هو من باب الدفاع عن داعش ام انه اعتراض على عدم اشراك ايران بهذه الحرب؟
ثم هل ان ايران احترمت سيادات الدول ولم تنتهكها؟ افليس التدخل في العراق هو انتهاك للسيادة؟ ثم ما معنى المشاركة الفعلية في الحرب السورية الدائرة منذ اكثر من ثلاث سنوات، ومد النظام بجميع انواع الاسلحة وبالخبراء وربما بالمسلحين؟ وما معنى قول ايران ان حدودها تمتد الى البحر الابيض المتوسط في جنوب لبنان؟ اليس هذا تدخلاً في السيادة اللبنانية؟
اما سوريا المعنية مباشرة بالحرب، والتي تحتل الدولة الاسلامية جزءاً من اراضيها. فهي ايضاً اعلنت معارضتها، ما لم يتم اشراكها في الائتلاف. وهذا واضح ان النظام يسعى بكل ما لديه لكسب ولو جزء من الشرعية، بعدما اعلنت الدول الغربية والعربية رفضها لهذا النظام، واعلانها انه ساقط حتماً. لذلك هددت سوريا بأنه سيكون لها موقف حاسم في حال تعرضت اراضيها للقصف.
واما المعارض الاكبر لهذه الحرب فهو روسيا التي اعلنت ان قتال الدولة الاسلامية يجب ان يتم في اطار القوانين الدولية.
حقاً انه موقف مضحك. فاين كان احترام هذه القوانين يوم عمدت روسيا الى التدخل في اوكرانيا، الدولة ذات السيادة، فضمت القرم الى اراضيها، وعملت على تقسيم هذه الدولة الاوروبية، فدعمت انصارها في شرق اوكرانيا وحرضتهم على الانفصال عن الدولة الأم؟ ثم حشدت اعداداً كبيرة من جنودها على الحدود، مستعدة للتدخل في اي لحظة.
واين كانت الصين التي انتقدت الحرب على الدولة الاسلامية ولم تقل كلمة في ضم القرم والسعي الى تفتيت اوكرانيا؟
انه حقاً عالم عجيب غريب وهذا كله عائد الى غياب القوة الدولية الفاعلة التي يمكنها الفصل في مثل هذه الامور، ووقف المعتدي عند حده؟
هذه القوة كان يمكن ان تتمثل بمجلس الامن الدولي لو لم تعطله امتيازات اعطتها الدول الكبرى لنفسها لتبقى متحكمة بالعالم. فالولايات المتحدة شجعت اسرائيل باعتداءاتها المتكررة على كل الدول العربية بفعل استخدامها المتكرر للفيتو. وها هي روسيا تعطل مجلس الامن منذ بداية الحرب السورية فتمنع حل الازمة وتبقي على القتل والدمار والتهجير مستخدمة الفيتو مرات عدة، وكل ذلك حفاظاً على مصالحها ومكاسبها.
ان الحل الوحيد لكل هذه التجاوزات هو في اعادة النظر بدستور مجلس الامن، فتلغى الامتيازات وتتساوى الدول امام القانون، وعندها فقط يصبح بالامكان اعطاء الحق الى اصحابه. فهل يتنازل الكبار؟

«الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق