سياسة لبنانيةلبنانيات

الخلافات تصل الى الرؤساء، ومجلس الوزراء في غيبوبة فمتى يصبح لنا دولة؟

الخلافات والانقسامات التي تعصف بالساحة اللبنانية تستمر وتتصاعد حتى شملت معظم الافرقاء المتواجدين على الارض، وقد طبعت في الايام الاخيرة بصبغة تفردية وطائفية الى حد ما. هذه الصفة البغيضة التي يجب على كل الاطراف ان يحاربوها ويقضوا عليها. غير ان بعض السياسيين يعتبرونها سلاحاً فعالاً، لاثارة الغرائز وجمع المؤيدين.
هذه الانقسامات وصلت الى الرؤساء، الذين يفترض بهم تهدئة الاوضاع وجمع الكلمة حول دولة عادلة يحكمها القانون والدستور. فبعد الاشارة التي وردت في حديث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال لقائه وفد نقابة المحررين واعتبرت موجهة الى الرئيس بري، لم يتأخر هذا الاخير ورد عليها عندما استقبل ايضاً وفد نقابة محرري الصحافة. هذا الاسلوب في التعاطي السياسي لا يمكن ان يوصل الى نتيجة، لا بل انه يدمر ويضاعف من الانشقاقات والتباعد. والمطلوب اليوم عودة الجميع الى كنف الدولة والعمل معاً، لانقاذ هذا الوطن الذي بدأ يغرق بالجميع.
وسط هذه الاجواء الملبدة، تحركت الدولة وربما لاول مرة، دفاعاً عن حقوقها المسلوبة، فطلب وزير الداخلية بسام المولوي من الامن العام ترحيل اعضاء وفد المعارضة البحرينية من غير اللبنانيين، بعدما عقدوا مؤتمراً صحافياً اساءوا فيه الى علاقات لبنان بدول الخليج وخصوصاً دولة البحرين، سبق ذلك اتصال اجراه وزير الداخلية البحراني بالوزير المولوي، الامر الذي اعتبر ثغرة في جدار الازمة الدبلوماسية مع دول الخليج. المهم في الموضوع هو من سمح للوفد البحريني المعارض باطلاق شتائمه ضد دولته من الساحة اللبنانية؟ ان هذا التصرف المرفوض والذي ينتهك سيادة الدولة اللبنانية وقوانينها، ما كان يمكن ان يحصل لولا تقاعس السلطة والتخلي عن مسؤولياتها، حتى تحولت الساحة اللبنانية الى منصة سائبة، يأتي كل من له امر، او يريد افراغ ما في داخله ضد عدوه، الى لبنان لتنفيذ مأربه، على اعتبار ان احداً لن يحاسبه. فما هو رأي المسؤولين؟ وهل تتحرك السلطة لاستعادة دورها وهيبتها وتبرهن للجميع انها هي صاحبة الامر والنهي؟ هل هي قادرة على ذلك؟ بالطبع نعم. ولكنها تخلت عن جميع مسؤولياتها، حتى عن ادارة شعبها ورعاية مصالحه.
لقد وصل المواطنون الى درجة اصبح من المتعذر عليهم العيش بكرامة وباكتفاء ذاتي. فماذا فعلت السلطة لاعادة الامور الى نصابها؟ لا شيء البتة، وكأن الامر لا يعنيها، لا بل انها تواصل اغراقهم في الازمات الحياتية والمعيشية المفترض في اي سلطة ان تؤمن لشعبها حياة كريمة، وهذا ما هو مفقود في لبنان.
ان دولة لا تستطيع عقد جلسة لمجلس الوزراء هي لا دولة، ومن هنا كان هذا الفلتان في كل ما يتعلق بالحياة العامة من الامن الى الغذاء حتى الى الفرن والسوبرماركت والملحمة وغيرها وغيرها. وكلما جاء مسؤول من الخارج مطالباً المسؤولين بعقد مجلس الوزراء والبدء بالاصلاحات، قبل فوات الاوان، يكون الجواب حاضراً ومعلباً. قريباً يعود مجلس الوزراء الى الانعقاد. وهذا الـ «قريباً» طال كثيراً حتى كاد يضيّع ما بقي من البلد. غير ان المعطلين يتصلبون في مواقفهم، والدولة تتراخى وتواصل التخلي عن مسؤولياتها. اهكذا تدار الدول؟ وهل هذا هو دور الحكومات، الاستسلام امام العقبات. اعان الله الشعب اللبناني. فالى متى يمكنه ان يصبر؟ لقد طال صبره كثيراً حتى اصبح موضع انتقاد. فمتى يتحرك؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق