المحتجّون في السودان يتحدون البشير واجراءات الطوارىء ويواصلون احتجاجاتهم
صعّد الرئيس السوداني عمر البشير الإثنين موقفه من الاحتجاجات المستمرّة منذ أكثر من شهرين ضدّ الحكومة، إذ حظر التجمّعات غير المرخّص لها من السلطات وفرض سلسلة إجراءات أخرى في إطار حال الطوارئ التي أعلنها قبل ثلاثة أيام.
وسارع منظّمو الاحتجاجات الى الردّ بالدعوة الى النزول إلى الشارع فوراً وتحدّي الإجراءات الجديدة.
وكان البشير أعلن الجمعة حال الطوارئ في جميع أنحاء البلاد.
والإثنين قالت الرئاسة في بيان «أصدر رئيس الجمهورية أوامر وفقاً لحالة الطوارئ تحظر التجمهر والتجمعات أو أي مواكب غير مرخّص لها» كما تحظر «إغلاق الطرقات العامة أو إعاقة حركة السير».
وشملت الإجراءات الرئاسية إعطاء «القوات الأمنية حقّ دخول المباني والتفتيش الشخصي للأفراد».
كما حظرت الأوامر «نشر وإعداد أي أخبار تضرّ بالدولة أو المواطنين أو تدعو لتقويض النظام والدستور عبر أي وسائط مرئية أو مسموعة أو مقروءة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
ويتعرض من ينتهك هذه الأوامر لعقوبة قد تصل الى السجن لمدة عشر سنوات.
وجاء هذا الإعلان بعدما تظاهر مئات السودانيين الإثنين في الخرطوم في تحدٍّ لحالة الطوارئ التي فرضها الرئيس بهدف وضع حدّ للتظاهرات المناهضة لحكومته.
ويشهد السودان احتجاجات منذ 19 كانون الأول (ديسمبر) بعد قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.
إلا أنّ الاحتجاجات سرعان ما تحوّلت إلى تظاهرات ضدّ حكم البشير المستمرّ منذ ثلاثة عقود وباتت تدعو الى استقالته.
وردّاً على إعلان الرئاسة الجديد، دعا تجمّع المهنيين السودانيين الذي ينظّم الاحتجاجات المحتجّين إلى الخروج في تظاهرات فوراً.
وجاء في بيان للتجمع «ندعو جماهير شعبنا العظيم وثواره في جميع أنحاء العاصمة القومية والولايات، في المدن والقرى، وفي الأحياء والفرقان للخروج إلى الشوارع الآن للتظاهر والتعبير عن رفضنا الكامل لأوامر الطوارئ».
«لا نخاف»
وخلال النهار، هتف مئات المتظاهرين الذين تجمعوا وسط الخرطوم «حرية، سلام، عدالة»، بحسب ما روى شهود.
وأطلقت شرطة مكافحة الشغب عليهم الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريقهم.
وصرّحت متظاهرة عرّفت عن نفسها باسم أريج «نحن نتحدّى النظام، ولا نخاف من حال الطوارئ… أمامنا هدف واحد وهو إجبار الرئيس على التنحّي».
كما خرج متظاهرون الى الشوارع في أحياء بري وشمباط والديم، بحسب شهود.
وأصبح حي بري ساحة للتظاهرات شبه اليومية حيث يغلق المتظاهرون الشوارع بإحراق الإطارات وجذوع الأشجار.
وأطلقت شرطة مكافحة الشغب كذلك الغاز المسيل للدموع داخل حرم جامعة الأحفاد للبنات في أمّ درمان، المدينة التوأم للخرطوم، بعد أن نفّذت الطالبات وقفة احتجاجية.
وقال شاهد إنّ «الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع عندما خرج عدد من الطالبات من حرم الجامعة وهتفن بشعارات، فسقطت عبوات الغاز في حرم الجامعة».
ووجّهت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الإثنين انتقادات للبشير لفرضه حال الطوارئ، وذلك خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي لبحث الخطوات المقبلة في إطار الاستعدادات لإنهاء مهمة حفظ السلام في دارفور في غرب السودان.
ودعا السفير الأميركي بالوكالة لدى الأمم المتحدة جوناثان كوهين الخرطوم إلى «احترام حقوق جميع الأفراد في السودان» وإلى «وضع حدّ فوري للعنف في قمع الاحتجاجات السلمية».
بدوره قال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة ستيفن هايكي إن فرض البشير حالة الطوارئ وسلوك قوات الأمن «يطرحان تساؤلات حول التزام الحكومة تحقيق تقدم على صعيد حقوق الإنسان وسيادة القانون وإصلاح الأجهزة الأمنية».
من ناحيتها دعت فرنسا إلى ضبط النفس وطالبت السلطات السودانية «باحترام حرية التجمّع والتعبير».
ويعاني السودان من وضع اقتصادي صعب، فبالإضافة إلى إلغاء الدعم عن الخبز، تستمر تداعيات انفصال جنوب السودان عنه منذ 2011، والذي حرم البلاد من ثلاثة ارباع احتياطها النفطي.
وأوقف جهاز الأمن والمخابرات السوداني منذ بدء التظاهرات في 19 كانون الأول (ديسمبر) مئات الناشطين والمعارضين والصحافيين، بحسب منظمات غير حكومية.
وتقول السلطات إن 31 شخصاً قتلوا منذ ذلك الحين، في حين تتحدث منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن 51 قتيلاً بينهم أطفال وأفراد في طواقم طبية.
ويرفض البشير التنحّي. وقد أقال حكومته الجمعة، وعين حكومة جديدة وحكومات ولايات أدّى ولاتها اليمين الدستورية الأحد.
ا ف ب