سياسة لبنانيةلبنانيات

زيارات متلاحقة لدبلوماسيين الى لبنان ولكنها لا تنتج حلاً بسبب الخلافات الداخلية

بيروت وجبل لبنان بلا مياه والعطش عقاب جديد للمواطن والمحاسبة غائبة

ينصرف السياسيون اللبنانيون الى تقويم نتائج الزيارة التي قام بها مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة اموس هوكستين، والتي تزامنت مع زيارة قام بها وزير الخارجية الايرانية عبداللهيان الى بيروت. تزامن الزيارتين لم يكن مقصوداً او منسقاً، ولكنه حصل بالصدفة. الا ان الضيفين التقيا عند الدعوة الى تأمين الهدوء والاستقرار، والطلب الى المسؤولين اللبنانيين انتخاب رئيس للجمهورية، يكون بداية حل للازمات المتلاحقة، في وقت لا تزال مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري ودعوته الى حوار حده الاقصى سبعة ايام، والانتقال الى المجلس النيابي واجراء دورات مفتوحة للوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية. هذه الدعوة لاقت ترحيباً من فريق من النواب وعارضها اخرون، وخصوصاً المعارضة وكتلة التغيير مطالبين بتطبيق الدستور، اي انتخاب رئيس اولاً، وبعده يصار الى عقد طاولة حوار برئاسته تبحث في هواجس كل الاطراف. ويقول المعارضون انهم يرفضون ان يسبق الحوار الانتخاب، لكي لا يصار الى خلق سابقة بحيث يصبح من الضروري عند انتخاب رئيس ان يجري حوار تمهيدي، ويضيف المعارضون ان في المجلس النيابي يمكن عقد لقاءات وحوارات ثنائية. وحتى الساعة لم يتحدد مصير دعوة بري.
في هذه الاجواء الملبدة ينتظر الجميع عودة الموفد الرئاسي الفونسي جان – ايف لودريان، وان كان البعض لا يعلقون اهتماماً كبيراً عليها، باعتبار انه لن يتمكن من فعل اي شيء، طالما انه لا يحظى بتوافق لبناني، هو الاساس في اي حوار او حل. وقد زاد الامر تعقيداً تصريح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ ايام والذي اتهم فيه ايران بالتدخل في لبنان وما تبعه من رد من عبداللهيان عليه، مطالباً اياه بالاهتمام ببلده. هذه الاجواء غير المريحة لا بد من ان تنعكس على الوضع اللبناني، طالما ان الدولتين فرنسا وايران معنيتان بما يجري في هذا البلد. وبناء على كل ذلك يبدو ان الحل للازمة الرئاسية لا يزال بعيد المنال، اذ مهما توافرت المبادرات الخارجية فانها تبقى عاجزة عن تحقيق اي تقدم، في ظل الانقسامات اللبنانية. لذلك يطلب الى جميع الافرقاء ان يقدموا التنازلات كل من جهته، حتى يتحقق التقارب والتفاهم وبعدها يصبح الحل ممكناً.
على صعيد اخر غادر امس الى المملكة العربية السعودية حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري تلبية لدعوة رسمية حملها اليه السفير السعودي في لبنان وليد بخاري. ووفق ما جاء في التصريحات فقد اعد للمنصوري سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين السعوديين وخصوصاً في القطاع المالي، كما حضر اجتماع اتحاد المصارف العربية المنعقد في الرياض. فعلى امل ان تفتح هذه الزيارة الباب امام عودة الاهتمام السعودي بلبنان. فالمملكة لم تتركه يوماً ولكن السياسة اللبنانية الخاطئة قادت البلد في دروب لا تشبهه، وابعدته عن محيطه العربي، ونزعت عنه القيمة الكبرى التي كان يتمتع بها في المحافل الدولية، الامر الذي اجبر المملكة على ان تنأى بنفسها فلا تتدخل الا بعد عودة لبنان الى اصالته التي عرف بها على مر العهود السابقة.
وسط هذه الاجواء المغلقة تتخبط الحكومة في مواجهة الاوضاع الخلافية والتدهور المالي والاقتصادي والمعيشي، وكثيراً ما تعتمد الكيدية والنكايات في التعامل مع بعضها البعض. وحده الشعب يحصد الخيبات ويدفع الثمن غالياً. فبيروت وجبل لبنان محرومان من المياه في عز هذا اللهيب الحارق. وقد فشلت الشركة، المعنية بتأمين المياه الى المنازل، في القيام بواجباتها، رغم الملايين التي فرضتها على المواطنين وتستعد لمضاعفتها اكثر واكثر. مرة تتذرع بالكهرباء واخرى بالمازوت محاولة القاء المسؤولية على غيرها مع انها هي المسؤولة وحدها عن هذا الحرمان الذي تسببه للمواطنين. لقد اثبت اصحاب الصهاريج انهم اقدر من شركة مياه بيروت وجبل لبنان على تأمين حاجة المواطنين، الذين كانوا على حق في توجيه دعوات لوقف دفع الرسوم الباهظة مقابل سلعة لا يحصلون عليها. فبأي قانون تقبض الشركة هذه الاموال وتمتنع عن تأمين البديل؟ قانوناً ان اي موظف او مؤسسة او شركة تفشل في القيام بواجبها تقفل ويحال المسؤولون عنها الى منازلهم. ولكن في لبنان المحاسبة غائبة والفساد هو السائد، والامور الى مزيد من التدهور والانهيار، والمواطن وحده الخاسر الاكبر. جوعوه وافقروه وها هم يفرضون عليه مرارة العيش والعطش والحرمان. فالى متى؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق