مدنيون وجهاديون يفرون من آخر معقل لداعش في سوريا وواشنطن توصي باعادتهم
في منطقة قاحلة قرب حقل العمر النفطي، يجلس بضعة رجال يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية، معصوبي الأعين على متن شاحنة صغيرة، بانتظار نقلهم للتحقيق بعد فرارهم على غرار آلاف قبلهم من الكيلومترات الأخيرة التي يسيطر عليها الجهاديون في شرق سوريا.
والأربعاء، جرى تقسيم أكثر من 300 رجل إلى مجموعتين، الأكبر تشمل مدنيين سيتم نقلهم إلى مخيم للنازحين، والأصغر لمشتبه بانتمائهم الى تنظيم الدولة الاسلامية.
في خيمة ضخمة، يجلس عشرات الرجال متراصين على الأرض، لا يتبادلون الحديث، ينتظرون أن يتم نقلهم إلى مخيم الهول في ريف الحسكة (شمال شرق).
داخل الخيمة، يسأل أحد مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية، «السوري يرفع يده»، تستجيب بضعة قليلة جداً له. أما الباقون فمن الجنسية العراقية، وغالبية من تحدثت اليهم وكالة فرانس برس يتحدرون من محافظة الأنبار.
ويقدر المرصد السوري لحقوق الانسان خروج أكثر من 36 ألف شخص من آخر مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية منذ مطلع شهر كانون الأول (ديسمبر)، وغالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين، كما ان بينهم نحو 3100 عنصر من التنظيم.
يخضع الخارجون من آخر بقعة يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية قرب الحدود العراقية، لإجراءات تحقيق وتفتيش عدة، قبل أن يتم فصلهم بين مدنيين يتم نقلهم إلى مخيم الهول شمالاً، وآخرين يشتبه بأنهم جهاديون يتم توقيفهم ومتابعة التحقيقات معهم.
يشير عدد من الفارين الجدد إلى الوضع الإنساني الصعب في الكيلومترات الأخيرة تحت سيطرة التنظيم، متحدثين عن نقص في الطعام والأدوية، وعن أشخاص يعيشون في الشوارع وجثث تحت الأنقاض.
يجلس أشرف وسام (17 عاماً)، الذي فقد عائلته قبل عشرة ايام جراء القصف، على الأرض عند مدخل الخيمة.
ويقول الشاب المتحدر من الفلوجة بصوت منخفض «هناك كثير من المقاتلين في الداخل، وهم عراقيون وسوريون ومهاجرون»، وهي عبارة يطلقها تنظيم الدولة الإسلامية على الأجانب في صفوفه.
ويضيف «نراهم في الشارع، ونبتعد عنهم لأن أي تجمع يتم قصفه».
أما عدنان محمد (39 عاماً)، العراقي أيضاً، فيوضح أن «الأجانب كثر، من اوزبكستان، تركيا، روسيا، وهناك أيضاً فرنسيون لكنهم ليسوا كثراً».
واشنطن توصي بإعادة الجهاديين
وفي واشنطن أوصت الولايات المتحدة الدول الغربية وفي مقدمها فرنسا، بأن تعيد مواطنيها الذين انضموا الى صفوف الجهاديين في سوريا ثم اعتقلتهم القوات الكردية.
وطرحت قضية هؤلاء الجهاديين بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الاميركي دونالد ترامب بسحب نحو الفي جندي اميركي من سوريا يشكلون سندا للتحالف الكردي العربي الذي يقاتل تنظيم الدولة الاسلامية.
وفرنسا معنية أكثر من سواها بهذه القضية، وخصوصاً أنها تعرضت في الاعوام الاخيرة لاعتداءات عدة دبرت احياناً في سوريا، فضلاً عن أن الاكراد يعتقلون نحو 130 جهادياً فرنسياً.
واعلنت باريس أنها تدرس «كل الخيارات لتجنب هروب هؤلاء الاشخاص وتفرقهم» من دون أن تستبعد إعادتهم.
ورداً على سؤال لفرانس برس، اعتبرت الخارجية الاميركية الاربعاء أن «اعادة المقاتلين الارهابيين الاجانب الى بلدانهم الام هو الحل الافضل لتجنب عودتهم الى ساحة القتال».
وقال مسؤول في الخارجية «يمثل هؤلاء المقاتلون مشكلة للمجتمع الدولي برمته، ولا بد من تعاون دولي لحلها».
واضاف «تقضي سياسة الحكومة الاميركية بتشجيع الدول على إعادة مواطنيها وملاحقتهم قضائياً»، وخصوصاً اولئك المعتقلين لدى الاكراد، داعياً الى «تحمل مسؤولية» هؤلاء «عبر برامج إدماج أو إجراءات أخرى لتفادي سقوطهم مجددا في الارهاب».
وسيبحث وزراء خارجية الدول الاعضاء في التحالف ضد تنظيم الدولة الاسلامية، هذه المسألة الشائكة خلال اجتماعهم في السادس من شباط (فبراير) في واشنطن، وستكون تداعيات الانسحاب الاميركي من سوريا في صلب المناقشات.
ا ف ب