يضع رئيس فنزويلا كل ثقته في الجيش في مواجهة الدعم الدولي الذي تتصدره واشنطن وحلفاؤها في المنطقة لرئيس البرلمان خوان غوايدو الذي أعلن نفسه الأربعاء «رئيساً» بالنيابة في حين أدانت موسكو «اغتصاب السلطة» ودعت الأمم المتحدة للحوار لحل الأزمة في ظل اقتصاد منهار.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الخميس على هامش منتدى دافوس الاقتصادي العالمي «نأمل أن يكون الحوار ممكناً لتجنب تصعيد يؤدي إلى نزاع سيكون كارثياً لسكان البلاد والمنطقة».
واستمرت التظاهرات الاحتجاجات خلال الليل في أحياء شعبية في كراكاس بعد يومين من التظاهرات التي نظمتها المعارضة وأنصار الرئيس الاشتراكي وشهدت أعمال عنف.
وأحصت اللجنة الدولية لحقوق الإنسان 16 قتيلاً خلال يوم الأربعاء وحده. وقال المرصد الفنزويلي للنزاع الاجتماعي لوكالة فرانس برس إن 13 شخصاً قتلوا خلال يومين من الاضطرابات منذ الثلاثاء، فيما لا تزال تظاهرات 2017 التي قتل خلالها 125 شخصاً ماثلة في الأذهان في البلد الغني بالنفط الذي يعاني أزمة اقتصادية حادة.
الحفاظ على السيادة
أكد الجيش الاربعاء دعمه الثابت لمادورو ورفضه إعلان خوان غوايدو نفسه رئيساً. وقال وزير الدفاع الجنرال فلاديمير بادرينو لوبيز «إن الجيش يدافع عن دستورنا وهو ضامن السيادة الوطنية».
وقالت الحكومة إن وزير الدفاع وكبار القادة العسكريين في المناطق سيعلنون «دعمهم للرئيس الدستوري» و«للحفاظ على سيادة» البلاد.
وتعتمد الحكومة أيضاً على المحكمة العليا التي من المتوقع أن تجتمع الخميس. وقبل وقت قصير من إعلان غوايدو، أعلنت أعلى سلطة قضائية في البلد التي تضم قضاة يعدون مؤيدين للنظام، أنها أمرت بإجراء تحقيق جنائي بحق أعضاء البرلمان المتهمين بمصادرة صلاحيات الرئيس.
جاء ذلك بعد إصدار النواب الثلاثاء وعداً «بالعفو» عن عسكريين قالوا إنهم يرفضون الاعتراف بسلطة مادورو في تحد للمحكمة العليا التي أبطلت كل قرارتهم.
والأربعاء، في ذكرى سقوط دكتاتورية ماركوس بيريز خيمينيس في 1958، أعلن غوايدو البالغ من العمر 35 عاماً أمام حشد من أنصاره «أقسم أن أتولى رسمياً صلاحيات السلطة التنفيذية الوطنية كرئيس لفنزويلا لإنهاء مصادرة (السلطة وتشكيل) حكومة انتقالية واجراء انتخابات حرة».
أتخذ غوايدو خطوته في حين احتشد الآلاف من أنصار المعارضة والرئاسة في شوارع كراكاس التي شهدت صدامات متفرقة مع شرطة مكافحة الشغب، لترتفع المخاطر المحيقة بالدولة النفطية التي استفحل فيها الفقر تحت حكم مادورو.
اعتراف واشنطن
لم تمض دقائق على إعلان غوايدو، حتى أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بياناً اعتبر فيه مادورو رئيساً «غير شرعي» وأن الجمعية الوطنية برئاسة غوايدو هي «الهيئة الشرعية الوحيدة لحكومة انتخبها الشعب الفنزويلي وفق الاصول».
أما موسكو، فأكدت الخميس دعمها للرئيس «الشرعي» مادورو ودانت «اغتصاب السلطة» في فنزويلا. وحذرت موسكو من «التدخل الأجنبي» في فنزويلا، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن «التدخل الأجنبي المدمر خصوصاً في الوضع الحالي البالغ التوتر، غير مقبول (…) إنه طريق مباشر الى التعسف وحمام الدم».
ورد مادورو الغاضب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة الأميركية «الإمبريالية»، وأعطى دبلوماسييها 72 ساعة لمغادرة البلاد. فردت الخارجية الأميركية بأنها لم تعد تعترف بمادورو رئيساً ومن ثم فإن أوامره لا تعني شيئاً.
وقال مادورو بغضب وسط هتاف آلاف المؤيدين خارج القصر الرئاسي في كراكاس «اخرجوا. غادروا فنزويلا هنا لدينا كرامة».
وعبر آلاف الفنزويليين في الخارج، من مدريد إلى ليما إلى سانتياغو في تشيلي، عن ترحيبهم بإعلان غوايدو.
وسرعان ما أعلن الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية «اعترافها الكامل» بغوايدو واتخذت الموقف نفسه 11 من دول المنطقة هي الأرجنتين والبرازيل وكندا وتشيلي وكوستا ريكا وغواتيمالا وهوندوراس وبنما وباراغواي والبيرو.
في حين أكدت المكسيك وكوبا وقوفهما بقوة إلى جانب مادورو الذي لا يزال يحظى بدعم جيش فنزويلا القوي. ووصفت كوبا ما يجري بانه «محاولة انقلاب». في حين اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمادورو ليؤكد دعمه له.
ولم يحذ الاتحاد الأوروبي حذو واشنطن مكتفياً بالدعوة إلى انتخابات حرة، فيما دعا الرئيس الفرنسي دعم أوروبا «إعادة الديموقراطية».
تولى مادورو الحكم في 10 كانون الثاني (يناير) لولاية ثانية رفضتها المعارضة ولم تعترف بها واشنطن والاتحاد الأوروبي والعديد من دول أميركا اللاتينية.
وشكلت احتجاجات الأربعاء أول تعبئة حاشدة منذ عام 2017. وأعلن غوايدو أن المعارضة تستعد لتنظيم مسيرة ضخمة في الأسبوع الأول من شباط (فبراير).
والاثنين الماضي، حاولت مجموعة من 27 جندياً تنظيم تمرد في ثكنة في شمال كركاس لكن سرعان ما تم اعتقالهم. وفي أعقاب ذلك، سجل حوالي ثلاثين من أعمال الشغب في الأحياء الشعبية في كراكاس وضواحيها.
ومنذ الثلاثاء، ندد مادورو بما وصفه بأنه دعوة إلى «انقلاب فاشي» بعد التضامن الذي عبر عنه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس مع المعارضة.
وذكرت مؤسسة أوراسيا غروب أن دعم القيادة العسكرية العليا هو شرط مسبق لكي يتمكن غوايدو من قيادة عملية انتقال، وأن سقوط مادورو «لا يبدو وشيكاً».
ا ف ب