رئيسي

سليمان تحت نيران المعارضة المبرمجة لمنعه من التشكيل

انحسرت العاصفة «الكسا» التي ضربت لبنان ورحلت مخلفة اضراراً لا سيما في مخيمات النازحين السوريين، بعدما غطى الابيض لبنان حتى علو 500 متر. ولم تنحسر العاصفة السياسية عن الساحة اللبنانية ولم يتوقف الصراع بين الافرقاء وفق قيادي في 14 اذار، الذي اشار الى ان الصراع  يأخذ منحى تصعيدياً باقتراب الاستحقاقات المحلية والخارجية، لا سيما انتخابات رئاسة الجمهورية عبر تصريحات ومواقف ممنهجة ومبرمجة لقوى 8 اذار تحرّكها جهات خارجية بواسطة «الرموت كونترول».

الحملة استهدفت بشكل اساس رئيس الجمهورية اعتراضاً على زيارة السعودية، واحتجاجاً على رده على الامين العام لحزب الله الذي اتهم السعودية «حسب اعتقاده»، بتفجير السفارة الايرانية، فقال سليمان انه لا يجوز اطلاق التهم جزافاً من دون دليل، كذلك فان هدف الحملة الضغط لمنع سليمان والرئيس المكلف تمام سلام من تشكيل الحكومة التي يريانها مناسبة من دون الاخذ بشروط 8 اذار، التي تريد بقاء حكومة نجيب ميقاتي لانها تتحكم بها، واعراباً عن الانزعاج من سقف المواقف السيادية التي يطلقها سليمان ووقف الغمز من قناة حزب الله وتحميله مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة وعدم حل الازمة اللبنانية بسبب مشاركة مقاتليه في الحرب السورية الى جانب النظام ضد الشعب السوري، متجاوزاً سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها حكومة ميقاتي المشارك فيها، ومتجاهلاً اعلان بعبدا الذي وافق عليه النائب محمد رعد بعد مناقشته في هيئة الحوار.

ارتفاع حدة الحملة
ارتفعت وتيرة حملة 8 اذار مع ورود معلومات عن عزم سلام تقديم تشكيلته الى الرئيس سليمان بعد مطلع العام، وقبل انعقاد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في منتصف كانون المقبل. ورد سلام على مواقف الاعتراض والتهويل ومطالبة 8 اذار بحكومة 9-9-6 وفق شروطها، والا فان الوزراء الحاليين لن يسلموا وزاراتهم لحكومة لم تنل ثقة المجلس، ورفض 8 اذار الاعتراف بها لانها غير دستورية، رد مؤكداً «انه متى شكلت الحكومة تصبح دستورية بعد توقيع رئيس الجمهورية على مراسيمها، واي نقاش في الموضوع هو نقاش سياسي، فالدستور يعطي الحكومة فور صدور المراسيم صفة الحكومة الدستورية سواء نالت الثقة ام لم تنلها». واعتبرت 14 اذار رفض الوزراء الحاليين تسليم وزاراتهم حالة انقلابية تدفع البلاد باتجاه المغامرة غير المحسوبة. وقالت: لا ننصح اي طرف بالاقدام على هذه الخطوة لان عواقبها ستكون وخيمة.
وتقول فاعليات اسلامية انها ترفض التعامل مع الموقع السني الاول في الدولة بهذه الطريقة وهذا التحدي، وعلى الجميع احترام الدستور وروح اتفاق الطائف. واننا نرفض اي سعي لتغيير المعادلة القائمة على المناصفة. ويقول وزير في الحكومة ان قوى 8 اذار ترفض التخلي عن السلطة التي يتحكم بها الحزب وترفض مشاركة 14 اذار في حكومة واحدة من دون ضمانات اقلها الثلث المعطل، خصوصاً ان الاشهر الثلاثة الاولى من العام الجديد ستكون حبلى بالتطورات والمفاجآت بدءاً من المحكمة الدولية. لذلك تفضل هذه القوى تعويم حكومة ميقاتي تحسباً للمفاجآت.
لقد تركت حدة الصراع بين الافرقاء السياسيين مخاوف لدى قوى اقليمية ودولية من ان يؤدي هذا الصراع الى انهيار لبنان الوطن، نتيجة تداعيات الازمة السورية في داخله، ورفض بعض الاطراف في لبنان اعتماد سياسة النأي بالنفس عما يجري في سوريا، في هذه المرحلة الضبابية وفي ظل غياب التسوية الكبرى لتأمين حل للأزمة اللبنانية عبر طائف جديد او دوحة اخرى، وفي ظل غياب القرار العربي الفاعل مع استمرار تخبط مصر في ربيعها، اضافة الى دول المغرب العربي، وغرق النظام السوري في المواجهات مع المعارضة، واحجام السعودية عن المبادرة لاعتبارات خاصة بها، واهتمامها مع دول الخليج وتركيا بالازمة السورية، واستكشاف ابعاد الاتفاق النووي بين الغرب وايران في ظل غموض مستقبل المنطقة، وانصراف العرب الى مواكبة الحرص الاميركي على تزخيم المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية للوصول الى اتفاق قبل نيسان (ابريل) المقبل، ومواكبة التطورات بعد الاتفاق الاميركي – الروسي.

تفويض فرنسا
ويكشف ديبلوماسي لبناني ان الغرب فوض فرنسا رعاية الملف اللبناني في هذه المرحلة للمحافظة على الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي، ومنع الفراغ في المؤسسات الدستورية، واحترام الاستحقاقات، وابرزها انتخاب رئيس الجمهورية. وقد باشرت فرنسا بالمهمة من خلال زيارة الرئيس فرانسوا هولاند الى السعودية قبل نهاية العام، وتضافر جهد فرنسي مشترك مع الروس لانضاج الانتخابات الرئاسية والاستعانة بلائحة اسماء مرشحة للرئاسة تتولى باريس غربلتها عبر مشاورات مع دول غربية وعربية وروسيا التي تلعب دور الشريك الدولي في المنطقة بعد توقيع الاتفاق مع الولايات المتحدة. فتتولى فرنسا نيابة عن الغرب، وروسيا عن المحور الايراني – السوري السعي الى حماية لبنان في مرحلة التغيير ومنعه من السقوط والانهيار وتعزيز المؤسسات ومنع الفراغ فيها، لان الفراغ في موقع الرئاسة قد ينسحب على مؤسستي مجلس النواب والحكومة.
وينقل زوار باريس معلومات عن مسؤولين فرنسيين انهم سيقدمون مع مطلع العام على طرح مبادرات تجاه لبنان تنتهي الى مؤتمر يعقد في باريس على غرار الطائف بعد ان يتشاور الفرنسيون مع القيادات اللبنانية افرادياً وثنائياً وعبر مجموعات صغيرة، في حوار على غرار سان كلو، ينتهي الى عقد مؤتمر قد تسبقه دعوة فرنسا المجموعة الدولية لمساعدة لبنان، الى اجتماع في باريس يخصص لتقديم الدعم الاقتصادي، الى جانب مبادرات تقوم بها دول اوروبية لتقديم المساعدة الى الجيش تستهلها ايطاليا بمؤتمر لتقديم الدعم الى الجيش اللبناني والقوى الامنية وفق الحاجات التي تطالب بها. ويعول الديبلوماسي على الحراك الفرنسي الذي قد يترافق مع حراك فاتيكاني وروسي والماني باتجاه لبنان عبر موفدين يتوقع احد المسؤولين اللبنانيين وصولهم مع بداية العام الجديد في سياق تحرك غربي باتجاه لبنان لحمايته من تداعيات ما يجري في المنطقة، تواكبه مواقف عربية داعمة.

فيليب ابي عقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق