القاهرة – غزة – تل ابيب: مفاوضات شاقة على اعتاب «الهدنة الدائمة»

بينما شارفت الهدنة المؤقتة بين الفلسطينيين والاسرائيليين على النفاذ، – انتهت منتصف ليل الاربعاء/الخميس – تواصلت في القاهرة المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين، وبرعاية مصرية املاً بالتوصل الى هدنة دائمة، او – على الاقل – طويلة الامد -. تضع حداً للازمة التي خلفها العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، والذي اودى بحياة ما يزيد عن الفي شخص، وترك اثراً تدميرياً من الصعب جداً تجاوز تبعاته.
واللافت انه منذ بدء العمل بالهدنة منتصف ليل الأحد، لم يتم إطلاق اي صاروخ من قطاع غزة نحو الأراضي الاسرائيلية، فيما لم يشن الطيران الاسرائيلي اي غارة على القطاع. ما يعني رغبة متبادلة في طي تلك الصفحة، والتوصل الى اتفاق على هدنة طويلة الامد.
وفي غزة، واصل النازحون لليوم الثاني على التوالي العودة إلى منازلهم التي اضطروا لتركها بسبب القصف الإسرائيلي الكثيف، إما للاستقرار فيها او جمع بعض الحاجيات مما تبقى لهم.
وبالقرب من معبر ايريز الحدودي مع إسرائيل، في منطقة أبراج الندى، جاء سكان لتفقد شققهم السكنية التي تحولت إلى ركام بفعل القصف الإسرائيلي المكثف.
بينما أفاد مسؤول إسرائيلي كبير ان المفاوضات غير المباشرة بين حماس والدولة العبرية في القاهرة لم تحرز «أي تقدم» حتى الآن. وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه إن الخلافات لا تزال عميقة جداً. ولم يحصل تقدم في المفاوضات.
مفاوضات صعبة
في الاثناء، شددت حركتا حماس والجهاد الإسلامي على ضرورة أن يحقق الوفد الفلسطيني ما يأمله الشعب الفلسطيني في مفاوضات الهدنة في القاهرة، واعتبرتا المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل «صعبة».
وقال موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس «نحن امام مفاوضات صعبة ومعمقة في كل القضايا».
وأضاف «المطلوب أن يحقق الوفد الفلسطيني الموحد ما يامله شعبنا الفلسطيني» مبيناً «ان التهدئة الاولى – التي انتهت صباح الجمعة الماضي – قد مرت دون انجاز يذكر وهذه هي التهدئة” الثانية والأخيرة والجدية».
من جانبه قال يوسف الحساينة المتحدث باسم الجهاد الإسلامي «قطعنا أكثر من نصف الطريق في المفاوضات وهناك توقعات إيجابية حتى الآن في انجاز اتفاق مشرف يليق بحجم تضحيات شعبنا واولها وقف العدوان ورفع كلي للحصار».
وبعد أن أكد ان الوفد الفلسطيني «يخوض معركة ونقاشاً جدياً ومعمقاً»، اضاف الحساينة «ربما في الـ 24 ساعة المقبلة تكون الامور اكثر وضوحا في ما يتعلق بجميع الأمور المطروحة والتوصل لاتفاق مشرف» منوها أن موضوعي إنشاء ميناء وإعادة بناء مطار غزة الدولي «أمر متروك لتقديرات الوفد في القاهرة».
وتابع أن «موضوع معبر رفح ليس ضمن النقاش، في تفاهم بين الوفد الفلسطيني مع الأشقاء في مصر» مشيراً إلى «تسهيلات كبيرة منذ الاثنين على معبر رفح».
ويتصدر مطالب الفلسطينيين رفع إسرائيل الحصار البري والبحري المفروض على القطاع منذ العام 2006 بعدما احتجزت حركة حماس جنديا إسرائيلياً.
ويعيش في قطاع غزة نحو 1،8 مليون إنسان محاصرين بين إسرائيل والبحر ومصر التي تبقي معبر رفح مغلقاً إلا في حالات استثنائية.
تعنت اسرائيل
ويبدي نتانياهو تعنتا متسلحاً بتأييد غالبية سكان إسرائيل للحرب وضغوط المتشددين في حكومته الذين يطالبون بنزع سلاح حماس. ولكنه قال انه مستعد لأن تضطلع السلطة الفلسطينية بدور في إعادة إعمار غزة التي تسيطر عليها حماس بعد أن طردت منها السلطة برئاسة محمود عباس في 2007.
ونقلت الصحافة الإسرائيلية عن مسؤول كبير ان الدولة العبرية وافقت في القاهرة على تخفيف الحصار بشكل كبير ومنح نحو 5000 تصريح شهري للغزيين للتوجه إلى الضفة الغربية أو إسرائيل، وزيادة كبيرة في حركة البضائع عبر معبر كرم أبو سالم، بالإضافة الى قبول دخول أموال بظروف صارمة لدفع رواتب آلاف الموظفين وتوسيع نطاق الصيد البحري المسموح به.
وستقوم إسرائيل ايضاً بإطلاق سراح عشرات الأسرى الفلسطينيين مقابل جثتي جنديين إسرائيليين قتلا خلال الحرب. ولكن في المقابل، فإن الدولة العبرية لا ترغب في الحديث عن بناء ميناء أو مطار.
في الاثناء، كشفت مصادر متابعة للمفاوضات، عن وجود مقترح مصري جديد لهدنة طويلة مستخلصة من مطالب الطرفين. وبحسب المصادر، فان الوفد الفلسطيني لم يرفض المقترحات المصرية، وإنما طلب تعديلات عليها.
ورقة مصرية جديدة
وتتضمن الورقة المصرية الجديدة – وفقاً للمصدر – فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل والسماح بتدفق الأشخاص والبضائع بتنسيق مع السلطة، وأن يتم تحويل الأموال إلى موظفي الحكومة في غزة عبر السلطة الفلسطينية، وأن يتم توسيع مسافة الصيد إلى ستة أميال تزيد تدريجيا. كما يتضمن إلغاء المنطقة العازلة شمال وشرق غزة بشكل تدريجي.
وينص المقترح على وقف الاغتيالات بحق القيادات وعناصر المقاومة الفلسطينية، ووقف تحليق الطيران الإسرائيلي في سماء قطاع غزة، بينما تم تأجيل مناقشة ملفي المطار والميناء لمدة شهر، وكذلك تأجيل قضية الأسرى والجنود المختفين ومبادلتهم بفلسطينيين لمدة شهر.
وفي ما يتعلق بمعبر رفح فلا تزال مصر تصر على أنه موضوع فلسطيني – مصري وسيناقش على حدة.
الى ذلك، نقلت وكالة «فلسطين الآن» الإخبارية عن مصدر وصفته بالمطلع على مجريات مفاوضات اتفاق التهدئة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، القول «إنه لا اتفاق في المفاوضات الجارية في القاهرة برعاية مصرية».
وأوضح المصدر للوكالة المقربة من حركة حماس، أن المواقف ما تزال متباينة بين الطرفين وصعبة والاحتلال يطرح جزئيات، ولا يريد اتفاقاً متكاملاً.
كما نقلت عن القناة الإسرائيلية الثانية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو أبلغ المجلس الوزاري المصغر بأن الفجوات بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي إلى القاهرة كبيرة.
غزة – القاهرة – «الاسبوع العربي»