أبرز الأخبار

اليمن: قيادات عسكرية عليا تآمرت لاسقاط صنعاء

كان واضحاً منذ البداية، ان سقوط العاصمة اليمنية صنعاء بايدي الحوثيين ليس ناجماً عن مواجهة عسكرية حقيقية، وليس ناتجاً لعناصر القوة المستخدمة في المواجهة، وانما لمؤامرة حيكت بين اطراف الصراع، وساهمت فيها قوى تعتقد ان التطورات الجديدة على الساحة وفي مقدمتها نتائج الحوار لن تكون في صالحهم.

ويوماً بعد يوم، تكشفت حقائق محددة حول مجريات الاوضاع، وصولاً الى قناعة مفادها تواطؤ قيادات عسكرية مع الحوثيين، اسفرت عن تسليمهم العاصمة صنعاء بدون اي جهد يذكر.
القيادة اليمنية العليا، اصبحت الان في وضع حرج، فلا هي قادرة على محاكمة من تواطئوا مع التيار الحوثي. ولا هي قادرة على تصويب الخلل، واخراج الحوثيين من المناطق التي سقطت بايديهم. وبالتالي بدا واضحاً انها مضطرة للتعامل مع امر واقع بكل ما فيه من مرارات امتد اثرها الى المحيط الخليجي الذي تكشفت له جملة حقائق ابرزها وجود تدخلات خارجية، في اشارة الى التدخل الايراني الذي مكن التيار الحوثي من الوصول الى مرحلة قريبة من التفوق العسكري.

وزراء الداخلية الخليجيون
في هذا السياق، حذر وزراء الداخلية في مجلس التعاون الخليجي في اجتماع طارىء عقدوه في مدينة جدة، من أن دول المجلس لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التدخلات الخارجية في ذلك البلد، مؤكدين أن أمن اليمن وأمن دول المجلس يعتبر كلاً لا يتجزأ.
وأبدى الوزراء أملهم بأن يتجاوز اليمن هذه المرحلة مؤكدين أن ما يهدد أمن اليمن وسلامة شعبه يهدد أمن المنطقة واستقرارها ومصالح شعوبها.
وتدارس وزراء داخلية مجلس التعاون تطورات الأوضاع الأمنية في اليمن في ضوء الأحداث التي جرت في صنعاء وغيرها من المناطق، وما تعرضت له المؤسسات الأمنية والمدنية في اليمن من اعتداءات تمس سيادة الدولة وتعرض أمن الشعب اليمني للخطر، وأعربوا عن قلقهم البالغ من التهديدات التي وجهت للحكومة اليمنية وأجهزتها.
وأكدوا شجبهم الأعمال التي تمت بقوة السلاح وإدانة واستنكار عمليات النهب والتسلط على مقدرات الشعب اليمني، وأكدوا على ضرورة إعادة جميع المقار والمؤسسات الرسمية للدولة اليمنية وتسليم الأسلحة وكل ما تم نهبه من عتاد عسكري وأموال عامة وخاصة.
ومن جانبها، دعت السعودية الى تطبيق كامل وسريع لاتفاق السلام الذي وقع عليه المتمردون الحوثيون الشيعة في اليمن. وينص الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في 21 ايلول (سبتمبر) وتبعه ملحق امني تم التوقيع عليه في وقت لاحق، على تشكيل حكومة جديدة وعلى رفع الحوثيين المظاهر المسلحة من العاصمة اليمنية.
وكان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل قد دعا من امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك جميع الاطراف المعنية الى التطبيق الكامل والعاجل لبنود الاتفاق كافة، في اشارة الى الاتفاق الذي رعته الامم المتحدة.
ودعا المجتمع الدولي الى تقديم جميع اوجه الدعم لليمن في هذا الشأن. وحذر الوزير من خطر «الانحدار نحو العنف والصراع الذي سيكون الشعب اليمني ضحيته الاولى».
واعتبر انه إن لم يتم تدارك المخاطر في اليمن وتطبيق اتفاق السلام، فإن ذلك قد يقود الى تمدد «دائرة الصراع لتهدد الامن والاستقرار على المستويين الاقليمي والدولي وقد تصل لمرحلة تجعل من الصعوبة بمكان اخمادها مهما بذل لذلك من جهود وموارد».
وفي الاثناء، تناقلت وكالات انباء معلومات عن ان السبب في سقوط صنعاء بيد الحوثيين  الشهر الماضي هو تواطؤ قيادات عليا في الجيش اليمني معهم  وإصدارهم أوامر بالانسحاب وعدم المقاومة وتسليم المعسكرات لهم.

معسكرات رسمية
وقال قائد عسكري يعمل في المنطقة العسكرية السادسة إن قصف مقر الفرقة الأولى مدرع يوم سقوط صنعاء في 22 أيلول (سبتمبر) لم يكن من الحوثيين وحدهم بل تم رصده كذلك من معسكرات بمنطقتي الصباحة وفج عطّان، يتبع بعضها لوزارة الدفاع، وأخرى للحرس الجمهوري الذي كان يديره سابقاً أحمد علي نجل الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
ومن بين المعلومات التي جرى تداولها، قيام وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد بزيارة مبنى التلفزيون، وأصدار اوامره للكتيبة التي تحرس المبنى بعدم مهاجمة مواقع الحوثيين، وانه طلب من أفراد الكتيبة وقف إطلاق النار بحجة وجود لجنة وساطة ستحل الموضوع، وهو ما لم يحدث. وكان بمثابة غطاء لمنح الحوثيين فرصة للتقدم نحو المبنى واحتلاله.
وتتوقف مصادر متابعة لتطورات الموقف عند رفض جماعة الحوثي التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الا بعد السيطرة الكاملة على العاصمة صنعاء. ثم وقعت على الملحق الامني بعد ذلك بايام.
ورغم صمود كتائب عسكرية عدة لثلاثة أيام متوالية، فإن عدم إسناد وزارة الدفاع للمواقع التي تتعرض للهجوم أجبر بعض الوحدات على الانسحاب، وهو ما يعتبره كثير من الضباط بمثابة خيانة قام بها وزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان اللواء أحمد علي الأشول، على حد وصفهم.
ومن المعلومات التي يجري تداولها، ان وزير الدفاع اصدر اوامره بتسهيل مهمة دخول الحوثيين لمحافظتي البيضاء ومأرب بحجة انهم سيتولون مهمة محاربة تنظيم القاعدة هناك. وان مشادة حدثت بين الرئيس عبدربه منصور هادي واللواء علي محسن الاحمر بسبب تحفظ هادي على مقترحات تتعلق بالمواجهة مع الحوثيين.

تسريبات
ومن المعلومات التي يجري تسريبها، رصد اجتماع لضباط وخبراء في سفارة دولة عربية بصنعاء لتنسيق وترتيب تسليم العاصمة اليمنية للحوثيين، وضرب القوى العسكرية والسياسية المحسوبة على ثورة الشباب. واجتماعات أخرى عقدت بفندق مجاور للسفارة الإيرانية بصنعاء للغرض ذاته.
وتزامن ذلك مع تسريبات من طرف جماعة الحوثي مفادها أنها نسقت مع بعض القيادات الرسمية قبل مهاجمة صنعاء.
الى ذلك، افرجت السلطات اليمنية عن طاقم سفينة تهريب أسلحة إيرانية إلى اليمن (جيهان -1)، التي احتجزت قرب الشواطئ اليمنية في خليج عدن في كانون الثاني (يناير) عام 2012.
وأكد مصدر قضائي أن الطاقم يتكون من تسعة أشخاص، جميعهم يمنيون وصدرت أحكام ضدهم في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2012، حيث قضت محكمة البدايات الجزائية بعقوبة السجن لهم فترات تراوحت بين سنة وعشر سنوات، وذلك بعد إدانتهم بتهريب أسلحة إيرانية إلى اليمن.
ويأتي الإفراج عن طاقم سفينة تهريب الأسلحة الإيرانية (جيهان-1)، بعد مرور يومين فقط على إطلاق السلطات اليمنية سراح خبيرين عسكريين من الحرس الثوري الإيراني كانا معتقلين في اليمن، وتم تسليمهما إلى وسطاء عمانيين في مطار عدن الأربعاء الماضي.
وكان زعماء حوثيون قد طالبوا باطلاق سراح طاقم السفينة كشرط لوقف اطلاق النار.
وبالتزامن، كشفت مصادر حقوقية يمنية عن سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون في العاصمة صنعاء منذ استيلائهم عليها في 21 من ايلول (سبتمبر) الماضي، في الوقت الذي يواصل فيه الحوثيون احتلال منازل عدد من السياسيين وبعض المؤسسات، خصوصاً قيادة الجيش.
ونقلت بعض الصحف عن تقرير حقوقي صادر عن «مركز صنعاء للإعلام»، أن الحوثيين اقتحموا ونهبوا 62 منزلاً و35 مؤسسة حكومية و29 مقراً حكومياً و26 مؤسسة تعليمية و35 مسجداً و5 عيادات طبية، إضافة إلى انتهاكات أخرى طاولت عدداً من المؤسسات الإعلامية.
كما أشار التقرير إلى احتلال الحوثيين أكثر من 200 منزل ومؤسسة عسكرية وأمنية وإعلامية وجامعات وغيرها.

الدول العشر
في سياق مواز، دعا سفراء مجموعة الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية إلى الإسراع في تعيين رئيس وزراء في اليمن تنطبق عليه المعايير المحددة في اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وذلك ليتم استكمال تنفيذ الخطوات التالية في الاتفاق، والتي من ضمنها إزالة جميع نقاط التفتيش والمخيمات غير النظامية.
ورحّب سفراء مجموعة الدول العشر المعتمدون في صنعاء، في بيان لهم بثته وكالة الأنباء اليمنية، «باتفاق السلم والشراكة الوطنية الموقع في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي»، مؤكدين ضرورة تنفيذ هذا الاتفاق بشكل كامل وبأسرع وقت ممكَن وبحكمة. وأوضح البيان أن الاتفاق يقدم جنباً إلى جنب مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، خريطة الطريق والإرشادات لتحقيق السلم في اليمن. وأكد سفراء مجموعة الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها مواصلة دعمهم للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وتنفيذ هذه َالخطوات من أجل سلم ورفاه جميع اليمنيين.

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق