سياسة لبنانيةلبنانيات

المنظومة تعطل انتخاب رئيس للجمهورية فهل تعود الثورة وبقوة لقبعها؟

هل ينتظر المجلس النيابي كلمة سر او تسوية خارجية حتى يقدم على انتخاب رئيس؟

يعقد المجلس النيابي غداً جلسة خامسة في محاولة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. الا انها لن تختلف عن الجلسات الاربع الماضية. تأمين النصاب للدورة الاولى، وانسحاب فريق 8 اذار قبل بدء المرحلة الثانية، فيتعطل الانتخاب وتؤجل الجلسة اسبوعاً جديداً. كان متوقعاً ان تشهد هذه الجلسة بعض التغيير الشكلي لا الفعلي، بعدما اعلن التيار الوطني الحر انه لن ينتخب بورقة بيضاء هذه المرة، وانه سيطرح مرشحاً. وانتظرت الكتل النيابية للتعرف على مرشح التيار، وان كان معروفاً سلفاً، الا انه في اللحظة الاخيرة تراجع واعلن انه سيصوت بورقة بيضاء اسوة بفريقه الذي امتنع حتى الساعة عن ترشيح احد، وهو يصوت في كل مرة بورقة بيضاء ثم ينسحب من الجلسة، فتتعطل العملية الانتخابية ويستمر الفراغ القاتل الذي ينعكس على الحياة العامة، ويدفع الثمن الباهظ المواطنون المغلوبون على امرهم.
ينتظر النواب ان يتم التوافق حتى يتم انتخاب رئيس، فتسقط العملية الانتخابية التي ينص عليها الدستور الا بالشكل، ويحل محلها التعيين. ولكن حتى التوافق يبدو هذه المرة صعب المنال. فالمعارضة مفككة ومشرذمة وغير متفقة على مرشح واحد، رغم ترشيح النائب ميشال معوض من قبل كتلة وازنة تفوق الاربعين صوتاً. اما فريق 8 اذار فليس له مرشح حتى الساعة الا الورقة البيضاء، اما السبب فيعود الى عدم الحسم بين النائب جبران باسيل والوزير السابق سليمان فرنجية، وقد فشلت الجهود في التوفيق بينهما، اما على احدهما او على مرشح ثالث يتفقان عليه. وهكذا تتعطل العملية الانتخابية ويستمر الفراغ الذي اصبح عرفاً وكأنه امر طبيعي، لم يسبق للبنان ان شهده في الماضي. وقد انزل العلم عن القصر الجمهوري ايذاناً بوصول فخامة الفراغ.
هذا التخبط يؤكد مجدداً ان المجلس النيابي قاصر عن القيام بدوره، وان انتخاب رئيس للجمهورية لن يتم الا بكلمة سر تأتي من الخارج، فينصاع الجميع لها، واما بوساطة او مؤتمر يعقد بدعوة من خارج الحدود، على غرار لقاء الدوحة الذي انتج انتخاب الرئيس ميشال سليمان، او من خلال تسوية كالتي قادها سمير جعجع ولاقاه فيها الرئيس سعد الحريري وادت الى انتخاب ميشال عون. هذه التسويات ليست دائماً مفيدة، وان كانت تؤدي الى انتخاب رئيس. فالكل يعرف كيف ان التسوية الاخيرة ادت الى وصول البلد للانهيار الذي نعيشه اليوم.
هذه هي الصورة القاتمة المخيمة على البلاد اليوم. لا رئيس للجمهورية، حكومة تصريف اعمال بالحد الادنى، لا تستطيع ان تجتمع الا في حالة الضرورة القصوى ومجلس نيابي عاجز عن لعب دوره، وبالتالي لا اصلاح، ولا خطط تعافٍ ومشاريع تنتشل البلد مما هو فيه. وتتدهور الحياة المعيشية اكثر، ويحلق الدولار بشكل جنوني بناء على لعبة باتت مكشوفة ولا حكومة قادرة على لجمها. اما رئيس حكومة تصريف الاعمال فيجول في الخارج متنقلاً بين الجزائر حيث حضر مؤتمر القمة العربية، والقاهرة، حيث يحضر قمة المناخ. وقد قابل في جولاته هذه عدداً من المسؤولين الدوليين وفي طليعتهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وامين عام الامم المتحدة انطونيو غوتيريش، وفي كل لقاءاته يسمع عبارتين وحيدتين انتخاب رئيس للجمهورية وتنفيذ الاصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي، وهي ضرورية للداخل، الا ان الهمة على التنفيذ فباردة. اشهر طويلة مرت على هذا الملف وهو جامد لا يتحرك، وفي افضل الحالات يسير ببطء السلحفاة رغم النداءات الملحة داخلياً وخارجياً. فالحكومة يوم كانت كاملة الصلاحيات لم تنفذ هذه المطالب فهل من المعقول ان تنفذها اليوم وهي مكبلة بتصريف الاعمال؟ ثم ان المجلس النيابي يلاقيها بالتقاعس عينه. ثلاث سنوات مرت على مشروع قانون الكابيتال كونترول، وضع في ادراج المجلس النيابي يوم كان اقراره ضرورياً جداً، وترك المجال واسعاً امام تهريب الاموال الى الخارج وافلس البلد. وحتى الساعة لا يزال المجلس النيابي يجد الذرائع لمنع اقرار هذا القانون.
انها طبقة سياسية فاشلة وفاسدة ولا امل باي اصلاح في ظلها. لقد لاح بريق نور باحتمال ازاحتها يوم ظهرت ثورة 17 تشرين الا ان هذه المنظومة كانت الاقوى، فعطلت الثورة واطفأتها وبقيت متربعة على كراسيها تزرع الفساد في كل مكان، وتقتل الطموح عند الشباب اللبناني وتدفعه الى الهجرة بحثاً عن حياة كريمة. فهل تستفيق الثورة وتواجه هذه المنظومة الظالمة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق