تمت إعادة اعتقال كارلوس غصن، الرئيس السابق لمجلس إدارة تحالف «رينو-نيسان-ميتسوبيشي»، الاثنين، بعد صدور مذكرة توقيف جديدة بحقه في اليابان بتهمة عدم تصريحه عن كامل دخله لفترة ثلاث سنوات.
أصدر المدعون العامون في طوكيو الاثنين مذكرة توقيف جديدة بحق كارلوس غصن بتهمة عدم تصريحه عن كامل دخله لفترة ثلاث سنوات اعتباراً من 2015، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية الاثنين.
وتأتي المذكرة بالتزامن مع توجيه المدعين تهماً لغصن بعدم التصريح عن كامل دخله بين الأعوام 2010 و2015 وإلى شركة نيسان نفسها لدورها في تقديم التصاريح.
واعتقل رئيس شركة نيسان السابق في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) في اليابان للاشتباه بعدم تصريحه عن جزء من دخله يبلغ نحو خمسة مليارات ين (44 مليون دولار) بين الأعوام 2010 و2015، وأصاب سقوطه المدوي عن عرشه في قطاع الأعمال والإدارة العالم بصدمة.
وأمر القضاء الاثنين بإعادة توقيف غصن بتهمة إضافية وهي عدم تصريحه عن أربعة مليارات ين أخرى خلال السنوات الثلاث الماضية. وبموجب القانون الياباني يمكن إعادة اعتقال المشتبه بهم مرات عدة بتهم مختلفة، ما يسمح للمدعين العامين باستجوابهم لفترات طويلة، وهو نظام قضائي تعرض لانتقادات دولية.
والاثنين كان آخر يوم يمكن فيه للمدعين العامين الإبقاء على غصن وأقرب معاونيه غريغ كيلي، موقوفين قبل توجيه الاتهام إليهما أو إعادة توقيفهما. ويسمح القبض عليهما مجدداً للقضاء باستكمال استجوابهما لمدة 22 يوماً.
وبالإضافة إلى الاتهامات الموجهة إلى غصن، فإن الادعاء العام الياباني وجه التهمة أيضاً إلى كيلي وشركة نيسان نفسها، وفقاً لوسائل إعلام محلية، لأن الشركة هي التي قدمت المستندات الرسمية التي تقلل من قيمة دخل غصن.
حالة ذهنية «قتالية»
وينفي غصن هذه الاتهامات وهو في حالة ذهنية «قتالية»، وفق مصادر في شركة «رينو» الفرنسية التي لا يزال يقودها رسميا بالرغم من تعيين رئيس مؤقت لها. وكانت «نيسان وميتسوبيشي» الشركتان اليابانيتان في التحالف الثلاثي مع «رينو» عزلتا غصن رجل الأعمال الفرنسي-اللبناني-البرازيلي من رئاستيهما.
ويقبع غصن، الذي تعرض في السابق لانتقادات بسبب أسلوب عيشه الباذخ، حالياً وحيداً في زنزانة تبلغ مساحتها خمسة أمتار مربعة في أحد سجون طوكيو. وذكرت تقارير أنه أبلغ زواره من السفارات أنه يحظى بمعاملة جيدة، لكنه اشتكى من البرد. وتسجل الحرارة في العاصمة اليابانية الاثنين حوالي خمس درجات مئوية. ويقضي غصن وقته في قراءة الكتب والتقارير الإخبارية، وأعرب عن استيائه إزاء الطعام الذي يعتمد بمعظمه على الأرز، بحسب تقارير.
ووفق وكالة أنباء «كيودو» فقد أقر غصن بتوقيع وثائق لتأجيل جزء من راتبه إلى ما بعد إحالته للتقاعد، لكنه قال إن هذا المبلغ لا يحتاج إلى التصريح عنه لأنه لم يتم تحديده بشكل نهائي.
وذكر مصدر مقرب من التحقيق أن غصن وكيلي ابتكرا هذا النظام بعد صدور قانون جديد يجبر أعضاء الشركات الذين يتقاضون رواتب مرتفعة على التصريح عنها. ويشتبه في أن غصن قام بتأجيل جزء من دخله لتجنب انتقادات الموظفين والمساهمين لارتفاع راتبه. وقدمت «نيسان» التماساً لمحكمة في ريو دي جانيرو للمطالبة بمنع ممثلي غصن من دخول شقة فخمة مطلة على شاطئ كوباكابانا الشهير.
وقال ساتورو تاكادا المحلل في شركة «تي آي دبليو» للأبحاث والاستشارات ومقرها طوكيو «نحن نراقب عن كثب إذا ما تم حقاً توجيه الاتهام إليه واعتباره مذنباً». وأضاف لوكالة الأنباء الفرنسية «إذا أعفي من المحاكمة أو ثبتت براءته، فسيؤدي ذلك إلى إرباك كبير داخل إدارة نيسان».
ومن غير الواضح ما إذا كان بالإمكان إخراج غصن من السجن بكفالة قبل المحاكمة المحتملة. وتبدأ المحاكمة في اليابان في محكمة محلية. وبإمكان المدعين والمتهمين الاستئناف بعد صدور الحكم أمام محكمة عليا، لكن هذا قد يستغرق سنوات عدة قبل التوصل إلى حكم نهائي. وفي حال إدانته قد يواجه غصن عقوبة بالسجن تصل إلى 10 سنوات.
وتمثل هذه القضية انقلاباً مذهلاً لشخص اشتهر عالمياً بعد مساهمته في إنقاذ نيسان من الإفلاس وإعادة بنائها كشركة ناجحة تدر الأرباح. وبدأت نيسان عملية اختيار خليفة لغصن، ومن المتوقع أن يتخذ القرار النهائي في 17 كانون الأول (ديسمبر). كما أثار اعتقال غصن شكوكا في شركة «رينو» التي تملك 43 في المئة من شركة «نيسان»، وقالت الشركة الفرنسية إنها لم تطّلع على تفاصيل مفصلة حول الاتهامات الموجهة لغصن.
وفي لبنان، حيث أثار اعتقاله غضب الكثيرين، أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق «لكارلوس غصن نقول في محنته إن طائر الفينيق اللبناني لن تحرقه شمس اليابان».
فرانس24/ أ ف ب