سياسة لبنانية

سلام: نحن دولة فاشلة بمقاييس الالتزام بالدستور والتاريخ سيسجل اننا افشل حكومة

لفت رئيس الحكومة تمام سلام في مقابلة لـ «تلفزيون لبنان» ضمن برنامج «وجهاً لوجه» مع الاعلامية روزانا بو منصف الى «أن ذكرى التحرير تعيده إلى 16 سنة إلى الوراء عندما كان نائبا في البرلمان وذهب مباشرة إلى الجنوب، وكل اللبنانيين شعروا يومها أن هذا الإنجاز لهم جميعاً، معرباً عن امله في ان يكون الاجماع لبنانياً دائماً عند تحرير أي قطعة من لبنان في وجه العدو الإسرائيلي».
وتمنى سلام «أن تبقى هذه الذكرى قائمة في لبنان وفي ذاكرة اللبنانيين».
وعن موضوع الفراغ الرئاسي قال سلام: «لم يكن يتوقع احد أن يستمر الفراغ السياسي عند تكليفي برئاسة الحكومة، وعندما تم التكليف كان من المفترض أن تكون الحكومة لشهرين من أجل إجراء الإنتخابات النيابية، وعند تأليف الحكومة كان الإنطباع بأنها ستكون حكومة نهاية العهد ولم يكن أحد ينتظر أن تستمر لهذا الوقت، وما يهمنا ليس العمر بل الأداء».
ورأى سلام «ان للحكومة انجازات ملفتة ومع ذلك لم يكن ينتظر احد ان تستمر كل هذه المدة».
وقال: «إن الكلام عن أن الفراغ الرئاسي سيراكم سلبيات على البلد أصبح بمثابة «أغنية» يكررها الجميع، وأبرز السلبيات أداء المجلس النيابي والحكومة المتعثرة، وبالتالي الصراع السياسي الذي يحول دون إنتخاب رئيس ينعكس على كل الأمور ويؤدي إلى إضعاف هيبة البلد».
وتابع سلام: «إن الشغور الرئاسي يصيب الميثاقية التي تنص على التوازن في المواقع، ومناقشة تعديل الدستور تتطلب تطبيق الميثاقية من خلال إنتخاب رئيس، والدستور ليس عاجزاً بل هو من أفضل الدساتير في العالم وهو جاء نتيجة قناعات من شخصيات لبنانية درست كل التجارب التي مرت فيها، ولننتخب رئيسا فلماذا نستعمل الجانب التعطيلي من الدستور؟».
ورأى «انه في ظل نمو 0% في العام الماضي من الطبيعي أن ينشغل بالنا على الواقع الإقتصادي، وبكل تأكيد الفراغ الرئاسي يؤثر على هذا الموضوع»، معتبراً ان السلطة التنفيذية يجب ان تُحرك وتدير البلد».
وقال: «نعم نحن دولة فاشلة بمقاييس الالتزام بالدستور».
اضاف: «حكومتنا أصبحت تسمى حكومة الفشل والفساد، ومن المعاناة التي أمر بها أن هذا الأمر سيسجل بعد إستقالتها، وخياراتي كل يوم تصعب أكثر وأكثر، وأنا أتحمل المسؤولية بسبب شعوري بأن اللبنانيين لا يريدون اليوم اخذ البلد إلى مكان فيه ضرر أكبر، ولكن في النهاية تصل الامور إلى مكان يطوف فيه الكيل».
ولفت سلام الى انه كتب إستقالته اكثر من مرة ، مشيراً الى «ان الرئيس بري يشاركه بالمسؤولية وهو يسعى إلى عقد طاولة الحوار وأنا أعمل على محاولة الصبر على الواقع الحكومي».
واكد سلام الى انه «ليس مع تعديل النظام أو تغييره»، مشيراً الى «ان المراجعة ضرورية لكن المطلوب حد أدنى من الإستقرار، ومفتاح أي شيء مستقبلي فيه فائدة للبنان هو إنتخاب رئيس للجمهورية».
وقال: «إن موضوع انتخاب الرئيس في لبنان تقليديا يرتبط بالخارج، وفي ظل ما يحصل اقليمياً ودولياً فلا احد يهتم ببلدنا».
اضاف: «في السابق كنت أعتقد أن الخروج من الأسماء المطروحة قد يساهم في معالجة المشكلة، وأنا أكبر المتضررين من الفراغ الرئاسي لأن المسؤولية كبيرة على عاتقي ولكن القوى السياسية تستفيد من ذلك وتأخذ راحتها على مستوى التجاذبات لدرجة أن الأمور التي تعني المواطن اصبحت تنازع حصص، وقد تحدثت يوم أزمة النفايات عن نفايات سياسية والأمور لا تزال على الحال نفسه».

لا يمكن الاستمرار بالتعطيل
ولفت سلام الى «ان هناك إعتراضاً كبيراً على إجراء الإنتخابات النيابية قبل الرئاسية»، مشيراً الى «ان الرئيس بري طرح هذه المبادرة من أجل رفع العصا ونحن نعم بحاجة إلى إنتخابات نيابية وإلى إنتخاب رئيس وهذا الأمر موضع تباين بين القوى السياسية».
وقال: «إن الدعوة إلى الإنتخابات النيابية، بعد النجاح في إجراء الإنتخابات البلدية، مرتبطة برغبة الناس في التغيير نتيجة إنعدام ثقة الناس بنوابهم وربما هذا التغيير يكون مفيداً».
وعن المساعي الفرنسية، قال سلام: «إن فرنسا من بين أكثر الدول إهتماماً بلبنان ورغبة بمساعدته، وخلال زيارة الرئيس هولاند كان هناك تحسس بما يمكن أن تقوم به فرنسا من أجل مساعدة لبنان، والمسعى الفرنسي لا يزال قائماً لكن الصيغة أو الشكل غيرا الوضع، وهناك في مكان ما قرار دولي بالحفاظ على لبنان وعدم السماح بانهياره والأمر يعود إلى سنتين وشهرين عند تأليف الحكومة حيث تلقيت إتصالا من الرئيس الاميركي باراك أوباما تحدث فيه عن الأمال التي يعلقها على الحكومة وعن المرحلة الصعبة، ومن حينها بدأت أشعر بأن الفراغ الرئاسي قد يطول».
واكد ان «ليس هناك من مصلحة في تراكم السلبيات إلى حين الوصول إلى مكان قد ينهار لبنان في لحظة غفلة في ظل الإنشغال الدولي والإقليمي في ملفات أخرى».
وقال: «إن أكثر الملفات التي تؤثر علينا هي سوريا، ولو تمت معالجة الأزمة السورية قبل اليوم لما وصلنا إلى ما وصلنا اليه».
وتابع: «لو لم أهدد بالإستقالة لما كنا توصلنا إلى حل لأزمة النفايات، وبحال لم نعالج هذا الملف من منطلق وطني لن نصل إلى نتيجة».
ورأى «ان حديث الرئيس نبيه بري عن إنتخاب رئيس قبل أن تهبط الفيدرالية في المنطقة يعود إلى أنه يرى ما يحصل في المنطقة، ويجب على جميع الأفرقاء إستدراك المخاطر».
اضاف: «وفي ما يتعلق بانتخابات الرئيس جرت مرة وحيدة بقدرات محلية وداخلية في العام 1970، وعندها كان هناك إنقسام شبيه بالذي هو قائم اليوم، لكن الزعماء الموارنة الثلاثة عندما شعروا بأنهم ليسوا بقادرين على الوصول الى الرئاسة، ذهبوا إلى مرشح تسوية والفريق الآخر الذي خسر قبل النتيجة».
وسأل سلام «لماذا لا تجتمع القيادات المسيحية اليوم من أجل الإتفاق على شخصية أخرى؟ ومؤكداً انه لا يمكن الإستمرار في هذا التعطيل». وقال: «إن المطلوب هو بذل جهود جبارة ويجب الا تكون القيادات عاجزة لأن المطلوب منها الإنجاز والعبور بالوطن».
ورأى «ان الأفرقاء السياسيين يعرفون ما لهم وعليهم ويعرفون ما رأي الناس بهم ومصالحهم قبل أي شيء آخر»، لافتاً الى انه يسعى «إلى عدم القيام بأي أمر لا يخدم بلدنا، ومن اليوم الذي استلمت فيه هذه المسؤولية لا مشروع لدي في البلد ولا مصالح شخصية».
وقال:«من الطبيعي أن يكون لدى من يعمل في السياسة مصالح شخصية، ولكن هذه المصالح يجب الا تكون على حساب البلد والا تكون مصالح فئوية».
واعتبر سلام ان «الإنتخابات البلدية أعطت جرعة دعم للبلد وليس فقط للحكومة، مشيرا الى ان هذه الإنتخابات هي المؤشر السياسي الأول للحياة السياسية، الى حد بعيد»،
ورأى ان «هناك تداخلاً في لبنان بين السياسي والعائلي».
ولفت الى انه يجب إعتماد قانون إنتخاب يفسح في المجال للناس للتحرر من سطوة القوى السياسية نفسها، معتبراً «انه من الأفضل أن يكون هناك إنتخاب وفق أي قانون، من  الا تكون هناك إنتخابات»، وقال: «إن الإتفاق على قانون إنتخاب أمر ليس بالسهل، وحتى الآن ليس هناك من مؤشرات على الإتفاق على قانون إنتخاب، ولكن ربما القانون المختلط يبصر النور».

لا ضغوطات للتوطين
ورداً على سؤال، اشار سلام «الى انه يسعى في المحافل الدولية إلى إسماع صوت لبنان، ولكن مع الأسف في بعض الأحيان صوتنا في الخارج لا يكون موحداً».
وقال: «لا أحد ضغط علينا في لبنان من أجل الذهاب إلى التوطين، وإذا كان هناك بعض العبارات التي استخدمت عن الضغط على بعض الدول من أجل التوطين، فإن لبنان ليس مقصوداً، ولكن يجب أن نبقى واعيين ومتنبهين».
اضاف: «اننا نحذر ان التوطين خطر في حال حاول البعض أن يظهر بأنه أحرص من غيره أو أظهرنا أننا غير موحدين، ويجب أن يكون هناك موقف موحد، وأنا كمسؤول أعبر عن موقف موحد، ومن يريد أن يتقاذف هذا الموضوع من أجل التسلية فهو حر».
ورأى انه «في ظل العجز عن الإتفاق بين المسيحيين حول الرئاسة يتم الذهاب إلى الكثير من الأمور من أجل إلهاء المواطنين».
واوضح سلام «ان هناك خطة وخلية عمل لمتابعة ملف النازحين ، مشيراً الى انه في آخر جلسة لمجلس الوزراء صدرموقف، وهذا الأمر الصحيح ان تتم مناقشة المواضيع في مجلس الوزراء وليس المزايدة».
ولفت سلام الى ان هناك الكثير من الأمور الصعبة التي واجهته على مدى السنتين، أولاً حول كيفية الإستمرار في ظل غياب الرئيس وآلية العمل التي تعرقلت أكثر من مرة»، مشيراً الى «ان لبنان هو بلد التسويات وفي التسويات نستطيع التحمل أكثر وأسوأ التسويات كانت دخول الثلث المعطل إلى الحكومة في مؤتمر الدوحة، وفي الحكومة الحالية هناك ما هو أسوأ من الثلث المعطل حيث رفض مكونين يعطل الحكومة».
وقال: «لم أدع بأي لحظة أنني راغب بالقيام بالإنجازات الكبرى، بل أدركت أنه في ظل هذه التركيبة حمل الأمانة لوحدي إنجاز وبقائي إلى اليوم أعتقد هو إنجاز لأن قدرة التخلي قائمة لكنها تكون تخلياً عن البلد».
وتابع: «أنا لا أسس لمشروع شخصي وليس لدي حزب سياسي ولا برنامج أتابعه، وحتى اليوم أشعر أن الناس لها ثقة بي ولا تتخلى عني، ولكن عندما تتخلى عني الناس لن أبقى».

المقاومة وانتصاراتها
وعن المقاومة، قال: «لابد من التأكيد بأن إنتصار لبنان كان كبيراً ولأبناء الجنوب مكانة خاصة بذلك لما تحملوه وما قاموا به وما زال لهذه المقاومة مكانة كبيرة نظراً إلى أن العدو لا يوفر أي شي من أجل الإعتداء على لبنان».
اضاف: «في العام 2006، سجل إنتصار كبير للبنان في الميدان، لكن مع الأسف حصلت الإنتكاسة في الداخل ودخلنا في ما دخلنا فيه في الدوحة، وسجل علينا إنتصار سياسي عبر تفكيك جبهتنا الوطنية».
ورأى «أن المقاومة تضعف كما كل شيء في ظل التشرذم والتفكك الداخلي ونحن في وسط هذا التفكك والإنقسام، واليوم هناك تساؤلات كبيرة حول دور المقاومة التي أصبحت وجهتها في أماكن أخرى وهذا الأمر يدخلنا في تباينات نأمل أن نتجاوزها من أجل أن تعود وحدتنا».

العلاقة مع العرب
وعن علاقة لبنان بمحيطه العربي، لفت سلام الى انه «لا يمكن لأحد أن يتصور لبنان من دون عمقه العربي وعلاقاته مع الدول الخليجية المميزة ونحن ندين لهذا العمق بالكثير من الشكر والتقدير واليوم إذا وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، برأيي، فإن لبنان لن يحصد إلا الضرر».
واشار الى انه بذل وسيبذل كل الجهود «من أجل تصحيح المسار مع الدول الخليجية، والمطلوب أن يشعر أهل الخليج أنهم غير مستهدفين وأن اللبنانيين يحفظون لهم الود والإمتنان على كل العلاقة القديمة لا أن يتنكروا لهم أو يتخلوا عنهم».
وناشد سلام «جميع الاطراف السياسية بوقف الحملات لما فيه من ضرر قد ينتج عنها في العلاقة مع دول الخليج».

القانون على المصارف
وعن القانون الأميركي على المصارف، رأى سلام «ان هذا الامر حساس ويتطلب متابعة دقيقة وكان لي لقاءات وتواصل مع الأميركيين ولمسنا منهم الحرص على لبنان وتقديم مساعدات إلى الجيش لمواجهة الإرهاب وصد الإعتداء على لبنان والحفاظ على مؤسسات الدولة».
وقال: «إذا أرادوا الإضرار بلبنان فهم يستطيعون ذلك، ومن هنا نتابع ولن نتخلى عن متابعة القانون الأميركي وإلى هذه اللحظة ليس هناك ما يؤذي أو يضر لبنان، والجميع في الداخل يتعاون من أجل ذلك».
واعرب سلام عن امله «في الا يكون هناك مس بالإستقرار النقدي في لبنان من خلال القانون الأميركي».
وعن الاوضاع في المنطقة، لفت سلام «الى ان هناك الكثير من الأمور في المنطقة وليس فقط في لبنان تنتظر الإنتهاء من الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وما نسمعه من الروس والأميركيين حول الأزمة السورية لا يطمئن»، معتبراً ان «الأوضاع في سوريا والمنطقة سبب إضافي من أجل تحصين أوضاعنا وحماية إستقرارنا».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق