أبرز الأخبار

سوريا: «جنائية بديلة» او «ضربة خاطفة» خيارات واشنطن الراهنة

بدعم واسناد صيني، نفذت روسيا ما التزمت به، واستخدمت حق «الفيتو» ضد مشروع قرار عرض على مجلس الامن الدولي، يقضي باحالة النظام السوري الى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

الخطوة الروسية – الصينية التي قدرتها دمشق، واثنى الرئيس بشار عليها امام مسؤول روسي رفيع زار دمشق، وننقل الى قيادتها معلومات على درجة كبيرة من الاهمية، وضعت الملف امام منعطف يعتقد محللون ان من شانه اعادة خلط الاوراق من جديد، وخصوصاً على مشارف الانتخابات الرئاسية التي ستجري الاسبوع المقبل.
فبعد يوم من نجاح روسيا والصين في تعطيل مشروع القرار الخاص باحالة دمشق الى الجنائية ا
لدولية، استقبل الرئيس الاسد وفداً روسياً رفيعاً برئاسة ديمتري روغوزين نائب رئيس حكومة روسيا الاتحادية. وقالت وكالة الانباء السورية – سانا – ان الرئيس السوري «عبّر عن تقديره لمواقف روسيا الداعمة للشعب السوري في الحرب التي يخوضها ضد الارهاب». وشدد الاسد على «اهمية الدور الروسي في حماية الاستقرار في العالم والوقوف في وجه محاولات الغرب الهيمنة على دول المنطقة».
من جهته، اكد روغوزين «ثبات الموقف الروسي في تعزيز صمود سوريا واستعدادها الكامل لترسيخ التعاون بين الجانبين في شتى المجالات». ونقلت سانا عن المسؤول الروسي اعتباره ان هذه الانتخابات «تكتسب اهمية كبرى في ظل الظروف الراهنة، لانها تتيح الفرصة للسوريين للتعبير عن ارادتهم ورسم مستقبل بلادهم». واشارت سانا الى ان لقاء الاسد بالوفد الروسي تناول ايضاً «العلاقات الثنائية بين البلدين وأهمية توسيع آفاق التعاون القائم بينهما»، مشيرة الى ان روغوزين هو «رئيس الجانب الروسي في اللجنة المشتركة الروسية السورية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني». وقال التلفزيون الرسمي السوري ان اللجنة وقعت «مذكرة تفاهم حول مجالات التعاون في الاطار الجمركي والاقتصادي»، من دون تقديم تفاصيل اضافية.

وفد روسي
الى ذلك، تسربت معلومات عن قيام الوفد الروسي باطلاع الرئيس الاسد على تفاصيل تتعلق برد الفعل الاميركي ازاء الفيتو الروسي – الصيني الذي احبط مشروع القرار الفرنسي المدعوم اميركيا، بخصوص المحكمة الجنائية الدولية.
وتقوم ردة الفعل اساساً على محاولة اعادة خلط الاوراق عشية موعد الانتخابات الرئاسية السورية التي ستجري قريباً، والتي ستنتهي بالتجديد لولاية رئاسية اخرى للرئيس بشار.
المعلومات التي جرى تداولها في اللقاءات الرسمية بين الوفد الروسي ورسميين سوريين، تشير الى انه في الوقت الذي تلتزم كل من روسيا والصين بالفيتو لمنع فتح تحقيق أممي بجرائم الحرب السورية، بدأت الولايات المتحدة باستكشاف مجموعة واسعة من الخيارات لملاحقة المسؤولين السوريين بتهمة جرائم الحرب، وذلك ببحث إمكانية تشكيل محكمة في بلد مجاور.
ويجري مسؤولون اميركيون مداولات لمعرفة كيفية تشكيل كيان قانوني يحاكم جرائم الحرب السورية في دولة مجاورة وخصوصاً في الاردن او تركيا. الا ان الدولتين ترفضان استضافة هذه المحكمة، ولم يتم التوصل إلى طريقة لجلب المتهمين السوريين أمام العدالة. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة الـ «فورين بوليسي» عن مصادر أميركية قولها إن «الولايات المتحدة تعمل بالفعل على مناقشات غير رسمية مع الحكومات الأجنبية بشأن خطة للحصول على تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة لإنشاء هذه المحكمة، التي ستتألف من قضاة ومحامين ومدعين عامين سوريين وإقليميين ودوليين».
وترجح المصادر أن يكون مقر هذه المحكمة في الأردن أو تركيا، إذ تهدف الخطة الاميركية قيد النظر إلى دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار يدعو الأردن أو تركيا للعمل مع الأمين العام للأمم المتحدة من أجل إنشاء ما يسمى «محكمة مختلطة» تتألف من أعضاء سوريين ودوليين، على أن يتم تمويلها من مساهمات طوعية من الحكومات التي تدعم هذا الجهد.

تسريبات
في سياق الزيارة التي قام بها الوفد الروسي، والمعلومات التي نقلها الى دمشق، توقف متابعون عند تزامنها مع تحذيرات روسية من تحول دمشق إلى مركز لتصدير الإرهاب والسلاح والمخدرات إلى أوروبا في حال سقط نظام بشار الأسد.
كما تزامنت مع تسريبات لوسائل إعلام في موسكو نقلاً عن رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف، قوله خلال المؤتمر الدولي للأمن في موسكو إنه لا يستبعد شن الدول الغربية عملية عسكرية ضد سوريا، وتحذيراته من أنه «في حال سقوط النظام السوري، فإن البلاد ستتحول إلى مركز لتصدير الإرهاب، والتطرف، والسلاح، والمخدرات من الشرق الأوسط إلى أوروبا، وغيرها من المناطق في العالم». اما الجديد في هذا الملف، فهناك معلومة تشير الى تحذيرات من ان تعمد واشنطن الى التسريع بالضربة «غير المستبعدة» بهدف تعطيل الانتخابات وخلق حالة من الفوضى.
وبحسب محللين فإن هذا التحذير يأتي لزيادة التحوط فقط، واللجوء الى ابعد الاحتمالات بما في ذلك الاحتمالات الصعبة او التي تلامس المستحيل. وبالتالي تسجيل موقف اضافي عند السوريين الذين يدينون بالشكر للدولة الروسية بحكم مواقفها الصلبة المدافعة عن النظام السوري.

التصنيع الحربي
في الاثناء، اعلنت جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، تأسيس «مؤسسة للتصنيع والتطوير الحربي»، داعية في بيان اصدرته «كل المسلمين» للانضمام الى المؤسسة التي تهدف الى مواجهة «شح» التسليح.
وقالت الجبهة في البيان، الذي نشر ليل السبت على حسابها على موقع «تويتر»، «كمحاولة منا لإرساء أسس صناعة عسكرية حقيقية لتكون بداية لاستعادة الريادة في هذا المجال، قام اخوانكم في جبهة النصرة بإنشاء مؤسسة «بأس» للانتاج والتطوير الحربي، لتكون اول نواة لتصنيع وتطوير سلاح فعّال يصنع بنسبة 100 بالمئة على ايدي اخوانكم المجاهدين وبصورة فنية مدروسة».
الى ذلك، ارتفعت حصيلة القتلى في مدينة درعا في جنوب سوريا الى 37 نتيجة قصف قام به مقاتلو المعارضة على تجمع انتخابي موال للرئيس السوري بشار الاسد. وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان فإن «القتلى 19 مدنياً بينهم اربعة اطفال، و12 عنصراً من اللجان الشعبية الموالية للنظام، وستة جنود».
وقتل هؤلاء في قصف بقذائف هاون مصدره مواقع لمقاتلي المعارضة استهدف خيمة في حي المطار في مدينة درعا كانت تشهد تجمعاً في اطار الحملة الانتخابية المؤيدة لوصول الرئيس السوري بشار الاسد الى سدة الرئاسة، وذلك قبل اسبوعين تقريباً من موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من حزيران (يونيو). واوقع القصف الذي استهدف حيا تسيطر عليه القوات النظامية عدداً كبيراً من الجرحى.
ولا يوجد منافس فعلي للرئيس السوري الذي يتوقع ان يبقى في منصبه نتيجة الانتخابات التي اعتبرتها دول عدة داعمة للمعارضة «مهزلة»، فيما نددت بها الامم المتحدة. وينقل الاعلام الرسمي السوري باستمرار اخبار «مهرجانات شعبية حاشدة» مرفقة بصور تتم في مناطق سورية عدة دعما للاسد. وستقتصر الانتخابات الرئاسية على المناطق التي يسيطر عليها النظام.

احمد الحسبان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق