رئيسي

ليبيا: البرلمان يطالب بتدخل دولي ويقر اجراء انتخابات رئاسية مباشرة

عشرات القتلى، ومئات الجرحى، والاسر الفارة من جحيم الحرب. هذا هو ملخص التقارير الصادرة من مدينتي طرابلس، وبنغازي الليبيتين. حيث ترتفع وتيرة المواجهات، وتؤشر المعطيات على عمق الازمة، وتشعبها، وصولاً الى مرحلة متقدمة من الحرب الاهلية.

اللافت في تفاصيل الازمة الليبية هو تعدد اطرافها، وبشكل يصعب معه تحديد تلك الاطراف. فاضافة الى قوات حفتر، والتيار الاسلامي، ثمة عشرات الفصائل التي يراها محللون اشبه بـ «كثبان رملية» متغيرة.
بالتوازي، ثمة احاديث عن تدخلات خارجية تغذي كل تلك الاطراف، وصولاً الى تعميق الازمة.
فقد لقي العشرات من الليبيين مصرعهم، ولجات عشرات الاسر الى الفرار من ديارها جراء قصف صاروخي متبادل لضواحي غرب العاصمة الليبية طرابلس ناجم عن مواجهات بين الجماعات المسلحة التي تتقاتل على الساحة الليبية. بينما تبنى مجلس النواب (البرلمان) قراراً يدعو الأسرة الدولية إلى «التدخل لحماية المدنيين فوراً» من أعمال العنف في البلاد خصوصاً طرابلس وبنغازي. وتعرضت منطقة غوط الشعال في لقصف عنيف بأسلحة ثقيلة ومتوسطة وصواريخ غراد.

انفجار صهاريج النفط
وتشهد طرابلس اشتباكات عنيفة بين قوات «حفظ أمن واستقرار ليبيا» من جهة وقوات تتبع لواءي الصواعق والقعقاع من جهة أخرى. وادت المواجهات الى حدوث انفجار ضخم في صهاريج للنفط بطريق المطار. ولم تتمكن المرجعيات المختصة من معرفة وحصر انواع  الخزانات المحترقة وعددها، بسبب تجدد الاشتباكات في محيط المنطقة.
وفي الاثناء، أصيب عشرة أشخاص – بينهم أطفال – بجراح متفاوتة الخطورة بعد استهداف طائرة حربية تابعة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بناية سكنية في مدينة درنة شرقي ليبيا.
وقال سكان في درنة إن الطيران التابع لحفتر نفذ ثلاث طلعات جوية في سماء المدينة قبل أن يقصف الميناء مرتين ثم عمارة سكنية في حي قريب من الميناء، مما أدى إلى جرح الأشخاص العشرة. وبثت قناة النبأ الليبية الخاصة صورا لأطفال أصيبوا بحروق إثر استهداف العمارة السكنية. كما قصف طيران حفتر ميناء درنة وصالة الميناء مخلفاً أضراراً مادية بالميناء، وفقا لمصادر محلية.
ويقود حفتر ما يسمى «الجيش الوطني الليبي» الذي يشن منذ أسابيع هجوماً عسكرياً أطلق عليه «عملية الكرامة»، ويقول إن قواته تستهدف مواقع من يسميهم «إرهابيين» في درنة وبنغازي. وفي بنغازي، قال مصدر محلي إن طائرة حربية تابعة لقوات حفتر قصفت موقعاً في منطقة بوعطني بالمدينة.
وكانت القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر قد تعرضت مؤخراً لانتكاسة إثر سيطرة مقاتلي ما يعرف بمجلس شورى ثوار بنغازي على معسكراتها بالمدينة، بالإضافة إلى معسكرات تابعة لقوات الصاعقة الخاصة.
وقتل عشرات في المعارك التي شهدتها المدينة، وبلغ عدد قتلى جنود القوات الخاصة خلال المواجهات الأخيرة ببنغازي 63 قتيلاً وحوالي مائتي جريح، وفقاً لمصادر محلية. ويتهم الثوار الليبيون اللواء حفتر بقيادة ما يعتبرونه انقلاباً على ثورة 17 شباط (فبراير) 2011 التي أطاحت العقيد معمر القذافي.
على صعيد مواز، كشف اعضاء في مجلس النواب ان البرلمان الليبي الجديد الذي عقد جلسته في طبرق صوت على قرار بأغلبية 111 صوتاً من أصل 124 حضروا الجلسة بطلب المجتمع الدولي للتدخل وحماية المدنيين في ليبيا بشكل فوري وسريع خصوصاً في طرابلس وبنغازي. ونص القرار على أنه «على المجتمع الدولي التدخل بشكل عاجل وفوري لحماية المدنيين في ليبيا خصوصاً في العاصمة طرابلس».
وصوت المجلس بأغلبية ساحقة ايضاً على إجراء انتخابات مباشرة يختار من خلالها الشعب الليبي رئيسه الجديد.

منتسبو الجيش
في الاثناء، أعلن منتسبو الجيش الليبي في مدينة زليطن شرق العاصمة طرابلس رفضهم ما يُعرف بـ «عملية الكرامة» التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر. كما اعلنوا تأييدهم حل كتيبتي القعقاع والصواعق.
وأكد منتسبو الجيش في زليطن – في بيان تلاه ممثل عنهم- دعمهم «عملية فجر ليبيا» التي تشنها «قوات حفظ أمن واستقرار ليبيا» لإخراج كتيبتي القعقاع والصواعق من مطار طرابلس الدولي والمعسكرات المحيطة به.
وفي الاثناء، اعلن المتحدث باسم القوة الأمنية المشتركة عصام النعاس، بأن مجهولين اغتالوا مدير مديرية أمن طرابلس العقيد محمد سويسي في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس. وبحسب التقارير الامنية، اغتيل سويسي بعد خروجه من اجتماع مع المجلس المحلي لمنطقة تاجوراء، حيث أطلق المسلحون المجهولون عليه وابلا من الرصاص فأردوه قتيلاً ثم لاذوا بالفرار، واختطفوا اثنين من مرافقيه.
وعلى الصعيد السياسي، صوّت مجلس النواب الليبي بأغلبية ساحقة على إجراء انتخابات مباشرة يختار من خلالها الشعب الليبي رئيسه الجديد، في مسعى لوضع البلاد على المسار نحو الديمقراطية بعد ثلاث سنوات من اطاحة العقيد الراحل معمر القذافي.
ولم يحدد المجلس موعدا للانتخابات، في الوقت الذي تعاني فيه ليبيا من أسوأ أعمال عنف منذ الصراع الذي أطاح بالقذافي، حيث تشتبك كتائب مسلحة في طرابلس بالصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون.
ويأمل شركاء غربيون أن يتيح مجلس النواب الجديد المجال أمام مفاوضات بين الكتائب المتناحرة وداعميها السياسيين، ليعود الاستقرار إلى ليبيا بعد شهر من اشتباكات حولت العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي إلى ساحتي قتال.
على صعيد متصل، أصدر رئيس الأركان العامة للجيش الليبي عبد السلام جاد الله العبيدي أمراً إلى أركان القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي وحرس الحدود والمناطق العسكرية وإلى التشكيلات والدروع التابعة لرئاسة الأركان، بالوقف الفوري لإطلاق النار في جميع مدن ليبيا، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الليبية أمس الأول.

مجلس النواب
من جهته، دعا المجلس الأعلى لثوار ليبيا رئاسة المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته إلى تحديد موعد انعقاد جلسة إتمام مراسم التسليم والتسلم القانونية لمجلس النواب بمدينة بنغازي، مؤكدا استعداد الثوار لتأمين أعماله.
كما دعا المجلس الأعلى للثوار أعضاء مجلس النواب للتوجه إلى مدينة بنغازي والإسهام بشكل فاعل في إنهاء حالة الانقسام، مشيراً إلى أن الأعضاء الموجودين في طبرق خالفوا ما جاء في الإعلان الدستوري الذي منح رئاسة المؤتمر الوطني صلاحيات تحديد مكان وزمان انعقاد جلسة التسليم والتسلم للمجلس.
في الاثناء، عبر نحو 150 ألف شخص فروا من أعمال العنف في ليبيا معبر راس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس، بحسب أرقام أعلنت عنها وكالة الأنباء التونسية.
ونقلت الوكالة عن مصدر أمني قوله إنه حتى مساء الاثنين عبر أكثر من 147 ألف شخص من 74 جنسية معبر راس جدير قادمين من ليبيا جراء تدهور الأوضاع الأمنية هناك.
ومع انزلاق الأوضاع الأمنية في ليبيا مؤخراً إلى الفوضى بسبب الصراع على النفوذ بين ميليشيات مسلحة في طرابلس وبنغازي، أصرت الحكومة التونسية على الا تتحول أراضيها إلى موطن لجوء وأن تكون مجرد أرض عبور وإجلاء للوافدين باتجاه بلدانهم بسبب دقة الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي تواجهها تونس.
وسجل المعبر مرور عشرات الآلاف من الليبيين وأكثر من 12300 مصري تم إجلاؤهم إلى بلدهم عبر جسر جوي أقامته شركة الطيران المصرية انطلاقاً من مطاري جربة (جرجيس وقابس) مطماطة بالجنوب التونسي.
وأوضحت الوكالة أن جنسيات أخرى عدة من آسيا على وجه الخصوص عبروا الحدود من بينهم 500 هندي تم إجلاؤهم إلى بلدهم عبر رحلتين إلى جانب جاليات أخرى من إندونيسيا والفلبين وتايلاند.

رفض التدخل الاجنبي
وفي السياق، قال وزير الخارجية التونسي المنجي الحامدي إن بلاده ترفض أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا التي تشهد حرباً أهلية بين ميليشيات متناحرة على النفوذ باتت تهدد دول المنطقة. وأوضح وزير الخارجية في تصريحات صحفية خلال مؤتمر سنوي للبعثات  الدبلوماسية «لا نتوقع ضربات ونحن نرفضها رفضا تاما ولا نشجع عليها. نرفض كل تدخل أجنبي في ليبيا أو غير ليبيا. نحن دول مستقلة ودول الجوار».
واكد الحامدي سعي بلاده لمساعدة الليبيين في الوصول إلى حل سياسي، مجدداً التأكيد على ان الحل السياسي هو الاسلوب الوحيد لحل الازمة.
وتشكل الحدود المترامية لليبيا المطلة على ست دول تهديداً أمنياً حقيقياً لها مع تزايد خطر تسلل عناصر إرهابية وتسريب السلاح إلى الجماعات المسلحة المتمركزة في الجبال والمرتفعات والمناطق الوعرة على الحدود.
وتزايدت المخاوف من إمكانية تمدد خطر الجماعات الإسلامية المتشددة مثل  تنظيم أنصار الشريعة والقاعدة في المغرب الإسلامي في الدول المحيطة  بليبيا.
وعقدت دول جوار ليبيا في منتصف تموز (يوليو) الماضي في تونس اجتماعاً لبحث  المخاطر الأمنية على المنطقة مع تصاعد النزاعات الداخلية في ليبيا التي باتت مرتعاً للفصائل المتشددة. وخلص الاجتماع إلى التأكيد على ضرورة معالجة بؤر الإرهاب في ليبيا باعتبارها مصدر قلق لليبيا ولدول الجوار المباشر وتجفيف منابعه،  والتصدي لتهريب السلاح والجريمة المنظمة.

ا. ح

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق