افتتاحية

سوريا امام المنعطف

سوريا امام المنعطف
في الوقت الذي شكلت قمة الدوحة الاخيرة منعطفاً في ما يخص الملف السوري، شهدت الايام التي تلت تلك القمة تطورات مهمة على المسار عينه. فالقمة التي شهدت حدثاً بارزاً تمثل بتسليم مقعد سوريا في الجامعة العربية الى المعارضة، تلتها اتصالات على مستوى الجامعة العربية من اجل ترسيم ذلك القرار وتوسيع نطاقه ليصبح مقعد سوريا في الامم المتحدة من نصيب المعارضة ايضاً.
فبعد ايام من انعقاد القمة، اعربت الامانة العامة لجامعة الدول العربية على لسان المتحدث الرسمي باسمها عن دعم المعارضة السورية من اجل الحصول على مقعد سوريا في الامم المتحدة، مثلما تم منحها مقعد سوريا في الجامعة العربية.
والاهم من ذلك تأكيده بأن الجامعة ستطلق تحركاً مماثلاً باتجاه الامم المتحدة، وتحديداً خلال الاجتماعات المقبلة التي ستعقدها الجمعية العامة في ايلول (سبتمبر) المقبل.
وبالتزامن كشفت الجامعة ومن خلال الناطق باسمها عن مرحلة ثالثة من مراحل الحراك، ستنطلق بعد استكمال المشروع الاممي. بحيث يتم العمل على تسليم المعارضة السفارات السورية في دول العالم. لكنه لم يستبعد ان تخطو الجامعة خطوة مهمة تتمثل بالطلب من الدول العربية ان تعمد الى تسليم السفارات السورية الى ممثلي المعارضة. وهي الخطوة التي يعتقد سياسيون ودبلوماسيون عرب انها ستثير ازمة عربية، وقد تفضي الى تفكيك الجامعة العربية، خصوصاً ان هذه الخطوة تعتبر مسألة سيادية لكل دولة ولا تستطيع الجامعة العربية أن تفرض قراراً على أي منها. وبالتالي فالرؤية تقوم على اعتبار القرار خطوة ارشادية ويكون تنفيذها اختيارياً.
الى ذلك يشير بعض المحللين الى ان الجامعة دخلت في مأزق سياسي، يتمثل بالتناقض بين قرارها ايفاد المبعوث العربي والاممي الاخضر الابراهيمي الى سوريا للتفاوض مع النظام من اجل حل الازمة، ومحاولة نزع الشرعية عن النظام نفسه. وهناك من يرى ان الجامعة انهت مهمة المبعوث الاممي من خلال القرار. غير ان الجامعة ترى انه لا تناقض بين الخطوتين، وان موقفها داعم للحل السياسي للأزمة السورية استناداً الى ما نص عليه تفاهم جنيف في حزيران (يونيو) الماضي بتشكيل هيئة انتقالية للعبور بسوريا من الحالة المأساوية الراهنة وتداعياتها التي تطاول المنطقة برمتها.
في هذه الاثناء تشير التقارير الى ان وتيرة اعمال القتل قد ارتفعت بشكل ملحوظ، حيث وصل متوسط عدد القتلى اليومي الى اكثر من مائة قتيل. ووصل في بعض الايام الى ثلاثمائة. بينما بلغ متوسط عدد اللاجئين الذين يعبرون باتجاه دول الجوار يومياً حداً كبيراً. وهي اشارات تؤكد على ان الامور وصلت الى حد القطيعة، وان التطورات تكشف عن استمرار نهج المواجهة، وان فرصة الحوار اصبحت شبه مستحيلة.
غير ان بارقة الامل تبقى قائمة من خلال ما يتردد في بعض الدوائر عن وجود مشاريع تقارب دولية، من شأنها ان تترك اثراً ايجابياً على الداخل، وان تفضي الى ما يمكن ان يكون حلاً سياسياً، يحفظ ما تبقى من دماء لم تهدر بعد. فالمعطيات الحالية تؤشر الى ان النظام السوري لا يزال يحتفظ بالجزء الاكبر من قوته، وفي الوقت نفسه بدأت شحنات السلاح تتدفق بغزارة صوب المعارضة. ما يعني ان التصعيد سيكون وخيماً على البلاد، وانه يعني شلال دم ليس من مصلحة أي طرف مده بعناصر الاستمرارية.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق