انتشار مجموعات مسلحة في العاصمة الليبية ولقاءات بين مرشحين وحفتر في بنغازي والانتخابات الى التأجيل

انتشرت بشكل كثيف مجموعات مسلحة في مناطق عدة جنوب العاصمة الليبية الثلاثاء، ما أشاع جوًا من التوتر في الوقت الذي عقد فيه بعض المرشحين للرئاسة لقاءات مع المشير خليفة حفتر تزامناً مع توقع تأجيل الانتخابات المقررة في 24 كانون الأول (ديسمبر).
وفي مشهد يذكر بالأجواء التي شهدتها طرابلس حتى حزيران (يونيو) 2020، انتشرت سيارات مسلحة بمدافع رشاشة ودبابة في أحد شوارع حي الفرناج، بالقرب من الحرم الجامعي، في جنوب العاصمة، فيما أغلقت متاريس رملية بعض الطرق بحراسة مسلحين.
واضطُر ذلك جامعة طرابلس وبعض المدارس على الإغلاق، فيما لم ترد أنباء عن اشتباكات أو تبادل لإطلاق النار في هذه المناطق.
لكن الوضع سجل هدوءًا واضحًا بعد الظهر، إذ عادت حركة المرور إلى طبيعتها، بحسب مصور فرانس برس. لكن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قالت في بيان صحافي إن هذه التحركات «تخلق حالة من التوتر، وتعزز خطر الصدامات التي قد تتحول إلى صراع». وأضافت «يتعين حل أي خلافات بشأن المسائل السياسية أو العسكرية عبر الحوار، لا سيما في هذه المرحلة، حيث تمر البلاد فيها بعملية انتخابية صعبة ومعقدة يرجى منها أن تؤدي إلى انتقال سلمي».
كما دعت البعثة الأممية، جميع الجهات الفاعلة الليبية إلى «ممارسة ضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة، والعمل معاً لتهيئة مناخ أمني وسياسي يحافظ على تقدم ليبيا ويمكِّن من إجراء انتخابات سلمية وعملية انتقال ناجحة».
وأشارت في ختام بيانها إلى أن المستشارة الخاصة للأمين العام بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، تعمل حاليًا مع الأطراف المعنية في البلاد في سبيل تحقيق هذا الهدف.
لكن تأجيل الانتخابات لم يعد موضع شك على خلفية الخلافات المستمرة بين الأطراف المتنافسين وانعدام الأمن المزمن، وإن لم يصدر إعلان رسمي بهذا المعنى بعد.
ولم تصدر السلطات الرسمية أي تعليق رسمي حول أسباب هذا الانتشار الكثيف وخلفياته وهو الثاني للمجموعات المسلحة في العاصمة طرابلس في أقل من أسبوع.
فقد أجج التوتر حينها إقالة مسؤول عسكري كبير فالفصائل المسلحة التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية ما زال لها تأثير قوي.
في سياق متصل، وعلى بعد نحو ألف كيلومتر إلى الشرق من طرابلس، قام مرشحان للانتخابات الرئاسية من مدينة مصراتة الثلاثاء بزيارة غير مسبوقة إلى بنغازي، حيث التقيا على وجه الخصوص المشير خليفة حفتر.
ومصراتة الواقعة على بعد 200 كلم إلى الشرق من طرابلس عُرفت بعدائها الصريح للمعسكر الشرقي الذي يقوده المشير حفتر.
وأجرى المرشحان، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا ونائب رئيس الوزراء السابق أحمد معيتيق، مع مرشحين عن الشرق وآخر عن الجنوب، محادثات مع المشير خليفة حفتر الذي يسيطر بحكم الأمر الواقع على الشرق وجزء من الجنوب.
وأعلن فتحي باشاغا في مؤتمر صحافي إن هذه اللقاءات تجري من أجل «المصلحة الوطنية». وقال قبل انطلاق المحادثات مع حفتر «نريد كسر حاجز الانقسامات الأخير الذي يسود البلاد… يجب على ليبيا أن تتوحد أيًا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية».
وأكد أن المرشحين اتفقوا على مواصلة التنسيق والاتصالات في إطار «هذه المبادرة الوطنية» مع حرصهم على توسيعها لتشمل الجميع.
من جهته، قال أحمد معيتيق إن المرشحين سيتوجهون بعد بنغازي إلى مدن أخرى في الشرق.
تم في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي التوقيع على وقف إطلاق النار بين المعسكرين المتنافسين في الشرق والغرب، وأنهى الاتفاق الحرب التي شنتها قوات حفتر على طرابلس وغرب ليبيا، واستمرت 15 شهراً وانتهت بانسحاب قواته إلى سرت منتصف العام 2020.
أعقب ذلك تشكيل حكومة موحدة جديدة بداية 2021، في نهاية عملية بقيادة الأمم المتحدة، لإدارة المرحلة الانتقالية وتنظيم انتخابات رئاسية ومن ثم نيابية.
لكن عدم نشر القوائم النهائية للمرشحين للرئاسة والخلافات المستمرة بين المعسكرين المتنافسين يلقي بظلال من الشك على إمكانية تنظيمها في الموعد المحدد، مع توقع إعلان تأجيلها رسمياً خلال الأيام المقبلة.
انتخابات ليبيا لن تجرى في الموعد
وفي وقت لاحق قال البرلمان الليبي إن الانتخابات الرئاسية لن تُجرى في موعدها المقرر يوم الجمعة دون أن يحدد موعداً جديداً لها، مما يترك عملية السلام المدعومة دولياً في حالة من الفوضى ويلقي ظلالاً من الشك حول مصير الحكومة المؤقتة.
وهذا هو أول إعلان رسمي بشأن إرجاء الانتخابات، الذي كان متوقعاً على نطاق واسع في ظل الخلافات الراهنة بشأن القواعد الحاكمة للعملية الانتخابية.
ومع التعبئة التي تقوم بها جماعات مسلحة في طرابلس وغيرها من المناطق في غرب البلاد، ينذر انهيار العملية الانتخابية بتصاعد الصراعات المحلية وبتفجير جولة جديدة من العنف.
كما قد تقوض الخلافات بشأن خريطة الطريق عملية السلام الأشمل المدعومة من الأمم المتحدة بين المعسكرين الرئيسيين في شرق البلاد وغربها، اللذين التزما بوقف إطلاق نار منذ العام الماضي.
وتحدثت الفصائل والمرشحون والقوى الأجنبية خلف الكواليس بشأن ما إن كان من الممكن إجراء الانتخابات بعد تأجليها لفترة قصيرة أم أن هناك حاجة لتأجيل أطول من أجل الوصول لاتفاق بشأن الأساس القانوني للتصويت.
في الوقت نفسه يواجه وضع الحكومة المؤقتة، التي جرى تشكيلها في آذار (مارس) ضمن عملية السلام، تهديداً. وسحب البرلمان المتمركز في الشرق الثقة منها في أيلول (سبتمبر).
وذكرت اللجنة الانتخابية البرلمانية في بيان يوم الأربعاء أن تفويض الحكومة المؤقتة سينتهي يوم الجمعة.
ا ف ب/رويترز