دولياترئيسي

الهروب من أفغانستان

أفغانستان تنظر في قلق الى انتهاء مهمة القوة الدولية، وانسحابها بعد سنة ونصف السنة. ولكن يبدو ان الجسم الديبلوماسي الافغاني، فقد اعصابه منذ اليوم، خوفاً من الفوضى التي يمكن ان تسود. مصادر قالت لمجلة «درشبيغل» الالمانية، ان هذه الموجة تتمدد أكثر فأكثر مع اقتراب الموعد، وتشكل اشارة مهمة لما يمكن ان يحصل في أفغانستان الغد، وخصوصاً بالنسبة الى اجنحة مهمة من الطبقة الحاكمة.

اشارت مصادر المجلة الالمانية الى ان 100 من أصل 105 من أعضاء السلك الديبلوماسي الافغاني، كان من المفروض فيهم العودة الى كابول، في اطار حركة مداورة اعتيادية. ولكنهم لم يصلوا الى قصر وزارة الخارجية. وفضّل الاخرون البقاء في البلاد التي كانوا يؤدون فيها مهامهم الديبلوماسية .
وأشارت مصادر في وزارة الخارجية الافغانية الى ان بعض الذين «هربوا» من الخدمة، قرروا البقاء حيث هم مع عائلاتهم، وطلبوا اللجوء السياسي، بينما طلب آخرون تمديد مدة خدمتهم في الخارج، على الأقل حتى الإنتخابات الرئاسية المقررة في أفغانستان في ربيع 2014. وقال احد الديبلوماسيين الافغان لـ «الأسبوع العربي» في باريس: «اننا نأمل ان يكون هناك حينئذ مزيد من الرؤية الواضحة حول مستقبل بلدنا. ولكن عملية الهروب بدأت، وليس في نية أحد العودة»، مؤكداً حصول الموجة على نطاق واسع. بينما تقول عمليات استقصاء رأي، ان أكثرية الافغان، يعتقدون ان البلاد ستغرق في الفوضى والعنف، ويتوقعون نشوب الحرب الأهلية بعد انسحاب القوات الغربية في آخر سنة 2014.

حروب الميليشيات
والذي يثير القلق، ليس ازدياد عمليات الاعتداء التي يقوم بها الطالبان منذ أمد فحسب، بل خصوصاً الحروب التي تتواجه فيها الميليشيات الآتنية وميليشيات «امراء الحرب».
قائد القوات الحليفة الغربية الجنرال جوزيف دانفورد، كان اعرب مؤخراً عن شكوكه حول امكانيات القوات الافغانية المسلحة، وطاقتها على المحافظة لوحدها على الأمن في البلاد. وجاء هروب الديبلوماسيين، مؤشراً افضل من اية اشارات اخرى، على القلق الذي يسود حول مرحلة ما بعد الانسحاب الغربي. اضافة الى التخوف من ان تنتشر عمليات انتقام من الذين تعاونوا مع الغربيين ومع الحكومة. وتشمل هذه المخاوف بطبيعة الحال الذين عملوا في مهام ادارية وترجمة مع القوات الاجنبية العسكرية وحتى المواطنين الافغان العاديين.
وينتمي الكثير من الديبلوماسيين المعنيين في «الهرب» الى عائلات سياسيين مارسوا المسؤولية والعمل السياسي، يسعون من جهتهم للانتقال الى الخارج، في انتظار وضوح الصورة والرؤية. وللدلالة على الحالة الجديدة، يشير المراقبون الى الانخفاض المفاجئ في عدد رحلات التدريب في الخارج، التي كانت تنظم لموظفي الادارة العامة الافغانية، بعد ان استغل الكثير من المشاركين، هذه الرحلات للهرب وعدم العودة الى كابول.
وتشير «درشبيغل» ضبطاً الى عدد من المدرسين الذين ارسلوا الى برلين، في دورة تدريبية. والى ديبلوماسي افغاني اتصل بعائلته من كندا يبلغها انه غير عائد الى كابول.

هروب
ويقول تينكو وايبتنرال، مدير مكتب كابول لـ «مؤسسة كونراد اديناور»: «استطيع ان أؤكد هذا التوج، فإن العديد من الذين كنا نتعاون معهم في كابول، خرجوا من افغانستان. وأكثرهم من ذوات المستوى الثقافي العالي. كانوا يعربون، حتى سنة خلت عن مستوى مرتفع من التفاؤل حول المستقبل».
وفي الأجواء، ان وزراء، ونواباً، وجنرالات، يسعون كذلك الى حمل عائلاتهم الى الخارج. وهذا دليل على التشكيك بالاعلانات المتفائلة حول افغانستان الغد.
ومن الاشارات الاخرى، حاكم منطقة حيرات، الذي قدّم استقالته مؤخراً، احتجاجاً على استحالة الاستمرار في موقعه وفي تحمل الضغوط التي يتعرض اليها. وأوردت وكالة الأنباء الافغانية «باجهودك»، الى ان داود شاه سابا، الذي يتولى حاكمية حيرات، منذ آب (اغسطس) 2010، قدم استقالته، خلال لقاء مع بعض الموظفين الحكوميين والزعماء القبليين، وممثلي المجتمع المدني والصحافيين. وقال: «انني آسف، بالنسبة الى أهالي حيرات، ولكن هناك عناصر لا تسمح لي بالعمل».
وتحدث الحاكم عن «تدخلات دوائر نافذة» بإسم مصالح خاصة. واشار من دون ان يعطي اسماء، الى عناصر تمنعه من مواصلة العمل من أجل تطوير المنطقة. ولم تنفع المراجعات التي قام بها لدى الرئيس الافغاني حميد كرزاي فقرر الاستقالة.

جوزف صفير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق