سياسة لبنانيةلبنانيات

لماذا لا تصارح الحكومة المواطنين بما تسببت به الطبقة السياسية بحقهم؟

اذا كان المسؤولون صادقين في المحاسبة فليصدروا قانون استقلالية القضاء

وفود دولية تأتي ووفود تذهب، والغموض سيد الموقف. فالحكومة عاجزة اولاً عن نشر غسيل المنظومة السياسية، والثانية، لان الارقام صادمة وتوزيعها كارثة والانجازات الى ما تحت الصفر. فقد شهد الاسبوع الحالي زيارتين لوفدين على جانب من الاهمية. الاول وفد وزارة الخزانة الاميركية الذي جال على المسؤولين وبحث معهم في قضايا تبييض الاموال وما يمكن ان يصدر من عقوبات على الفاسدين، وغير ذلك من القضايا التي تهم البلدين. كما ينتظر ان يزور لبنان خلال ايام وزير خارجية فرنسا جان – ايف لودريان، ويبحث مع المسؤولين الوضع السياسي والاصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي والصناديق الممولة لبعض المشاريع. اما الزيارة الاخرى المهمة جداً بالنسبة الى الوضع المتدهور، فكانت زيارة وفد صندوق النقد الدولي الذي اجتمع باللجنة اللبنانية المكلفة التفاوض مع الصندوق، برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي اعلن ان مسودة لخطة التعافي سلمت الى الوفد للاطلاع عليها ووضع ملاحظاته، بغية الوصول الى اتفاق، يساهم في نهوض لبنان من جهنم.
الوفد الدولي قال للمسؤولين في اللجنة انه بتاريخ الصندوق لم يمر على الموظفين قضية بصعوبة القضية اللبنانية، وان الخروج منها ليس عملية سهلة، وتتطلب الكثير من الجهد والتقديمات، حتى يتم التوصل الى حلول تضع حداً لهذا التدهور.
ورغم كل التصريحات والوعود التي يطلقها المسؤولون، لا وجود لاي اصلاحات او انجازات، وعدت بها الحكومة، بل ان الغموض والضبابية لا يزالان يخيمان على الوضع، والمواطنون قلقون لا يدرون ما يفعلون ولا ما هو المصير الذي ينتظر البلد وينتظرهم. لماذا لا تكشف الارقام وخصوصاً ارقام الخسائر الحقيقية، ومن تسبب بها، ومن يتحملها؟ لماذا تُروّج شائعات حول ان الحكومة تحمّل ودائع اللبنانيين وجنى عمرهم تغطية الخسائر؟ هل ان الشائعات قريبة الى الواقع؟ ان كان ذلك صحيحاً فان البلاد والعباد مقبلان على حياة مستحيلة، لا يعرف مدى ردود فعلها. صحيح ان الحكومة تراهن على استمرار تخدير الشعب النائم نوم اهل الكهف، لا يتحرك ولا يحاسب، ويكتفي بعدّ العصي التي تنهال فوق رأسه من هذه المنظومة الفاسدة. ولكن ايضاً فان الجوع كافر.
لماذا لا يطلع الرئيس نجيب ميقاتي الطبقة السياسية على ما قاله وفد الصندوق عن صعوبة الازمة، ليعرفوا ماذا جنت ايديهم بحق المواطنين؟ منذ بداية الازمة ونحن نسمع عن قوانين لمحاربة الفساد واستعادة المال المنهوب، والمال المهرب، ولكن الكلام يبقى وعوداً تذهب في الهواء. من يصدق ان المنظومة التي سببت هذا الخراب ستحاسب نفسها؟ انها وعود لا يصدقها عقل، حتى ان المنظومة تقف سداً منيعاً بوجه القضاء وتمنعه من اي تحقيق يطاولها، والدليل ماثل امامنا. كم دعوى رد قدمت بحق المحقق العدلي طارق بيطار لمنعه من الوصول الى الحقيقة في جريمة انفجار المرفأ؟ انها تقارب العشرين دعوى والحبل على الجرار اذ ان الطبقة السياسية ستستمر في استنباط المخارج والتهرب من المثول امام العدالة، حتى يتعب القاضي ويمل. ثم لماذا اسقطوا قانون استقلالية القضاء وانقاذه من هيمنة الطبقة السياسية المتحكمة بكل شيء؟ انه من غير المسموح ان يحصل القضاء على استقلاله، لان ذلك يفتح الباب امام قضاة معروف عنهم النزاهة والاستقامة، سيهبون لمحاسبة الفاسدين واسترجاع حقوق الناس منهم وهذا مستحيل طالما ان هذه الطبقة قابضة على كل مفاصل الدولة.
المطلوب اليوم من الرئيس ميقاتي ان يطل على الناس بحديث تلفزيوني شامل وطويل يكشف فيه عن صعوبة الاوضاع التي نشأت بفعل سياسات خاطئة وصفقات مشبوهة، ادت الى الانهيار، ويحدد الطريقة التي على الحكومة استرجاع المال المنهوب، بدل تحميل المواطنين تغطية الخسائر بعد ان نهبت اموالهم في المصارف وضاعت. وان يحدد بالتفصيل الارقام الحقيقة لهذه الخسائر وكيفية تغطيتها وعن محاسبة المسببين. ولتكف الحكومة عن اطلاق الوعود الكاذبة حول المشاريع وتأمين التيار الكهربائي، وعندها فقط تكسب هذه الحكومة ثقة الناس وتمد يد المساعدة. اما اذا بقيت الامور على ما هي عليه فاننا سائرون الى هلاك محتم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق