ارفعوا ايديكم عن لبنان المخطوف
ماذا يجري في لبنان واي طريق يسلك سياسيوه وما هي اهدافهم؟
اسئلة تتردد على كل شفة ولسان في الداخل كما في الخارج. هل انهم اضاعوا الحس الوطني فأضاعوا معه البوصلة، واصبحوا يسيرون على غير هدى؟
لماذا يعرقلون صدور البيان الوزاري الذي على اساسه ستنال الحكومة ثقة المجلس، لتستطيع ان تحكم وان تلاحق قضايا الوطن والناس وتعمل على معالجتها؟
هل حقاً ان تصرفاتهم هذه هي خدمة للخارج الذي يريد ان يبقى هذا الوطن معلقاً، وتستمر ساحته تتبارز فوقها جميع القوى الخارجية وتتبادل الرسائل عبرها؟
في مؤتمر باريس الذي انعقد في الاسبوع الماضي في قصر الاليزيه بدا الرئيس ميشال سليمان متجهماً كئيباً فأثار الانتباه، وتساءلت القوى السياسية في الدول الكبرى التي حضرت المؤتمر عن سر هذا التجهم، ولكن الجواب لم يتأخر، كما ان المتسائلين لهم يفتهم السبب. فالرئيس سليمان آلمه كثيراً ان يرى العالم كله مهتماً بلبنان وامنه وازدهاره، على عكس سياسييه الذين يتلهون بمناكفات لم يعد هناك شك في انها مفتعلة خدمة للخارج لاغراض لا تخفى على احد.
فهناك قوى اقليمية لا تريد ان يستمر لبنان كدولة، على الاقل في الوقت الحاضر، لانها تريده ان يبقى ورقة في يدها تستخدمها كلما اشتدت الوقائع عليها. كيف لا وهناك فئة من ابناء هذا البلد مستعدة لتنفيذ كل ما تطلبه هذه القوى، ولو على حساب مصلحة الوطن الذي هو في نظرها مظلة تتظلل في فيئها لتفعل ما تتطلبه مصلحتها؟
هذا الوضع المتردي ضرب الامن والاستقرار والسلم الاهلي، وعطل المؤسسات كلها. فحتى الاسبوع الماضي كانت مؤسسة رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية محيدتين الى حد ما، الى ان شنت حملة سياسية اعلامية عنيفة تناولت رئيس الجمهورية والرئاسة. لماذا؟ لا لخطأ ارتكبه ولا لمخالفة، بل ان الذنب كل الذنب هو تمسكه بالدستور الذي اقسم على الحفاظ عليه، وبالمصلحة الوطنية التي من واجبه المحافظة عليها، فقامت الدنيا ولم تقعد حتى الساعة. الا ان هذه الحملة المشبوهة الاهداف جاءت نتائجها عكسية، اذ انها رفعت من رصيد الرئيس سليمان وزادته قوة ومنعة وتأييداً في الداخل كما في الخارج. وجاء مؤتمر باريس ليثبت صحة هذا الكلام، ذلك ان المؤتمرين، وفي طليعتهم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا يشيدون بسياسة سليمان ويدعمون مواقفه، ويؤكدون على اعلان بعبدا الذي ينادي به، لانه يعتبره وثيقة وطنية وقع عليها الجميع دون استثناء، قبل ان يتنكر لها فريق من اللبنانيين ويحاول التفلت من احكامها. غير ان هذه المحاولات لا يمكن ان تأتي بنتيجة. ذلك ان اعلان بعبدا اصبح وثيقة رسمية في الامم المتحدة والجامعة العربية. كذلك لم تسلم المؤسسة العسكرية من التطاول عليها اذ تعرض موكب لرئيس مخابرات احدى المناطق لاطلاق النار اثار استياء اللبنانيين باكثريتهم.
هكذا هو لبنان اليوم، انه بلد مخطوف على يد ابنائه من رجال السياسة والاحزاب السياسية الفاعلة. ولذلك لا نستغرب ان تعود موجة الخطف تستشري، متنقلة بين منطقة واخرى، تسرح وتمرح وتروع الناس.
والمثير في الموضوع ان وسائل الاعلام تناقلت في نشراتها، اثر خطف الطفل ميشال الصقر ان عدد الذين يتولون عمليات الخطف لا يتجاوز الاربعين شخصاً، والقوى الامنية تعرف اسماءهم فرداً فرداً. فلماذا لا تعتقلهم فتريح البلاد من شرورهم؟
ان القوى الامنية ليست مقصرة، ولم تقصر يوماً. ولكنها بحاجة الى غطاء سياسي. فهي ملتزمة القوانين وتعمل بوحيها وتتحرك بأمر سياسي. فطالما ان هؤلاء الخاطفين تحميهم بعض القوى السياسية والحزبية، فماذا تستطيع القوى الامنية ان تفعل اكثر؟
ارفعوا ايديكم عن الخاطفين وانزعوا الغطاء عنهم، وبعدها تصبح القوى الامنية قادرة على سوقهم الى القضاء لينالوا العقاب الذي يستحقونه.
ارفعوا ايديكم عن لبنان ليستعيد حريته ويلعب دوره الطبيعي الموكول اليه، فهل تفعلون؟
«الاسبوع العربي»