دولياترئيسيسياسة عربية

بطريركية القسطنطينية تعترف بكنيسة اوكرانيا مستقلة وتثير غضب موسكو

الكنيسة الارثوذكسية الروسية تعتبر القرار «كارثة» و«انشقاق»

اعترفت بطريركية القسطنطينية الخميس بكنيسة ارثوذكسية مستقلة في اوكرانيا، في قرار اثار غضب الكنيسة الروسية ورحب به الرئيس الاوكراني.
وفي بيان صدر في ختام مجمع مقدس استمر يومين في اسطنبول، اعلنت البطريركية «تجديد قرارها المتخذ سابقاً والقاضي بان تمنح البطريركية المسكونية كنيسة اوكرانيا الاستقلالية» عن الكنيسة الروسية.
وعلى الإثر رحب الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو بالقرار في تصريح تلفزيوني مباشر وقال «اتخذ قرار منح الاستقلالية لكنيسة أوكرانيا. حصلنا على الاستقلالية اليوم».
واضاف ان «قرار القسطنطينية يعني نهاية الاوهام الامبراطورية لموسكو»، معتبراً ان ما حصل هو «انتصار للخير على الشر وللنور على الظلام».
من جانبها، نددت الكنيسة الارثوذكسية الروسية بقرار بطريركية القسطنطينية معتبرة انه بمثابة «كارثة» و«انشقاق».
وقرر المجمع المقدس ايضاً اعادة البطريرك فيلاريت دينيسنكو «الى رتبته في الهرمية الكنسية» بعد النظر في طعن تقدم به ضد قرار بحرمانه اصدرته الكنيسة الروسية.
وبعد استقلال اوكرانيا العام 1991 وانهيار الاتحاد السوفياتي، اسس فيلاريت الذي كان اسقفاً سابقاً في بطريركية موسكو كنيسة ارثوذكسية اوكرانية اعلن نفسه بطريركاً لها، الامر الذي دفع موسكو الى حرمانه.
وقال فيلاريت الخميس ان الرعايا الارثوذكسية التي لن تعترف بالكنيسة المستقلة الجديدة وستبقى مرتبطة ببطريركية موسكو ستظل موجودة ولكن لن يحق لها ان تسمى «كنيسة اوكرانية» بل «كنيسة روسية».
واكد ان «التوحيد سيتم على قاعدة طوعية من دون اي عنف».
واوضح بوروشنكو انه لن تكون هناك «كنيسة دولة» في اوكرانيا وان الحكومة ستحترم «خيار من يقررون البقاء ضمن الهرمية الدينية التي ستبقى مرتبطة بالكنيسة الارثوذكسية الروسية».
واضاف «ان قيام كنيسة مستقلة لا يمكن ان يتم على قاعدة التفرقة والمعارضة والعنف ولن نسمح بذلك»، مؤكداً ان غاية السلطات الاوكرانية ليست «اشعال حرب دينية» في اوكرانيا.
وقرر المجمع ايضاً رفض «البنود القانونية الواردة في الرسالة المجمعية العام 1686» والتي تنص على إلحاق مدينة كييف ببطريركية موسكو.

برثلماوس اتخذ قراره
وخلال المجمع الذي افتتح الاربعاء برئاسة بطريرك القسطنطينية برثلماوس، عرض موفدان للقسطنطينية كانا ارسلا الى اوكرانيا في ايلول (سبتمبر) نتائج مهمتهما والاتصالات التي اجرياها.
وكان على البطريرك برثلماوس الذي مقره في اسطنبول ويعتبر «متقدماً بين متساوين» بالنسبة الى بطاركة الكنائس الارثوذكسية الاخرين، ان يحسم قراره في شأن الاعتراف باستقلالية كنيسة كييف في العالم الارثوذكسي بناء على طلب رسمي تقدمت به بطريركية كييف وحظي بدعم النواب الاوكرانيين.
واعتبرت مهمة هذين الموفدين الى كييف والتي لم يتم ابلاغ موسكو بها، بمثابة تمهيد لاعتراف القسطنطينية بكنيسة ارثوذكسية اوكرانية مستقلة.
وكان احد الموفدين المطران الاميركي دانيال اكد من اوكرانيا في 17 ايلول (سبتمبر) ان قرار تأسيس كنيسة ارثوذكسية اوكرانية مستقلة تسعى اليها كييف ويتم الاعتراف بها خارج اوكرانيا، قد «اتخذ» فعلاً رغم المعارضة الشديدة لكنيسة موسكو.
وكانت كنيسة موسكو قلصت علاقاتها في ايلول (سبتمبر) مع بطريركية القسطنطينية على خلفية علاقات متوترة اصلاً بين الكنيستين، وتوعدت بقطع كامل العلاقات في حال الاعتراف بكنيسة اوكرانية مستقلة.
ويرفض البطريرك الروسي كيريل، حليف الرئيس فلاديمير بوتين، استقلال بطريركية كييف بشدة.
وقال الكسندر فولكوف المتحدث باسم البطريرك الروسي كما نقلت عنه وكالة ريا نوفوستي الروسية الخميس ان «بطريركية القسطنطينية اتخذت اليوم قراراً كارثياً. بالنسبة اليها أولاً وبالنسبة الى مجمل العالم الارثوذكسي في شكل عام».
واضاف فولكوف «في الواقع، يمكن وصف ما حصل اليوم بانه تشريع لانشقاق»، معتبراً ان «بطريركية القسطنطينية تجاوزت الخط الاحمر».
واذا كانت بطريركية القسطنطينية الاقدم، فان كنيسة موسكو تضم اكبر عدد من المؤمنين والرعايا. وستشكل خسارة نفوذها في اوكرانيا ضربة قاسية لاهميتها في العالم الارثوذكسي.
ورغم ان الكنيسة الاوكرانية الملحقة بموسكو هي الاكبر من حيث عدد الرعايا، فان مزيداً من الاوكرانيين ينضمون الى بطريركية كييف.
واظهر استطلاع للرأي اجراه «المعهد الدولي الجمهوري» في الولايات المتحدة بين ايار (مايو) حزيران (يونيو) 2018 ان 36 في المئة من الاوكرانيين يعتبرون انهم منتمون الى بطريركية كييف مقابل 19 في المئة للكنيسة الملحقة ببطريركية موسكو.
وازداد توتر العلاقات بين الكنيستين مع الازمة الروسية الاوكرانية التي تجلت خصوصاً في ضم موسكو للقرم في اذار (مارس) 2014 والنزاع في الشرق الاوكراني الموالي لروسيا والذي خلف اكثر من عشرة الاف قتيل.
وكثف بوروشنكو في الاشهر الاخيرة انتقاداته للكنيسة الاوكرانية التابعة لموسكو وصولاً الى اعتبارها «تهديداً مباشراً للامن القومي».

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق