المعارضة تسحب سلاحها الثقيل بموجب اتفاق ادلب ومستمرة «لأيام عدة»
الاسد: اتفاق ادلب «اجراء مؤقت» والمحافظة ستعود الى كنف الدولة
تواصل الفصائل المعارضة سحب سلاحها الثقيل من المنطقة العازلة المرتقبة في شمال غرب سوريا في عملية ستستمر «أياماً عدة»، مع اقتراب انتهاء المهلة الزمنية المحددة لذلك بموجب الاتفاق الروسي – التركي.
وتوصلت موسكو وأنقرة قبل ثلاثة أسابيع الى اتفاق جنّب محافظة ادلب ومحيطها هجوماً واسعاً لوّحت به دمشق. وينص الاتفاق على اقامة منطقة منزوعة السلاح على خطوط التماس بين قوات النظام والفصائل المعارضة حول ادلب. وينبغي على الفصائل كافة سحب سلاحها الثقيل من المنطقة العازلة التي يراوح عرضها بين 15 و20 كيلومتراً في مهلة أقصاها العاشر من الشهر الحالي.
وتطبيقاً للاتفاق، بدأت الجبهة الوطنية للتحرير، ائتلاف فصائل غير جهادية تنشط في محافظة ادلب وأجزاء من محافظات مجاورة تشملها المنطقة العازلة المرتقبة، سحب عتادها الثقيل.
وقال المتحدث باسم الجبهة ناجي مصطفى الأحد لوكالة فرانس برس «بدأنا سحب السلاح الثقيل، أي ارجاع السلاح الثقيل الموجود في المنطقة المسماة بمنزوعة السلاح الى المقرات الخلفية للفصائل».
ومن المتوقع أن تستمر العملية «لأيام عدة» وفق مصطفى، في وقت تنتهي المهلة المحددة لذلك يوم الأربعاء المقبل.
وتضم الجبهة الوطنية للتحرير التي تأسست في شهر آب (أغسطس) عدداً من الفصائل غير الجهادية القريبة من تركيا، أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين الزنكي وفيلق الشام.
وتشمل هذه المنطقة أطراف محافظة ادلب ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة والجهادية في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي.
في ريف حلب الجنوبي الغربي، شاهد مراسل فرانس برس الأحد مقاتلين من الجبهة الوطنية للتحرير ينتشرون على خطوط الجبهة الأمامية على تل العيس الواقع ضمن المنطقة العازلة المرتقبة.
وقال إنهم تحصنوا مع أسلحتهم الخفيفة داخل خنادق مشرفة على منطقة الحاضر المجاورة، الواقعة تحت سيطرة قوات النظام على بعد نحو خمسة كيلومترات. ولم تشاهد أي مظاهر سلاح ثقيل أو آليات في هذا الموقع.
وتنتشر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، التي تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة ادلب، في العديد من المواقع على الخطوط الأمامية في منطقة العيس، إلا أن مراسل فرانس برس لم يتمكن من التحقق ما إذا بدأت بدورها عملية سحب السلاح الثقيل أم لا.
«خطة زمنية»
وأوضح أبو وليد القائد العسكري في الجبهة الوطنية للتحرير من تل العيس لفرانس برس أنه «بحسب الخطة الزمنية المتفق عليها، سينتهي سحب السلاح الثقيل في العاشر من الشهر الحالي».
وأكد أن المقاتلين سيبقون في مواقعهم المتقدمة، متحدثاً عن «زيادة عمليات التحصين والتدشيم والاستعداد من أجل التصدي لأي خرق يمكن أن يحدث».
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، باشرت الفصائل سحب السلاح الثقيل منذ أسبوع في جنوب وشرق محافظة ادلب، وتحديداً قرب مطار أبو الضهور العسكري الذي تسيطر عليه قوات النظام، وفي ريف معرة النعمان، بالإضافة الى مناطق سيطرة الفصائل في ريفي حلب الغربي وحماة الشمالي.
ويشمل سحب السلاح الثقيل، وفق ما أوضح المتحدث باسم فيلق الشام سيف الرعد لفرانس برس السبت «الدبابات وراجمات الصواريخ والمدافع الثقيلة».
وتترافق العملية مع «تعزيز النقاط التركية لقواتها وسلاحها واستعداداتها لأخذ دورها في التصدي لأي خرق قد يحصل من مناطق نظام الأسد».
وترسل تركيا الراعية لاتفاق ادلب منذ أسابيع، قوات عسكرية وآليات الى نقاط المراقبة التابعة لها في ادلب ومحيطها، والموجودة أساساً في المنطقة بموجب اتفاق خفض التصعيد.
وتقع على تركيا مهمة الاشراف على تنفيذ الاتفاق من جهة الفصائل، التي ستتخلى عملياً عن سلاحها الثقيل على خطوط الدفاع مع قوات النظام.
ويرى الباحث نوار أوليفر من مركز عمران للدراسات ومقره اسطنبول في تصريحات لفرانس برس أنه «يجب أن يكون لدى الجيش التركي مدفعية ثقيلة لتكون بمثابة خط الدفاع الأول» في المنطقة العازلة المرتقبة.
«مهمة صعبة»
واذا كانت الفصائل المعارضة قد التزمت ببدء تنفيذ الاتفاق، إلا أن موقف هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، التي تسيطر مع مجموعات جهادية متشددة على سبعين في المئة من المنطقة العازلة المرتقبة، ليس معروفاً بعد.
ويقول محللون إن مهمة تركيا ستكون «صعبة» في ما يتعلق بالفصائل الجهادية التي يتوجب عليها بحسب الاتفاق ذاته اخلاء المنطقة العازلة في مهلة أقصاها منتصف الشهر الحالي.
وإذا كانت هيئة تحرير الشام لم تعلن أي موقف رسمي من اتفاق ادلب، فإنها سبق وأن أعربت في السابق عن رفضها «المساومة» على السلاح، معتبرة الأمر بمثابة «خط أحمر»، في وقت أبدت مجموعة حراس الدين المتشددة والمرتبطة بتنظيم القاعدة رفضها للاتفاق.
وينص الاتفاق الروسي التركي على تسيير القوات التركية دوريات مع الشرطة الروسية للاشراف على اقامة المنطقة المنزوعة السلاح. إلا أن الفصائل المعارضة أبدت قبل أيام رفضها لهذا البند مؤكدة حصولها على ضمانات تركية بعدم دخول الشرطة الروسية الى مناطق سيطرتها، الأمر الذي لم تؤكده أنقرة وموسكو.
وتخشى الفصائل أن يشكل تنفيذ هذا الاتفاق مقدمة لعودة قوات النظام الى ادلب التي تؤوي مع أجزاء من محافظات مجاورة تحت سيطرة الفصائل، نحو ثلاثة ملايين شخص، نصفهم نازحون وبينهم عشرات الآلاف من المقاتلين الذين تم اجلاؤهم على مراحل من محافظات أخرى.
وسارعت دمشق الى تأكيد هواجس الفصائل. وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مقابلة تلفزيونية الثلاثاء، «عبرنا عن الأمل بأن يتم تنفيذ الاتفاق الروسي التركي ليكون خطوة نحو تحرير ادلب».
الأسد: إجراء مؤقّت
وأعلن الرئيس السوري بشار الأسد الأحد أنّ الاتّفاق الذي أبرمته موسكو وأنقرة حول إدلب هو «إجراء مؤقّت» وأن المحافظة الواقعة في شمال غرب البلاد والخاضعة لسيطرة فصائل جهادية ومعارضة «ستعود الى كنف الدولة السورية»، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا».
وقال الأسد خلال اجتماع للجنة المركزية لحزب البعث في معرض حديثه عن اتفاق إدلب إنّ «موقف الدولة السورية واضح بأن هذه المحافظة (إدلب) وغيرها من الأراضي السورية المتبقية تحت سيطرة الارهابيين، ستعود الى كنف الدولة السورية، وإنّ الاتفاق هو إجراء مؤقت حقّقت الدولة من خلاله العديد من المكاسب الميدانية وفي مقدّمتها حقن الدماء».
وكانت موسكو التي تدعم النظام السوري، وأنقرة التي تدعم الفصائل المناوئة له توصّلتا في 17 أيلول (سبتمبر) الفائت إلى اتفاق جنّب محافظة إدلب ومحيطها هجوماً واسعاً كانت تعدّ له دمشق.
وينصّ الاتّفاق الروسي – التركي على تسيير القوات التركية دوريات مع الشرطة الروسية للإشراف على إقامة المنطقة المنزوعة السلاح. إلا أن الفصائل المعارضة أبدت قبل أيام رفضها لهذا البند مؤكدة حصولها على ضمانات تركية بعدم دخول الشرطة الروسية الى مناطق سيطرتها، الأمر الذي لم تؤكده أنقرة وموسكو.
ا ف ب