سياسة لبنانيةلبنانيات

انقسام لبناني حول ما حمله هوكستين من اسرائيل فهل تتطور الاشتباكات الى حرب شاملة؟

لا تزال تطورات الحرب، سواء في غزة او في الجنوب اللبناني، تتقدم على ما عداها نظراً لبلوغها مراحل خطيرة تنذر بكارثة. ففي غزة القصف والاشتباكات والغارات على اشدها وقد بلغ عدد الذين سقطوا في القطاع منذ 7 تشرين الاول حتى اليوم 30631 ضحية، دفعوا ثمن عنف لا دخل لهم فيه. وتتناقض الانباء الواردة من مصر حول المفاوضات الدائرة بهدف التوصل الى اتفاق على هدنة مدتها حوالي اربعين يوماً. فمرة يتم الحديث عن ايجابيات تحققت وتؤشر الى التوصل الى اتفاق، لا تلبث ان تتراجع. اما في الجنوب اللبناني فالوضع لا يقل خطورة. غارات جوية مدمرة وقصف مدفعي وصاروخي عنيف وتتوزع القذائف بين بلدات الجنوب. ولا يمضي يوم الا وتسقط فيه ضحايا بريئة كان اخرها عائلة سقط ثلاثة من افرادها الاب والام واحد الابناء عمره 25 سنة في غارة على حولا مساء امس. كما ان الطيران الاسرائيلي وصل الى اجواء صيدا واخترق جدار الصوت فوق الغازية والزهراني.
في هذه الاجواء المحمومة تستمر الوساطات الاميركية والفرنسية والعربية، في محاولات للتخفيف من حدة القتال، ومنع امتداد الحرب الى مناطق بعيدة، بحيث تصبح حرباً اقليمية شاملة. وهذا ما حاول كبير مستشاري الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة عاموس هوكستين الذي زار بيروت امس، آتياً من اسرائيل. وكما هي عادة المنظومة السياسية فى لبنان، التي لا يمكن ان تجتمع على موقف واحد، انقسمت الاراء حول ما نقله هوكستين. ففيما رأى البعض ايجابيات في الزيارة يعول عليها لوقف الحرب على لبنان وعودة النازحين على جانبي الخط الازرق، رأى البعض الاخر انه لم يحمل جديداً، لا بل نقل تهديداً، عندما قال ان ليس بالضرورة ان تنعكس الهدنة في غزة على الوضع في الجنوب اللبناني، خصوصاً وان الولايات المتحدة سبق لها واعلنت ان اسرائيل قد تشن حرباً على لبنان في الربيع او بداية الصيف المقبل. كما اعلن هوكستين ان الحرب المحدودة لا يمكن ضمان السيطرة عليها.
بالمقابل قدم الموفد الاميركي حوافز من مثل المساعدة على استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الاردن عبر سوريا وهذا ما ابلغه الى وزير الطاقة وليد فياض لدى اجتماعه به في صالون الشرف في مطار بيروت. وادرك فياض ان اسباب العرقلة لاتمام المشروع هي سياسية، باعتبار ان لبنان انجز العام الماضي الاتفاقات بهذا الشأن مع مصر والاردن وسوريا، وان موانع قانون قيصر تم تجاوزها، باعتبار ان سوريا لن تقبض اموالاً، بل جزء من الغاز المصري نسبته 8 بالمئة. لكن هناك قانون في الكونغرس الاميركي يؤيده الديمقراطيون والجمهوريون يضيّق اكثر من قانون قيصر على سوريا ويشكل عقبة في طريق استجرار الطاقة. اذاً العقبات سياسية، ووصول الكهرباء لا يزال بعيداً.
هوكستين انتقل من لبنان الى اسرائىل وهو يواصل اتصالاته على امل ان يحقق النجاح فهل ينجح في فصل الجنوب اللبناني عن غزة؟
على الصعيد السياسي لا يزال ملف انتخاب رئيس للجمهورية مجمداً، باستثناء بعض المحاولات، كمبادرة كتلة الاعتدال وتحرك سفراء دول اللجنة الخماسية الا ان كل ذلك لم ينجح في اقناع النواب بالنزول الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس. كما ان الرئيس نبيه بري الذي يضع مفتاح المجلس في جيبه، لم يطرأ اي تعديل على موقفه، كما ان تيار الممانعة لا يزال متمسكاً بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، وهو غير مستعد للقبول باي مرشح اخر. هذه التطورات ترسم صورة سوداء للمستقبل فهل هناك من هو قادر على تبديل هذا الوضع؟
يبدو من كل هذه التطورات ان الوضع على الحدود الجنوبية معقد، واذا بقيت الانقسامات تظلل الساحة اللبنانية فهناك احتمال بان تتطور الامور الى الاسوأ بحيث تتحول الاشتباكات التي لا تزال شبه مضبوطة الى حرب شاملة لا يمكن التكهن بنتائجها. وما يقال عن الساحة الجنوبية ينطبق ايضاً على انتخاب رئيس للجمهورية الذي فشلت كل الجهود حتى الساعة من انهاء هذا الشغور القاتل واعادة الحركة الطبيعية الى مؤسسات الدولة. فمتى تدرك المنظومة خطورة ما تفعله بلبنان؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق