الاقتصادمفكرة الأسبوع

الجنات الضربية على شفير الزوال

لم تعد الولايات المتحدة وحدها تخوض حربها الشرسة ضد الجنات الضريبية، بل بدأت الدول الاوروبية تسلك الطريق نفسها من اجل «القاء القبض» على الاموال الهاربة من بلدانها. فهل ستؤدي هذه «الحروب المالية الى زوال «الجنات» وتحولها الى اراضٍ قاحلة خالية الى حد كبير من السيولة الخارجية؟».

باتت مطاردة متهربي الضرائب في رأس اولويات مجموعة السبع الصناعية ومجموعة العشرين بعدما اغرى قانون الامتثال الضريبي الاميركي بقية الدول على تطبيق التوجة نفسه من اجل ملء صناديقها المالية التي تنؤ تحت العجز والديون.

فرنسا تستعجل
قبيل مناقشة مشروع قانون التهرب الضريبي حض رئيس الوزراء الفرنسي السابق جان-مارك ايروت نحو 5 آلاف ثري فرنسي يملكون حسابات مصرفية في الخارج على التصريح عن اموالهم ودفع ما يتوجب عليها من ضرائب للخزينة، بقوله الى المتهربين: «تعالوا واستوضحوا دوائر الدولة لكي يمكنكم تنظيم اوضاعكم» معتبراً: «ان عصر التهرب، عصر الجنات الضريبية هو قيد الزوال، والذين يعتقدون انه بامكانهم ان ينأوا بأنفسهم عليهم ان يعوا الامر جيداً».
الواقع ان الخناق يضيق على «المهاجرين الضريبيين» الذين يحرمون الدولة الفرنسبة كل سنة من 60 الى 80 مليار يورو من العائدات الضريبية. وقد توصلت الجمعية العامة اخيراً الى مشروع قانون لمكافحة التهرب الضريبي، الذي يزيد المخاطر على الاموال الهاربة. ومن شأن هذا القانون ان يزيد العقوبات على بعض المتهربين، ويطيل فترة التصريح من 3 الى 6 سنوات، بالاضافة الى اطالة المهلة المعطاة للمحققين، الذين سيكون بامكانهم، على سبيل المثال، الجوء الى التنصت او جمع المعطيات المعلوماتية.
والحقيقة ان هذا المناخ التشريعي الصارم والجدي دفع المتهربين الى قرع باب الادارة الضريبية في فرنسا، وبحسب صحيفة «لو باريزيان» فان نحو 5 آلاف متهرب ضريبي، جلهم اتوا من سويسرا ودخلوا في الاشهر الاخيرة المديرية الوطنية للتحقق من الاوضاع الضريبية، المكلفة بالمداخيل العالية، من اجل اعادة تنظيم اوضاعهم.
تجدر الاشارة الى ان هيئة التنظيم انشئت عام 2009 لتسهيل عودة المتهربين، وضمان تجنيبهم العقوبات الجزائية.
يضاف الى هذه المحفظة من القوانين خطوات التقدم الحديثة التي احرزت على المستوى الدولي. ونشير هنا الى ان لوكسمبورغ والنمسا اللتين كانتا تمتنعان حتى الامس القريب عن الالتزام بالقوانين عادتا وقبلتا في نهاية شهر ايار (مايو) اللجوء الى تبادل المعلومات مع الدول التي تلاحق المتهربين من الضرائب من ابنائها، وتقدم المساعدة.

TVA ضريبية
يتفق خبراء دوليون على ان الشركات المتعددة الجنسية رحّلت مليارات اليورو نحو الجنات الضريبية بفعل الضربية التصاعدية. ولا تخسر الدولة هذه المليارات والعجز عن اتباع سياسة اجتماعية فحسب، بل انها تغذي المضاربات التي تتسبب بالبلبلة في الاسواق الاقتصادية. لذلك، يرى الخبراء ضرورة وقف هذه النشاطات الجرمية وتطبيق السيادة الضريبية للدول، وفي اعتقاد هؤلاء ايضاً انه من العبث الانتظار لوضع أتفاق دولي يضع حداً للجنات الضريبية والاموال السوداء. لكن كل دولة بامكانها ان تختار الطريق التي تناسبها من خلال فرض رسم على الشركات المتعددة الجنسية وحدها، ويطلق عليه «رسم عدم التعاون الضريبي» TNCF.
يعتبر هذا الرسم نوعاً من الضريبة الاضافية على القيمة المضافة يفرض على كل المؤسسات التي تلبي احد الشروط المالية:
– الشبكة الكاملة لعلاقات التملك بين المؤسسة وفروعها، او بين المؤسسة ومالكيها الرئيسيين، سواء كانوا اشخاصاً طبيعيين او معنويين، واولئك الذين يملكون حصصاً مهمة في احدى هذه الشركات ممن هم غير معروفين من الادارة الضريبية.
– احد هؤلاء الاشخاص الطبيعيين او المعنويين في شبكة الملكية يقيم في بلد الجنة الضريبية.
– احد الاشخاص الطبيعيين او المعنويين في شبكة الملكية نفذ معاملات مالية او تجارية مع شخص آخر يقيم في جنة ضريبية خلال السنة الضريبية السابقة.
– احد الاشخاص الذي نفذ سحوبات مهمة واودع سيولة من دون الاعلام المسبق للادارة.
وهناك نشاطات اقتصادية مشروعة مع احدى الجنات الضريبية، وفي هذه الحال على المؤسسة التي تتجنب رسم TNCF ان تنشىء شركة تابعة تكون الادارة الضريبية الفرنسية عضواً في ادارتها مع حق النقض. ويعتبر احد الخبراء بكل وضوح ان كل نشاط مصرفي، وبصورة خاصة مالي مع جنة ضريبية ليس له مشروعية لأنه لا يمكن الا ان يكون ذا اهداف غير مشروعة.

 

ميزات الجنة الضريبة
– الدول التي لا تفرض ضرائب، او تفرض ضرائب طفيفة.
– الدول التي تحافظ على سرية المعلومات المالية والتجارية، وهذه الميزة مشتركة بين كل الجنات الضريبية.
– حد ادنى من الاستقرار السياسي والاقتصادي.
– تطبيق نظام رقابة نقدية مزدوج يميز بين المقيمين وغير المقيمين.
– بنية تحتية متطورة من وسائل اتصالات حديثة، ووسائل تواصل، واجواء مفتوحة.
– اهمية نسبية للقطاع المصرفي الذي يشجع بصورة خاصة على عمليات الاوفشور.
– وجود اتفاقات ضريبية كما في سويسرا وهولندا بصورة خاصة.
– الاختيار تبعاً للنوعية والمستخدم. اذ ان ما يجتذب المكلف هو غياب الضرائب السرية المصرفية المتقدمة، وشروط الحصول على هوية المقيم لها اهميتها ايضاً.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق