مسعى جديد في جنيف لإنهاء «الحرب البشعة» في اليمن
تطلق الامم المتحدة في جنيف الخميس مشاورات جديدة بين أطراف النزاع اليمني في محاولة للتفاهم حول إطار لمفاوضات سلام تنهي «الحرب البشعة» في أفقر دول شبه الجزيرة العربية والتي تشهد أزمة إنسانية هي الأكبر في العالم.
واستبق المتمردون والسلطة المعترف بها دولياً جولة المشاورات التي دعا اليها مبعوث الامم المتحدة في اليمن مارتن غريفيث، بالتقليل من احتمال حدوث اختراق ما، مؤكدين أنها تهدف الى بناء الثقة قبل الدخول في مفاوضات جادة.
وأكد مسؤولون يمنيون لوكالة فرانس برس أن المحادثات غير مباشرة، الا أنها قد تتحول الى مفاوضات مباشرة في حال حصل «تقدم ما».
وهي المرة الاولى التي تجري فيها محادثات بين أطراف النزاع منذ آخر جولة مشاورات في آب (اغسطس) 2016 في الكويت، حين فشلت مساعي الامم المتحدة المتحدة في التوصل الى حل ينهي النزاع المستمر منذ 2014 بعد نحو 108 أيام من المفاوضات.
ويسيطر المتمردون الحوثيون الذين ينتمون الى الأقلية الزيدية، على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى منذ أيلول (سبتمبر) 2014. وتحاول القوات الحكومية استعادة الأراضي التي خسرتها بمساندة تحالف عسكري تقوده السعودية منذ آذار (مارس) 2015.
وتقول الأمم المتحدة إن ثلاثة من بين كل أربعة يمنيين بحاجة لمساعدة غذائية، في وقت تهدد موجة جديدة من الكوليرا البلاد التي تفتقد لقطاع صحي فعّال دمرته الحرب.
وبينما يشن التحالف ضربات جوية ضد مواقع المتمردين، يطلق الحوثيون صواريخهم باتجاه مواقع القوات الحكومية متسببين بمقتل مدنيين، كما يطلقون صواريخ بالستية باتجاه السعودية.
وتتهم السعودية إيران بإرسال أسلحة الى المتمردين، ومساعدتهم في إطلاق الصواريخ.
وفي مسعى لوقف إراقة الدماء، قال غريفيث إن مشاورات جنيف «ستوفر الفرصة للأطراف (…) لمناقشة إطار عمل للتفاوض، والإجراءات المتصلة ببناء الثقة، وخطط محددة لتحريك العملية قدماً».
ويرى دبلوماسي أميركي أنه «يجب عدم توقع الكثير»، مضيفاً أن المشاورات «قد تؤدي الى تحقيق أمر ما» في حال نجح المبعوث الدولي في التوسط للإفراج عن أسرى، وإعادة فتح مطار صنعاء.
وأكد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني لفرانس برس أن موضوع الأسرى يحتل أولوية في المشاورات، متوقعاً تحقيق اختراق في هذا الملف.
وغريفيث ثالث مبعوث دولي لليمن منذ بداية النزاع.
وبدأ المسؤول الأممي جهود استئناف محادثات السلام بعدما أطلق التحالف في 13 حزيران (يونيو) هجوماً باتجاه ميناء مدينة الحديدة على البحر الاحمر، بقيادة الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف.
وتدخل عبر الميناء غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية المرسلة إلى ملايين السكان. لكن التحالف يعتبر الميناء ممراً لتهريب الأسلحة ومهاجمة سفن في البحر الأحمر.
وفي مطلع تموز (يوليو)، أعلنت الإمارات تعليق الهجوم على مدينة الحديدة لإفساح المجال أمام وساطة للأمم المتحدة، مطالبة بانسحاب الحوثيين من المدينة والميناء.
لكن قرقاش أكد ان التحالف مستمر في عمليات عسكرية في مناطق أخرى من محافظة الحديدة «في مسعى لإبقاء الضغوط (…) من أجل تحقيق تغيير استراتيجي في الوضع الحالي».
الاستثمار في السلام
ويتمسك طرفا النزاع الرئيسيان بمطالبهما، فالسلطة تدعو الى الالتزام بقرار مجلس الامن الدولي رقم 2216 الذي يعترف بشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ويطالب الحوثيين بالانسحاب من الاراضي التي سيطروا عليها وتسليم الاسلحة الثقيلة. بينما يطالب الحوثيون بوقف عمليات التحالف قبل الموافقة على إجراءات محددة، وبينها احتمال تسليم إدارة ميناء الحديدة الى الأمم المتحدة.
ويقول الباحث المتخصص في الشؤون اليمنية فارع المسلمي إن مشاورات جنيف «مهمة لأنها الاولى منذ عامين ولأنها تجري برعاية مبعوث أممي جديد»، متوقعاً رغم ذلك ألا تؤدي لأي اختراق فعلي خصوصاً أن القوى الكبرى غير مستعدة بعد للاستثمار في عملية السلام في اليمن.
ا ف ب