دولياترئيسي

بايدن يستضيف قمة أبيك والرئيس الصيني على قائمة الحضور

واشنطن تؤجل عرض اتفاق تجاري مثير للجدل مع اسيا

يترأس الرئيس الأميركي جو بايدن الساعي للتشديد على دور الولايات المتحدة القيادي في مواجهة بكين وموسكو قمة أخرى بالغة الأهمية هذا الأسبوع لن تقتصر قائمة ضيوفها على الحلفاء فحسب، بل ستضم أيضاً الرئيس الصيني شي جينبينغ.
سيستقبل بايدن في سان فرانسيسكو قادة الدول العشرين الأخرى المنضوية في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) الذي تشكّل قبل ثلاثة عقود في حقبة كان فيها صانعو السياسات في الولايات المتحدة على قناعة بأن تعزيز التجارة سيساهم في توحيد صفوف الدول المطلة على الهادئ.
لكن هذه الرؤية تلاشت إذ كل ما باتت تسعى إليه إدارة بايدن ضمن أبيك هو اتفاق اقتصادي محدود فيما كثّفت في الشهور الأخيرة العقوبات على الصين التي تمثّل التحدي الأكبر لهيمنة الولايات المتحدة على صعيد العالم.
لكن الولايات المتحدة والصين أعربتا عن أملهما بتعزيز الاستقرار وفي وقت يعد القيام بزيارة إلى واشنطن أمراً غير قابل للتطبيق سياسياً فيما تستعد الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية بعد عام، تمثّل قمة أبيك فرصة فريدة لشي للقاء بايدن على الأراضي الأميركية.
ويتوقع بأن يناقش بايدن وشي الأربعاء في أول لقاء يجمعهما منذ قمة لمجموعة العشرين استضافتها بالي قبل عام، جملة خلافات تشمل تايوان التي يمكن لانتخاباتها المقررة في غضون شهرين أن تثير توترات جديدة مع بكين، علماً بأن الأخيرة تعتبر الجزيرة الديموقراطية التي تتمتع بحكم ذاتي جزءاً من أراضيها ولم تستبعد ضمها بالقوّة.
وأعرب مسؤول أميركي عن أمله في أن يفتح بايدن وشي «خطوط اتصال جديدة» في ظل رغبة الولايات المتحدة باستئناف الاتصالات بين الجيشين والتي تعد ضرورية على وجه الخصوص لإدارة أزمة تايوان.
وأفادت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ بأن الزعيمين «سيتواصلان بشكّل معمّق بشأن قضايا استراتيجية وعامة ومربكة في إطار العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، إضافة إلى مسائل كبرى مرتبطة بالسلم والتنمية العالميين».
وأضافت أن بكين تعارض «تحديد العلاقات بين الصين والولايات المتحدة من منطلق المنافسة».
وقد يشعر باقي القادة في سان فرانسيسكو بأن حضورهم مجرّد «عرض جانبي» لاجتماع بايدن وشي، لكنهم على الأرجح سيشعرون بالارتياح للقاء، بحسب الخبير في الشأن الصيني لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جود بلانشيت.
وقال «حتى دول المنطقة التي لا تشعر بقلق استثنائي حيال تزايد الهيمنة الصينية تقيم روابط اقتصادية متداخلة عميقة مع الصين وتفضل إلى حد بعيد قيام علاقة أميركية صينية مستقرة، على تلك غير المستقرة».

اجتماع جديد للحلفاء

وفي تناقض مع دبلوماسيتها الرامية لتجنّب اندلاع نزاع مع الصين، تجاهلت الولايات المتحدة روسيا المنضوية في أبيك على خلفية غزوها لأوكرانيا.
ولم يكن من المتوقع أن يتوجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يواجه مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية إلى سان فرانسيسكو ولم تخف الولايات المتحدة بأنه غير مرحّب به.
بدلاً من ذلك، سيمثّل موسكو نائب رئيس الوزراء أليكسي أوفرتشوك الذي ما زال الشخصية الروسية الأعلى مستوى التي تزور الولايات المتحدة منذ بدء الحرب.
وركّز بايدن بخلاف تام عن سلفه وخصمه دونالد ترامب على التأكيد على التحالفات، بما في ذلك عبر صيغ جديدة مثل اتفاق عسكري ثلاثي مع أستراليا وبريطانيا.
ورغم حضور الصين، ستعمل الولايات المتحدة مع حلفائها في أبيك على «صد أي نوع من الجهود لتقويض القواعد والمعايير الدولية»، وفق ما أفاد المسؤول الأميركي الرفيع المعني بأبيك ماتو موراي فرانس برس.
ولفت إلى أن المنتدى مناسب لعقد قمة بايدن وشي لأن أبيك يسمح للبلدان بالتحاور بغض النظر عن خلافاتها.
ومن بين حلفاء الولايات المتحدة الذين سيحضرون قمة أبيك رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الذي زار واشنطن وبكين على حد سواء خلال الشهر الماضي، إضافة إلى رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا والرئيس الكوري الجنوبي يوم سوك يول.
وقبل توجهه إلى سان فرانسيسكو، سيستقبل بايدن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في البيت الأبيض، في إطار مساعي الولايات المتحدة للتنافس مع الصين من أجل الاستفادة من احتياطات النيكل الكبيرة في الأرخبيل والتي تعد ضرورية لصناعة السيارات الكهربائية.

زخم بشأن الاتفاق التجاري

اختيرت سان فرانسيسكو بفضل علاقاتها التاريخية مع آسيا ودورها المركزي في التكنولوجيا العالمية لكن يستبعد بأن توفر قمة أبيك فترة استراحة من القضية التي تستحوذ على جل انتباه بايدن منذ شهر: الحرب بين حماس وإسرائيل.
وإضافة إلى إندونيسيا ذات الغالبة المسلمة الأكبر في العالم، تضم أبيك ماليزيا التي واجه رئيس وزرائها أنور إبراهيم دعوات من المعارضة لمقاطعة القمة على خلفية الدعم الأميركي لإسرائيل.
وتضم أبيك التي تتحدّث عن «اقتصادات» لا «بلدان» الصين وتايوان معا، وهو أمر غير مألوف.
ولن تحظى تايوان بتمثيل سياسي فحسب، بل سيمثلها أيضاً رجل أعمال هو موريس تشان الذي يعد شخصية تاريخية في قطاع أشباه الموصلات في البلاد.
ولم تعد الولايات المتحدة من أنصار اتفاقيات التجارة الحرة، إذ انسحب ترامب من اتفاقية «الشراكة عبر الهادئ» التي عرضها سلفه باراك أوباما على حلفاء بلاده في آسيا.
وبدلاً من إعادة تفعيلها، اختار بايدن «الإطار الاقتصادي للازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ» الذي لا يوفر إمكانية الوصول إلى الأسواق بل يسعى لتسهيل الطريق للتجارة في 14 دولة تشمل اليابان والهند وأستراليا وكوريا الجنوبية ومعظم أجزاء جنوب شرق آسيا، لكن ليس الصين.
اختُتمت المفاوضات بشأن أحد أجزاء «الإطار الاقتصادي للازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ» الثلاثة وهو المتعلق بسلاسل الإمداد، ويمكن أن يتم خلال اجتماع أبيك وضع اللمسات النهائية على الجزءين الآخرين المتعلقين بالتجارة والطاقة النظيفة، بحسب ويندي كاتلر، المفاوضة التجارية الأميركية السابقة التي تشغل حاليا منصب نائبة رئيس معهد سياسة مجتمع آسيا Asia Society Policy Institute.

تأجيل اتفاق تجاري

ولكن الحكومة الأميركية اعلنت أنها أجلت عرض اتفاق تجاري مع آسيا كان من المقرر الكشف عنه هذا الأسبوع، بعدما واجهت معارضة من داخل حزبها.
كان من المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك) والاجتماع، على هامشها، بالرئيس الصيني شي جينبينغ، عن احراز تقدم ملموس في اتفاقية تجارية لا تزال في بداياتها.
لكن وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين اعتبرت أنه لا يزال يتعين إحراز تقدم بشأن الجزء الأكثر إثارة للجدل من الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، في إشارة إلى الملف التجاري.
بعد ترؤسها محادثات وزراء المال دول آبيك، قالت يلين للصحافيين «لقد تم تحقيق تقدم كبير لكن يبدو أنه ليس كافياً وهناك حاجة لمزيد من العمل».
وأضافت “إلا أنه، في عدد من المجالات التي أرى أنها ذات أهمية بالغة بالنسبة الى الولايات المتحدة، مثل سلاسل التوريد والبيئة والتمويل المستدام، حققنا تقدمًا هائلاً» و«أحرزنا تقدماً أيضاً في مجال التجارة، لكن يبدو أن العملية لم تكتمل».
أطلقت إدارة جو بايدن العام الماضي شراكة اقتصادية جديدة من أجل التصدي لنفوذ الصين، هي «الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ»، والتي لا تُعد اتفاقية تجارة حرة ولكنها تسعى إلى تسهيل التجارة بين 14 دولة في المنطقة.
وعشية القمة، طالب السيناتور شيرود براون، عضو الحزب الديموقراطي والمقرب من النقابات بإزالة الجزء المتعلق بالتجارة من الإطار.
وقال براون «إن أي اتفاق تجاري لا يتضمن معايير عمل قابلة للتنفيذ هو أمر غير مقبول».
ولا يحظى الديموقراطيون إلا بغالبية ضئيلة في مجلس الشيوخ، ويخشى بعضهم من أن يكون «الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ» بمثابة صياغة جديدة لاتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهي اتفاقية تجارة حرة أكثر طموحاً اقترحها الرئيس السابق باراك أوباما على حلفائه الآسيويين وانسحب منها خلفه دونالد ترامب في عام 2017.

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق