الاقتصادمفكرة الأسبوع

غضب حزب الله من المصارف اللبنانية خوف على حاضنته الشعبية من العقوبات الاميركية

برغم تأكيد حزب الله ان التزام المصارف اللبنانية بالعقوبات الاميركية ضده لن يؤثر عليه، ستكون لتلك الاجراءات تداعيات على حاضنته الشعبية وشبكة المؤسسات الاجتماعية التي يرعاها وهذا ما يفسر غضبه على القطاع المصرفي.
وبدأت المصارف منذ شهر ايار (مايو) بناء على تعميم من مصرف لبنان المركزي، تطبيق قانون اميركي اقره الكونغرس في 17 كانون الاول (ديسمبر) يفرض عقوبات على المصارف التي تتعامل مع حزب الله او تقوم بتبييض اموال لصالحه.
ويرى محللون ان المصارف في لبنان الحريصة على مصداقية ثابتة تتمتع بها في العالم، سارعت الى تطبيق التعميم، واقفلت عدداً كبيراً من الحسابات.
وتحدثت صحيفة «الاخبار» المقربة من حزب الله في الثامن من حزيران (يونيو) عن اقفال حسابات «لجنة الامداد ومؤسسة الشهيد ومستشفى سان جورج التابع لها، وهي مؤسسات تابعة للحزب مباشرة، (…) وهذا يشمل مئات ان لم يكن آلاف الحسابات».
ويقول رئيس تحرير مجلة الاعمار والاقتصاد حسن مقلد الذي يلعب دوراً في المفاوضات غير المباشرة بين حزب الله والمصرف المركزي، لوكالة فرانس برس «بدأت المصارف تطبق بطريقة كل من يقول مرحباً لحزب الله نغلق له حسابه».
وبحسب خبراء، بالغت بعض المصارف في تطبيق الاجراءات. وتدخل المصرف المركزي طالبا منها مراقبة حركة الحسابات اولا ثم تقديم تلك المشكوك بامرها الى هيئة التحقيق الخاصة لديه للنظر في اقفالها او عدمه.
ويقول الخبير المالي والاقتصادي غازي وزني لفرانس برس «ما اثار غضب حزب الله، انه عبر الضغط على بيئته ستلقى المسؤولية على كاهله، اذ سيتحمل مسؤولية اقفال حسابات اشخاص قد يكونون مجرد ابناء او اشقاء مسؤولين فيه، فضلاً عن مؤسسات اجتماعية وانعكاس ذلك على العاملين فيها».
ويضيف «لو واصلت المصارف هذا المسار المتشدد لاقفلت بسهولة وبسرعة ما يفوق عشرة آلاف حساب، اذ بات اي شخص مرتبط بحزب الله او يعمل في مؤسساته الاجتماعية والاستشفائية معرضا لاقفال حسابه».
ويمتلك حزب الله هيكلية اجتماعية تتضمن جمعيات رعائية ومؤسسات استشفائية وتعليمية تقدم خدمات لشريحة واسعة من اللبنانيين.
ويؤكد احد العاملين في مؤسسة تابعة للحزب طالبا عدم الكشف عن اسمه، ان «موظفي المؤسسة بدأوا يحصلون على رواتبهم نقداً منذ حوالي اربعة اشهر، فيما كانت تدفع لهم في السابق عبر شيكات».
ويقول وزني ان اقفال حسابات بعض المؤسسات الاجتماعية يعني ان «العاملين فيها سيصبحون مضطرين للتعامل نقداً، والحصول على مستحقاتهم نقداً ودفع الضمان الاجتماعي نقداً، كما يضطر مرضى المستشفيات للدفع نقداً وبالتالي يصبح هناك حركة اقتصاد مواز نقدي تتجاوز السوق المصرفية» ما يعني انها تتجاوز ايضاً الرقابة المصرفية على حركة الاموال.

لا هيكلية اقتصادية
يرى الخبير في شؤون حزب الله وضاح شرارة، واضع كتاب «دولة حزب الله» ان «حزب الله حوّل طائفة كبيرة بمحلات سكنها وبوجودها الجسماني الى اطار ملازم له، وبات ما يمسه يمس الشيعة وموقعهم في لبنان».
ويضيف «اغلقت المصارف ولصعوبة التحقيقات حسابات، بعضها من دون التدقيق فيها، ما اغضب الحزب. فقد باتت هناك رقابة على الارزاق، وهو يتصرف دفاعاً عن سمعته وتمثيله السياسي والعسكري».
ومنذ بدء العمل بتعميم المصرف المركزي، سادت حالة من التوتر بين المصارف وحزب الله الذي اتهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بـ «الانصياع» لطلبات واشنطن.
وبعد انفجار استهدف في 12 حزيران (يونيو) المركز الرئيسي لبنك لبنان والمهجر، احد المصارف الاكثر تشدداً في تطبيق التعميم، سارع مسؤولون الى الربط بين هذه الحادثة والتوتر بين الطرفين.
لكن الامين العام لحزب الله حسن نصرالله اصر على ان حزبه غير متضرر من الاجراءات الاميركية والمصرفية اللبنانية.
وقال في 24 حزيران (يونيو) «نحن وعلى المكشوف نقول ان موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه واكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الاسلامية في ايران» ولا تمر عبر المصارف.
لكنه مع ذلك وصف ما قامت به المصارف بـ «الاعتداء» على «ناسنا وجمهورنا وعائلاتنا».
في المقابل، تؤكد جمعية المصارف في لبنان على لسان امينها العام مكرم صادر لفرانس برس ان «المصارف تلتزم التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان والآليات التطبيقية الصادرة عن الهيئات الرقابية».
ويستهدف القانون الاميركي كل مصرف «يسهل تحويلات مهمة او تحويلات لحزب الله»، او «لكل شخص مذكور على لائحة مكتب رقابة الحسابات الخارجية» التي يجري تجديدها بين الحين والآخر.
ويشرح مقلد ان مصرف لبنان ابلغ البنوك ان «المعيار الاساسي هو حركة الحساب ومصدر التمويل (…) اي حسابات فيها حركة استثنائية لافتة ربما استخدمت لتمويل حزب الله».
ويضيف «على سبيل المثال، إذا كان لدى احد الاشخاص حركة ثابتة بهامش معين، بمعنى يدخل الى حسابه سنوياً مبلغ يتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف دولار، فانه ليس موضع شك، لكن ان دخل حسابه فجأة خمسون الف دولار فهنا يجدر التحقيق بامره».
وسارعت بعض المصارف الى اقفال حسابات عدد من نواب حزب الله، لكن مصرف لبنان، وفق مقلد، طلب اعادة فتحها كون الراتب الرسمي الذي يدخلها عبارة عن حركة ثابتة ومصدرها معروف.
واذا كانت الاجراءات المصرفية ضد الحزب تؤثر على بيئته، الا ان محللين يرون انه لن يكون لها اثر كبير على تمويله.
ويعد حزب الله قوة عسكرية ويمتلك ترسانة كبيرة. وبحسب شرارة فان «مصادر التمويل في ما يخص السلاح والرواتب والمشاريع الانشائية الكبرى ايرانية او سورية».
اما مقلد فيقول «لا نستطيع ان نتكلم عن هيكلية اقتصادية لحزب الله، فنحن لا نعرف ان كانت لديه مؤسسات انتاجية وما هي، وبالتالي فإن ميزانيته الاساسية تمر خارج الجهاز المصرفي، بما يشبه اقتصاد الحرب».

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق