سينما

مفاجأة مهرجان بيروت الدولي للسينما: «السلطة الخامسة»

ختمت الدورة 13 من مهرجان بيروت الدولي للسينما في 10 تشرين الأول (اكتوبر) بفيلم “The Immigrant” للمخرج الأميركي جيمس غراي الذي يتناول معاناة المهاجرين البولنديين إلى الولايات المتحدة. ولكن من سيختم معاناة السينما والسينمائيين مع السلطة الرقابية التي «تهجّر» الافلام من ارضها الشرعية، اي المهرجانات، من خلال ممارستها في حق الفن الذي يعتبر احد ارقى وجوه الثقافة. والسؤال: كيف يعقل أن يمنع جهاز الامن العام اللبناني افلاماً تعرض في مهرجان ثقافي فني لا يحضره سوى نخبة من عشاق الثقافة والفن والسينما، بينما الافلام بمختلف انواعها وانماطها واحجامها ووزنها الفني متواجدة على شبكات الانترنت ومتاحة للجميع وبكبسة زر؟

بأسف شديد سمعنا وصدمنا عندما اعلنت إدارة مهرجان بيروت الدولي للسينما أن جهاز الأمن العام اللبناني منع عرض الفيلم اللبناني القصير «وهبتك المتعة» الذي يتناول زواج المتعة، والفيلم الفرنسي الطويل «غريب البحيرة» L’Inconnu du Lac الذي يتناول المثلية الجنسية، ضمن برنامج الدورة الثالثة عشرة للمهرجان.

حظر المتعة والمثلية
فكما بات معروفاً تمارس الرقابة سياسة القمع على الاعمال التي ترى فيها اثارة للمشاعر الطائفية او نيلاً من المقدسات الدينية او انتهاكاً للآداب العامة أو ترويجاً للتطبيع مع اسرائيل. وغالباً ما تكون القرارات الصادرة عن الامن العام بمنع عمل فني او ثقافي محل انتقادات حادة من الاوساط الثقافية والاعلامية والحقوقية في لبنان.
وبما أن الفيلمين المذكورين يندرجان ضمن خانة انتهاك الآداب العامة، اوصت اللجنة المولجة الرقابة على الأفلام، والتي تضم ممثلين عن ست وزارات، بعدم إجازة عرضهما، لكن القرار النهائي في هذا الشأن كان كما قيل رهن توقيع وزير الداخلية اللبناني. الفيلم اللبناني «وهبتك المتعة» تبلغ مدته 15 دقيقة، وهو من إخراج اللبنانية فرح شاعر (26 عاماً) وكان مدرجاً ضمن مسابقة الأفلام الشرق أوسطية القصيرة كواحد من 16 فيلماً تتنافس على جوائزها. وسبق لفيلم «وهبتك المتعة» أن شارك في مهرجانات عديدة من بينها  «كليرمون فيران» في 2013 ومهرجان بوسان الدولي للافلام في كوريا الجنوبية. بدوره فيلم «غريب البحيرة» L’Inconnu du Lac الذي عرض ضمن فئة «نظرة ما» في مهرجان «كان» السينمائي هذا العام، كان مدرجاً في مهرجاننا البيروتي ضمن فئة «البانوراما الدولية»، وهو من إخراج الفرنسي آلان غيرودي، ويتناول علاقة مثلية بين شابين، أحدهما قاتل خطير. ولكن الرقابة اللبنانية الواعية دائماً على سلامة اخلاقنا رأت أنه «لا يناسب» المعايير التي قد تسمح بها.

سلطة مقابل سلطة
وفي مقابل سلطة القمع التي وقعت على رأس المهرجان ورواده اضافة الى رأس السلطة الرابعة المتضامنة تماماً مع حرية العرض، رد المهرجان بحضارة عبر عرضه «السلطة الخامسة»  The Fifth Estate الفيلم الذي يتناول حياة مؤسس موقع ويكيليكس، الاوسترالي جوليان آسانج، علماً بأن هذا العرض الذي لم تكشف إدارة المهرجان النقاب عنه سابقاً، بل أعلنت عنه تحت شعار «العرض المفاجأة»، هو الثاني عالمياً للفيلم بعد العرض العالمي الأول ضمن الدورة الثامنة والثلاثين لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي، التي أقيمت ما بين 5 و15 ايلول (سبتمبر) الفائت. وقد أتى العرض في مهرجاننا اللبناني قبل نحو اسبوعين من إطلاقه في الصالات السينمائية الأميركية في 18 تشرين الأول (اكتوبر) الجاري. ويؤدي الممثل البريطاني بنديكت كومبرباتش دور جوليان أسانج في الفيلم الذي قام باخراجه  بيل كوندون، وانتجته شركة «دريم وركس» التي يملكها ستيفن سبيلبرغ.

«وادي الدموع»
ايضاً عرض ضمن نطاق الدورة الثالثة عشرة لمهرجان بيروت الدولي للسينما فيلم «وادي الدموع» La Vallée des larmes، للمخرجة اللبنانية-الكندية ماريان زحيل، الذي يعود بالذاكرة إلى مجزرة صبرا وشاتيلا، من خلال قصة أحد الناجين منها. الفيلم الذي كان مدرجاً ضمن فئة «البانوراما الدولية» هو الشريط الروائي الطويل الثاني لزحيل بعد De Ma Fenetre Sans Maison، وتشارك فيه مجموعة ممثلين كنديين هم: ناتالي كوبال وناتالي ماليت وجانين سوتو وصوفي كاديو، إضافة إلى جوزف أنطاكي ووفاء طربيه وليلى حكيم ووليد العلايلي من لبنان. وسبق للفيلم أن شارك في مهرجان دبي السينمائي وفاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان «غرينبوينت» في نيويورك هذه السنة. يروي الفيلم قصة ماري (ناتالي كوبال)، الناشرة الكندية المقيمة في مونتريال،  التي ستستلم تباعاً مغلفات من مجهول، في داخلها اوراق تروي قصة علي، الشاب الفلسطيني الذي نشأ وترعرع في مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان. المخطوطات ستثير فضول ماري، فتبدأ بالتحري عن هوية صاحبها لتكتشف انه جوزف (جوزف أنطاكي) الذي يقوم بطلاء دار النشر حيث تعمل. لكن الفلسطيني الراغب في نشر مأساته سيجد حلاً مأساوياً ونهاية قاتمة  ستقود الناشرة الكندية في رحلة الى لبنان لتكتشف الماضي المليء بالاسرار والتاريخ العابق بالآلام.

مايا مخايل

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق