افتتاحية

من يحفظ حقوق اللبنانيين… السياسيون ام الدولة؟

بعد طول انتظار، كاد الناس معه يفقدون الامل بان الحمية ستدب يوماً، ليسود القانون وينتصر على التعطيل، الذي يشل البلد منذ اربعمئة يوم واكثر، بعد كل هذه المدة الطويلة، قرر رئيس الحكومة تمام سلام، استعادة زمام المبادرة، ووقف المعطلين، ومخالفي الدستور الذين يتغنون بالحفاظ عليه وهذا غير صحيح، عند حدهم. فعقد جلسة لمجلس الوزراء مستخدماً صلاحياته التي منحه اياها الدستور، الامر الذي اسفر عن قرار انقذ المزارعين والموسم الزراعي في لبنان.
المعطلون ينتقلون من محطة الى اخرى. وكان اخر ابتكاراتهم مطالبتهم بوضع جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء، وانتزاع هذا الحق من رئيس الحكومة، وهو من ضمن صلاحياته الدستورية.
ان كل ما يطالبون به ويقاتلون من اجله هم سببه، ونحن لا نعني فريقاً واحداً بل كل المعطلين. فلو نزلوا الى المجلس النيابي، وفق ما تنص عليه القوانين والدستور، وشاركوا في انتخاب رئيس للجمهورية، لكانت كل هذه المشاكل اختفت، ولما كان لها اثر.
هم يطالبون بصلاحيات رئيس الجمهورية. فماذا لو اوقفوا تعطيلهم القاتل للبلد، وانتخبوا رئيساً، وليفز من يختاره النواب، رغم عدم ثقة الشعب بهؤلاء النواب، لانهم في نظره غير شرعيين، بعد ان مددوا لانفسهم مرتين متتاليتين، خلافاً لما ينص عليه الدستور، ذلك ان لا اسباب موجبة تمنع اجراء انتخابات نيابية.
كثيرون يتغنون بحقوق المسيحيين، ويبررون تعطيلهم بأنهم انما يفعلون ذلك من اجل هذه الحقوق وتضامناً مع المطالبين بها. ولكن هل لا يزال الشعب يصدقهم، بعد ان عرقلوا في السابق مسيرة الدولة لاشهر طويلة، بحجة الحفاظ على حقوق المسيحيين، وتبين في ما بعد ان القضية انتهت بمجرد توزير احد الاشخاص. فهل ان ادخال فلان الى الوزارة يحفظ حقوق المسيحيين، واستبداله باخر ينتقص من هذه الحقوق. انها هرطقة ما بعدها هرطقة.
ماذا فعلوا للمسيحيين. منذ سنوات طويلة وهم يمسكون بزمام السلطة ويتحكمون بكل شاردة وواردة. الشعب يسأل ماذا قدموا له طوال هذه المدة؟
لماذا يثورون عندما تكون لهم مطالب تخدم مصالحهم، وما ان ينالوا ما يريدون حتى تخفت الضجة وتتلاشى. فهل هذه هي حقوق المسيحيين التي يطالبون بها ويتباكون عليها؟
ايها المسيحيون كم من المطالب والتجاوزات ترتكب باسمكم، دون ان يكون لكم يد في هذه السياسة، اذا صح ان ندعوها سياسة. فهي دلع وعدم مسؤولية. لقد تحولت الى مادة للمتاجرة استخدمها ويستخدمها كثيرون لمآرب معروفة. ان حقوق المسيحيين وحقوق جميع اللبنانيين تؤمنها الدولة العادلة القوية، فلا تعملوا على اضعافها، بل التفوا حولها فيحصل كل صاحب حق على حقه.
ما هو الضرر الذي لحق بالبعض، عندما اقدم مجلس الوزراء على انقاذ المزارعين ومواسمهم التي يعتاش منها الاف العائلات؟ وهل ان التشبث بمطلب خاص، هو اغلى من حياة الاف العاملين بالزراعة، وهي قطاع اساسي في الاقتصاد اللبناني. الذي اذا انهار، وقد اصبح على شفير الهاوية، سقط البلد وسقطوا هم معه؟
يقولون انهم يطالبون بالشراكة وانهم الضحية، فيما الشراكة مؤمنة وحصتهم كبيرة من نعيم السلطة، اما القول بانهم ضحية، فنحن نقول لهم ان الشعب اللبناني بأسره والبلد معه هما ضحيتهم من خلال تعطيلهم كل المؤسسات فعلام يتباكون؟
لو حاول مجلس الوزراء ارضاءهم، وقرر طرح موضوع تعيين قادة القوى الامنية حتى قبل ان يحين موعد التعيين، متجاوزاً الاصول، فان الاجماع غير متوفر، فماذا يستطيع ان يفعل رئيس الحكومة، بل ماذا يستطيع ان يفعل مجلس الوزراء مجتمعاً طالما ان الكلمة ليست واحدة؟
ان تعيين قائد للجيش قبل شهرين من انتهاء ولاية القائد الحالي ضروري في نظرهم، اما انتخاب رئيس للبلاد رغم مرور اكثر من اربعمئة يوم ليس ضرورياً. ابهذا المنطق يواجهون الناس؟ وهنا لا بد من توجيه السؤال الى المصفقين هل هم مقتنعون بما يجري ام انهم سائرون على غير هدى، غير مقدرين مصلحة البلد؟
شكراً للرئيس تمام سلام الذي فتح ثغرة في الجدار المسدود وتسلح بالقانون وبالدستور، ووقف بحزم في وجه المعطلين والمهددين بالتفجير وباعلان الحرب على الحكومة. ونحن نقول للفريق الاخر المتقاعس، وهو فريق 14 اذار وفريق بناء الدولة كما يقولون، لو انهم وقفوا منذ العام 2005، يوم منحهم الشعب وكالة عامة مثلما وقف الرئيس تمام سلام اليوم، لما كنا وصلنا الى هذا الموقف. ولكانت امور كثيرة تبدلت. فعسى ان يأخذوا من موقف سلام عبره، ويهبوا دفعة واحدة لاعادة الحق الى نصابه ولانقاذ البلد مما يتخبط فيه.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق