أرجأ الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاربعاء قمته المقبلة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين فيما أكد وزير الخارجية مايك بومبيو انه لن يتم تخفيف الضغوط على موسكو في اعقاب اللقاء التاريخي بين الزعيمين في هلسنكي.
ورداً على الدعوات المتصاعدة المطالبة بنشر تفاصيل المحادثات التي جرت خلف ابواب مغلقة، عززت الادارة الاميركية تدابير حصر الخسائر. ومثل الوزير مايك بومبيو أمام الكونغرس للدفاع عن رئيسه.
والرئيس الاميركي نفسه الذي يتعرض لانتقادات على خلفية خططه دعوة بوتين الى البيت الابيض في الخريف، اختار ارجاء القمة الى 2019 بعد انتهاء التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر في تدخل روسي محتمل في الانتخابات الرئاسية، حسبما اكد مستشار الامن القومي جون بولتون.
واتخذ بومبيو موقفاً هجومياً للتأكيد على الخطوات التي اتخذها ترامب لاظهار حزمه ضد الكرملين، ومثل لثلاث ساعات امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ للرد على اسئلتها.
وقال بومبيو انه سيدعم جهوداً من كلا الحزبين في الكونغرس لفرض عقوبات جديدة على روسيا رداً على تدخلها في انتخابات 2016، وللحؤول دون تدخلها في انتخابات هذا العام او في 2020.
وصرح بومبيو «قلت شخصياً وبوضوح للروس إنه ستكون هناك تداعيات خطيرة للتدخل في عملياتنا الديموقراطية».
لكن بومبيو بقي غامضاً بشأن السؤال الاهم على الارجح وهو: ما الذي حصل في الاجتماع المغلق بين ترامب وبوتين؟
وشدد بومبيو على ان الموقف الرسمي هو ان الولايات المتحدة «ترفض محاولة ضم روسيا للقرم» وهي مسألة تردد فيها ترامب على ما يبدو.
ووسط اتهامات للرئيس الاميركي — ومن ضمنها من حزبه الجمهوري — بالتشكيك في مبدأ الدفاع المشترك المؤسس لحلف شمال الاطلسي، سعى بومبيو الى تخفيف الاستياء.
وقال «سيظل الحلف الاطلسي من الاعمدة الاساسية للامن القومي الاميركي». واضاف «نعرف أن الضعف يحفز اعداءنا لكن القوة والتماسك يحميانا».
وفي ما يتعلق بكوريا الشمالية كانت لهجة بومبيو حازمة. فقد حذر من ان واشنطن لن تسمح للمحادثات النووية بأن تستمر دون نتيجة، وسط انتقادات بأن قمة ترامب في سنغافورة في حزيران (يونيو) الماضي مع كيم جونغ اون، لم تؤد حتى الان الى نتيجة تذكر.
وقال بومبيو «إننا نطبق دبلوماسية الصبر لكننا لن نسمح لذلك ان يستمر الى ما لا نهاية».
وشدد على ان الكوريين الشماليين «يتفهمون تماماً مفهومنا لنزع السلاح النووي ووافقوا على نزع السلاح النووي»، مؤكداً خلال الجلسة ان بيونغ يانغ تواصل تصنيع مواد انشطارية نووية.
وقال انه يعتقد ان كوريا الشمالية لا تزال تمثل التهديد الاكثر الحاحاً للامن القومي الاميركي.
مذعن ومختل
يسعى اعضاء في مجلس الشيوخ — وحلفاء الولايات المتحدة في العالم — لمعرفة تفاصيل قمة ترامب وبوتين في 16 تموز (يوليو) وخصوصاً ما اذا كان ترامب قد قدم وعوداً سرية لبوتين او اتفاقات شفهية لم يكشف عنها بعد.
ووصف الجمهوريون والديموقراطيون على حد سواء اداء ترامب بأنه خيانة لمصالح الولايات المتحدة ومتساهل جداً تجاه الزعيم الروسي.
وسرعان ما توترت الجلسة اذ سعى اعضاء في اللجنة لمعرفة تفاصيل ما حدث في العاصمة الفنلندية.
وقال السناتور روبرت ميننديز أبرز الاعضاء الديموقراطيين في اللجنة لبومبيو «لا أعتقد انه من غير العدل ان نعرف». وتابع «هل قال لبوتين انه سيلغي العقوبات أو سيخففها بنهاية الامر؟».
ورد بومبيو بصلابة قائلاً «حضرة السناتور الذي تحتاج له لممارسة دورك، دورك المناسب، سأقدمه لك اليوم» لكنه لم يجب على سؤاله.
ولم يقدم بومبيو اي تلميحات بشأن وعود سرية او صفقات بين الرئيسين، لكن وزارة الخارجية قالت ان ثلاثة «مقترحات متواضعة» خرجت عن القمة هي: مجموعة عمل تضم كبار قادة قطاع الاعمال، ومجلس يضم خبراء سياسة روسا واميركيين ودبلوماسيين ومسؤولين عسكريين، ومحادثات بين مستشاري الرئيسين للامن القومي.
وفيما وجه الديموقراطيون الانتقادات لأداء كل من ترامب وبومبيو، رد وزير الخارجية بالمثل متهما ميننديز مثلاً بالقيام «بمناجاة سياسية» على حساب ادارته.
لكن حتى الجمهوريين لم يقتنعوا بتطمينات بومبيو.
وانتقد السناتور الجمهوري بوب كوركر رئيس اللجنة ترامب واتهمه بانه بدا «مذعنا ومختلفا» عن بوتين في هلسنكي. وقال «إن تصرفات الرئيس هي التي تخلق عدم ثقة هائلة في امتنا وبين حلفائنا».
واثارت مواقف الرئيس الأميركي خلال القمة استياء العديد من أعضاء الكونغرس الاميركيين، وخصوصاً قبوله على ما يبدو نفي بوتين بأن روسيا تدخلت في انتخابات 2016، رافضاً استخلاصات اجهزة الاستخبارات الاميركية.
وامام عاصفة الانتقادات اضطر ترامب لتقديم توضيح اقر فيه بانه اساء التعبير مؤكداً ثقته باجهزة الاستخبارات الاميركية.
ا ف ب