افتتاحية

حكومة ظل تكسر الحكومة الشرعية وتعطلها

لبنان كما هو معروف عنه، بلد العجائب والغرائب السياسية. ففيه اليوم حكومتان، واحدة مشكلة من الفئات السياسية الفاعلة وتسمى حكومة وحدة وطنية. وثانية تضم قوى 8 اذار وهي قادرة على التحكم بالاولى ساعة تشاء، لانها تضم اكثرية جاء بها قانون انتخاب اعوج، فصل على قياس هذه القوى، وكان الهدف الوصول الى الامساك بكل مفاصل البلد والتحكم به. والاغرب من ذلك ان الحكومة الثانية ممثلة في الاولى، ولكنها تسعى دائماً الى ضربها للاستئثار بالسلطة والهيمنة على كل شيء. مع العلم ان قانون الانتخاب الاعوج هذا حمل الى الندوة البرلمانية اشخاصاً لا يمثلون شيئاً، ومع ذلك فأنهم يتسلحون بالمركز ويتعاطون مع الجميع من فوق، وكأنهم حقاً اصحاب سلطة.
انطلاقاً من هذا الواقع استطاعت الحكومة الثانية ان تعطل الاولى، غير عابئة بالاخطار الاقتصادية القاتلة التي تتهدد البلد. فالمهم عندها خدمة مصالحها ولا شيء غير ذلك. وقد سدت اذانها عن الانذارات التي ترد من الخارج يومياً وهي تطالب بتكثيف العمل الحكومي واجراء الاصلاحات قبل ان ينهار لبنان.
عند تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والتي سميت «حكومة هيا الى العمل»، تواصلت الانتقادات، اذ كيف يمكن جمع كل هذه التناقضات في جسم واحد، وهل تستطيع ان تحكم وهي تضم قوى واقفة خلف المتاريس المتقاتلة؟ يومها اتفقوا (ومعروف اتفاقهم والى متى يدوم)، على ان تبقى الخلافات خارج مجلس الوزراء. وان المواضيع الخلافية تستبعد عن طاولة مجلس الورزاء حفاظاً على الانسجام الوزاري. هذا الاتفاق وكما هي حال اتفاقاتهم كلها لم يدم طويلاً وعادت حليمة الى عادتها القديمة، فبدأت الخلافات تنهش الوفاق الحكومي حتى عطلته الحكومة تماماً، وها هو الوضع الذي يسود الان، يؤكد ذلك. اذ توقف مجلس الوزراء عن الاجتماع خوفاً من انفراط عقده، مع ان الظروف القاسية التي يجتازها البلد، تحتم تكثيف الاجتماعات لاستنباط الحلول للازمات التي تطحن الناس. لقد قابل السياسيون هذا الوضع الخطير بلا مبالاة، وكأن الامر لا يعنيهم. فهمهم اولاً واخراً مصالحهم الخاصة، فاظهروا مرة جديدة انهم ليسوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وانهم غير جديرين بتولي قضايا الشعب. وبالتالي فان الانقاذ لا يمكن ان يتحقق على ايدي هذه الطبقة السياسية، ويبقى الحل في ايجاد طبقة سياسية بديلة تتمتع بالكفاءة ونظافة الكف، تتولى مهمة النهوض بلبنان وايصاله الى حيث يجب ان يكون، والى ما كان رجال لبنان الكبار يطمحون اليه. لقد تحولت المسؤولية عندهم الى تصفية حسابات بين بعضهم البعض خارج اطار الوطن.
وفي زحمة الخصومات المتصاعدة ضاعت المسؤوليات فاصبح بعض السياسيين يريدون ان يتدخلوا في وضع جدول اعمال مجلس الوزراء، المنوطة مهمته برئيس الحكومة. هذا الوضع الشاذ يفقد ثقة المجتمع الدولي بالقدرة اللبنانية على السير بالبلد على طريق الاصلاح.
ان البلد ينهار واهل السياسة يتفرجون ولا امل بالخلاص الا بكوكبة من العقلاء تستوعب هذا التناحر وتجمع الكل تحت راية المصلحة الوطنية وحدها دون غيرها. فمن اين لنا بهذه المجموعة؟

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق