سياسة لبنانيةلبنانيات

الترسيم وصل الى نهايته السعيدة والتوقيع قد يكون خلال ايام

الفراغ في رئاسة الجمهورية بات شبه مؤكد والفائز حتى الساعة الورقة البيضاء

ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل وصل الى خواتيمه. اتصل الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين بالرئيس ميشال عون وابلغه ان التفاوض انتهى، وهو منكب على وضع مسودة حول التعديلات اللبنانية التي قدمت اليه، رداً على المسودة التي كانت قد سلمتها الى الرؤساء الثلاثة السفيرة الاميركي في لبنان دوروثي شيا. ويتوقع المسؤولون اللبنانيون ان يصل الرد الاميركية في الساعات المقبلة، وبعض الانباء اكدت انه وصل ليل امس.
رئيس الجمهورية بدا متفائلاً وتوقع امام زواره ان الترسيم سينجز خلال ايام قليلة، وبعدها يصبح بامكان لبنان ان يبدأ بالتنقيب، مع العلم ان شركة توتال وعدت بانها على استعداد للمباشرة بالعمل فور توقيع الاتفاق. هذا التفاؤل يمتد الى الجانب الاسرائيلي، وقد بدأت شركة انرجيز بالضخ من الشاطىء الى السفية في عرض البحر، وقالت ان ضخ الغاز سيبدأ خلال اسابيع، ويستدل من هذه التصاريح ان الامور سائرة الى نهايتها السعيدة، على امل الا يدخل اطراف معطلون يقلبون النتائج رأساً على عقب. فقد تعودنا في هذه المنطقة انه كلما اقتربت قضية من نهايتها تعطلها التفاصيل غير المحسوبة.
ماذا يعني انجاز الترسيم البحري بالنسبة الى لبنان؟ انه يفتح باباً واسعاً للنهوض من هذه الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي غرق فيها وسدت المنظومة بوجهه كل ابواب الخلاص بعدما ابعدته عن محيطه العربي وعن المجتمع الدولي، فكان من الطبيعي ان تمتنع الدول الشقيقة والصديقة عن مد يد المساعدة اليه، الا بعد حزمة اصلاحات عليه القيام بها، ليعود فيلعب الدور الذي عرف به منذ ما قبل الاستقلال. الا ان الحكومة والمجلس النيابي لا يزالان يماطلان ولم ينجزا ما طلب منهما، فيبقي الوضع متعسراً.
حكومياً يبدو ان ملف التشكيل نام في الادراج الى جانب ملفات كثيرة، ولو قدر لها ان تبصر النور، لما وصل البلد الى هذا الوضع الكارثي، فالمنظومة لم تفكر يوماً لا بمصلحة الوطن ولا بمصلحة المواطنين، بل وضعت نصب اعينها مصالحها الخاصة. فهناك فريق تمسك بتشكيل حكومة تؤمن له مصالحه ولو على حساب البلد كله، فيما كان فريق اخر يسعى لتشكيل حكومة خارج المنظومة تتولى الاصلاح والنهوض بلبنان ووضعه على الطريق الصحيح، فكان ان طوي الملف، خصوصاً ونحن على بعد عشرين يوماً فقط من نهاية العهد، ولم يعد الوقت يتسع لتشكيل حكومة جديدة، ويبدو ايضاً ان هناك من يسعى للفراغ، بعد شغور المركز الرئاسي، مع ما لذلك من تداعيات مدمرة على الجميع. فالوضع المهترىء والكارثي لا يحتمل اي فراغ ولو ليوم واحد. ولكن المصالح الخاصة اعمت المجلس النيابي فلم يستطع حتى الساعة انتخاب رئيس.
الانظار اليوم متجهة الى المجلس النيابي. ولكن يبدو ان المجلس الجديد ورغم التغيير الطفيف الذي حققته الانتخابات التشريعية الاخيرة، فان الامور لا تزال على حالها وقد عجزت المعارضة، وهي معارضات عدة، وليست كلها على خط واحد، عن توحيد صفوفها ومواجهة فريق المنظومة بموقف موحد، فضلاً عن انها غير قادرة على تأمين اكثرية الثلثين الضرورية لاي انتخاب، لذلك فان الفراغ اصبح اكيداً باعتبار انه حتى الساعة لا يلوح في الافق ما يوحي، بان الاتفاق بين الجميع ممكن. فنواب التغيير طرحوا اربعة اسماء وسيعرضونها في الجلسة النيابية بعد غد الخميس وهي سليم اده، ناصيف حتي، زياد بارود وصلاح حنين، فيما نواب المعارضة لا يزالون حتى الساعة متمسكين بترشيح ميشال معوض… اما فريق السلطة فمرشحه ثابت وهو الورقة البيضاء فكيف يمكن الجمع بين هذه التناقضات. هل ان الكتل النيابية شأنها في كل انتخابات رئاسية تنتظر كلمة السر من الخارج، لتفتح الابواب الموصدة ويدخل الرئيس العتيد؟
هناك ضغوط خارجية واضحة تستعجل انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي في 31 تشرين الاول وقد تجلى ذلك في البيان الثلاثي الاميركي – الفرنسي – السعودي الذي صدر قبل حوالي الاسبوعين، ومنذ ذلك اللحظة لا تزال النصائح تتوالى مستعجلة انتخاب الرئيس، باعتبار ان وضع لبنان لا يحتمل ولو يوماً واحداً من الفراغ، ويبدو ان فرنسا هي التي تتولى الملف، ويقوم عدد من مسؤوليها بزيارات متتالية الى لبنان. اخر هذه الزيارات يوم الجمعة المقبل حيث ستصل وزيرة الخارجية كاترين كولونا في جولة استكشافية، تجري خلالها محادثات مع المسؤولين اللبنانيين وستدعوهم الى تحمل مسؤولياتهم والتطلع الى مصلحة البلد والاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. وتأتي زيارة الوزيرة الفرنسية، بعد يوم واحد من الجلسة التي دعا اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري النواب لانتخاب رئيس. ولكن يبدو ان الصورة لم تتبدل عن الجلسة السابقة وسيكون الفائز فيها هذه المرة ايضاً الورقة البيضاء. فلو كان المسؤولون يهتمون بمصلحة الوطن هل كان يحصل ذلك؟ لقد اعتادوا على تدخل خارجي يزيل العقبات بسحر ساحر ويتم التوافق والانتخاب. فمن ينتظرون هذه المرة؟ واي نوع من الرؤساء سيحتل قصر بعبدا؟ ان المواطنين ينتظرون بفارغ الصبر فاما رئيس انقاذ يخرجهم من الكوارث النازلة بهم، واما تمديد ست سنوات جديدة لهذا الجهنم فهل يستطيع لبنان تحمل ذلك؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق