سينما

مهرجان «كان» 2016: بدء وصول نجوم الفن السابع قبيل حفل افتتاح

تجري التحضيرات الأخيرة في مدينة كان على قدم وساق قبيل انطلاق فعاليات المهرجان السينمائي الدولي في نسخته الـ 69 مساء اليوم الأربعاء. التدابير الأمنية على أشدها بسبب التهديدات الإرهابية، فيما بدأ نجوم السينما بالوصول إلى المدينة الواقعة جنوب فرنسا.

رفع الملصق الرسمي لمهرجان كان 2016، الذي ينطلق اليوم الأربعاء ويستمر لغاية 22 أيار (مايو)، على واجهة قصر المهرجانات حيث تقام أهم العروض، وهو المبنى ذو المدارج الـ 24 المغطاة بالسجاد الأحمر والتي سيطأها يومياً عشرات نجوم السينما الفرنسية والعالمية ومختلف المشاهير. ويظهر الملصق مشهدا من فيلم «الاحتقار» (1963) الشهير للمخرج الفرنسي جان لوك غودار، وهو من أعمدة سينما الموجة الجديدة.
والصورة الصفراء الفاقعة تظهر لحظة صعود الممثل ميشال بيكولي درج بيت إيطالي فخم في طور البناء. وهذا الديكور الذي صور فيه «الاحتقار» يجمع كامل الخيال المحيط بالكروازيت. ويقول المنظمون «كل شيء هنا، المدرج والبحر والسماء: صعود رجل نحو حلمه في حرارة نور (البحر) المتوسط الذي يتحول ذهباً». ففي 2016، يواصل رئيس المهرجان بيار لسكور الاحتفاء بأيقونات الفن السابع عبر اختياره الأخير.
فالاحتقار هو خصوصاً بريجيت باردو وصورة راوول كوتار وموسيقى جورج ديلرو وكلام الجنريك. هل من حلم أكبر لتجسيد الفن السابع وأسطورة هذا الفيلم الثوري والمذهل؟ هكذا، وعشية دورته الـ 69، يجدد المهرجان عهوده الأساسية: تكريم تاريخ السينما واستقبال طرق جديدة للإبداع وأيضاً للمشاهدة. وكان أول مشهد في الفيلم تحديا للمنتجين الأميركيين الذين طالبوا برؤية باردو عارية، وجاء بمثابة بيان عن حرية السينما، فتقول الممثلة «هل ترى أن ردفي جميل؟ وثديي، هل تحبه؟». ولم تكن هذه الأسئلة في الحقيقة موجهة لزوجها في الفيلم (ميشال بيكولي) بل للمنتجين.

طابع احتفالي رغم تهديدات أمنية عالية
رغم أن ذكرى بريجيت باردو في فيلم غودار تطل على المهرجان، فإن التهديدات الأمنية تخيم أيضاً عليه. فمع الاستعدادات الأخيرة وبدء وصول النجوم إلى مطار نيس وتهيئة الواجهات البحرية للفنادق الفخمة والمتاجر الكبرى والمقاهي الشهيرة، وتهافت السياح على الأماكن المعروفة وتحضير شاشة «سينما الشاطىء» على الرمل… ينتشر أيضاً المئات من عناصر الأمن في كل زوايا كان.
وقال وزير الداخلية الفرنسية برنار كازنوف الإثنين من داخل قصر المهرجانات إن «الخطر الأمني أكبر من أي وقت مضى»، بعد ستة أشهر على اعتداءات باريس (في 13 تشرين الثاني/نوفمبر) وسبعة أسابيع على اعتداءات بروكسل (22 آذار/مارس). ووعد كازنوف «بتعبئة استثنائية» تشمل إلى جانب الشرطة وفريق من خبراء المتفجرات، نشر 400 حارس أمني خاص وسبعة سباحين منقذين لضمان أمن التظاهرة.
وتحرص جميع الأطراف على الا تكون الإجراءات ظاهرة للعيان حفاظا على الطابع الاحتفالي وعلى شعبية المهرجان.
فهذه الترتيبات المشددة لن تحجب ديناميكية الحدث السينمائي الأبرز في العالم والذي ينتظر أن يستقطب عشرات الآلاف من محبي السينما والعاملين فيها من مختلف أنحاء العالم.
وتحدث رئيس بلدية كان دافيد لنسار بالمناسبة عن وضع «خطة وقائية لحماية المدينة من الخطر الإرهابي» هي الأولى من نوعها في فرنسا وتشمل عمليات تفتيش عشوائية.
وبهدف إعداد قوات الشرطة لمواجهة الأسوأ المتمثل في اعتداء إرهابي، شهدت مدينة كان نهاية نيسان (أبريل) محاكاة لهجوم عبر تفجير سيارة مفخخة شرق المدينة تبعه وصول أربعة مهاجمين مفترضين إلى قاعة عرض في قصر المهرجانات بوجود 180 شخصاً لعبوا دور المشاهدين.

كوكبة من النجوم في عيد السينما
وينطلق المهرجان مساء الأربعاء بعرض فيلم «كافيه سوسايتي» للمخرج الأميركي المخضرم وودي آلن، خارج إطار المسابقة، من بطولة النجمة الأميركية كريستن ستيوارت وزميلها جيس آيزنبارغ، وسط توقعات بسقوط الأمطار.
وتأتي إلى كان أيضاً هذا العام كوكبة من الممثلات والممثلين على غرار جوليا روبرتس (التي تحضر المهرجان لأول مرة !) وجورج كلوني وماريون كوتيار وروبرت دينيرو وإيزابيل هوبار وليا سيدو وفينسان كاسيل وجوليات بينوش وفبريس لوكيني، ومجموعة من المخرجين البارزين من بينهم بيدرو آلمودوفار وستيفان سبيلبيرغ وكزافيه دولان وجودي فوستر.
ووصف البعض هذا الحضور الكبير لأكبر النجوم بـ «صورة عبقرية عن السينما العالمية». فكان هو أيضاً مرآة للعالم ومزيجاً من السحر وأخبار الساعة، وتمثل فيه هذا العام 28 جنسية.
وقال المندوب العام للمهرجان تيري فريمو إن «العالم في فترة كبيرة من الحيوية والنضال، فإن كانت الأفلام تتناول مسألة الحب هذا أمر طبيعي، فالمواضيع الكبرى قائمة، لكنها تتناول بكثرة قضية الحرية، فالعديد من الأفلام تتحدث عن الديمقراطية، وأخرى عن الذاكرة». وسيفتتح فيلم «اشتباك» للمصري محمد دياب قسم «نظرة خاصة»، ويتناول الفترة التي تلت عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي.
أما الممثل لوران لافيت الذي سيخلف لامبرت ويلسون في تقديم حفل الافتتاح فقال لفرانس 24 إن ما يستهويه في كان هو «المزيج الخارق بين السينما من جهة مع أناقتها وإثارتها، ومن جهة أخرى الجانب المتناقض للعروض التي كثيراً ما تشمل مسائل سياسية. وربما إنه المكان الوحيد في العالم الذي يجمع كل هذه الوجوه في مدينة غريبة تشبه كعكة زفاف».
وتابع لافيت إنه ينتظر بفارغ الصبر هذه السهرة التي ينوي فيها «المحافظة على تقاليد المهرجان وفي الوقت عينه إدخال بعض التغييرات عليها، لا سيما روح الفكاهة».
ويعرض 21 فيلماً في هذه المسابقة الرسمية، بينها 13 فيلماً أوروبياً في المسابقة الرسمية تتنافس للفوز بجائزة السعفة الذهبية التي تمنحها لجنة التحكيم برئاسة المخرج الأسترالي جورج ميلر صاحب سلسلة أفلام «ماد ماكس».
ويسعى الشقيقان جان-بيار ولوك داردين الحائزان على السعفة مرتين («روزيتا» و«الطفل») إلى الفوز بالجائزة مرة ثالثة مع «الفتاة المجهولة» من بطولة أديل أنيل. ويشارك المخرج الهولندي بول فيرهوفن في المسابقة بفيلم «هي»، وسبق أن أخرج عام فيلم 1992 «غريزة أساسية» (basic instinct) الشهير، والبريطاني كين لوتش مع «أنا دانييل بلايك» والإسباني بيدرو آلمودوفار مع «خولييتا».
ومن الأفلام المترقبة أيضاً «الوجه الأخير» لشون بن، وتلعب فيه صديقته السابقة شارليز تيرون إلى جانب خافيير بارديم والعملاق الفرنسي جان رينو.
ويبدو أن الخوف من الإرهاب لم يثن رواد المهرجان عن المجيء على ما يقول ميشال شوفيون، وهو رئيس نقابة أصحاب الفنادق في المدينة المحجوزة كل غرفها تقريباً. ففي كواليس أفخم الفنادق، كما في المطاعم والفنادق الأكثر تواضعاً، توضع اللمسات الأخيرة قبل استقبال الزبائن. فلتكن الكلمة الأخيرة للوران لافيت الذي رد على فرانس24 حول ما ينتظره هذا العام  من المهرجان قائلاً «أفلام جميلة جداً!».

أ ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق