افتتاحية

متى تصبح التمنيات حقيقة؟

الى متى سيبقى مصير البلد معلقاً على مزاجية اشخاص يعملون فقط لمصالحهم الشخصية، بعيداً عن مصلحة الوطن، الذي بفعل تصرفهم اللامسؤول يفقد دوره الريادي في المنطقة؟ رئاسة الجمهورية فارغة ومعطلة منذ اربعمئة يوم، ولنتصور اذا حكمنا المنطق في تصرفاتنا، كيف يمكن لدولة او حتى لمؤسسة او شركة ان تسير الامور فيها بشكل طبيعي، بلا رئيس ولا رأس. والمجلس النيابي، معطل، لا اجتماعات ولا تشريعات، اللهم سوى لقاءات لتنسيق التعطيل، دون ان يكون هناك اهتمام بمصلحة البلد.
هذان التعطيلان للرئاسة الاولى ولمجلس النواب انعكسا على الحياة في لبنان، شلت الحركة في المؤسسات العامة التي فقدت مسيرتها الطبيعية وتعطل كل شيء. وكانت الامال معلقة على حكومة، كانت لا تزال تعمل ولو بالحد الادنى، وكانت اشبه بحكومة تصريف اعمال ولكنها باقية لتسيير الامور الضرورية من حياة الناس، الذين كفروا بكل السياسيين دون استثناء، وهم يحملونهم كلهم مسؤولية ما يجري، مع ان الشعب يتحمل المسؤولية الاكبر لانه ساكت عن دلع هؤلاء السياسيين.
حتى هذه الحكومة عطلوها، وقد يكون المطلوب ربما ان يتعطل كل شيء بهدف ضرب النظام القائم، واعادة تشكيله على اسس تناسب المعطلين وتخدم مصالحهم. ولكي لا يثيروا نقمة الناس عليهم، قرروا ان يحضروا اي جلسة للحكومة يدعو اليها الرئيس تمام سلام، ولكنهم بموجب القرار الاعوج الذي يعطي اي وزير قوة التعطيل، سيرفضون ان يطرح اي بند او مشروع قبل اقرار ما يريدونه هم، وهذه سياسة اسوأ بكثير من عدم الحضور.
صحيح ان الناس ملوا ووصل بهم الامر الى حد اليأس، ولكننا نسأل اليسوا هم المسؤولين عن هذه المهزلة التي ادانها ويدينها وينتقدها العالم كله، الذي يتفرج على ابناء بلد يدمرون وطنهم بايديهم، حتى اذا ما فقدوه ادركوا ربما قيمة النعمة التي وهبهم الله اياها، وهم يديرون الظهر لها؟ فهم اشبه بطفل اعطي لعبة ترضي رغبته، ولكن ما ان يمل منها حتى يعمد الى تكسيرها، وبعد ان يفقدها يبكي عليها، وعندها لن ينفع الندم.
ويتبارى الوزراء المعطلون في التباهي بدورهم التعطيلي. وعندما يسألون عن سبب هذه السياسة المسيئة الى الوطن والناس يجيبون مثلاً انهم لا ينزلون الى مجلس النواب لانتخاب رئيس، لان في ذلك مخالفة للدستور. فبربكم هل من متطوع يشرح لنا معنى هذا القول؟
كيف اذا نزل نائب الى المجلس النيابي وشارك في انتخاب رئيس للبلاد، وفق ما ينص عليه الدستور، يكون بذلك يخالف الدستور او تكون الانتخابات مخالفة للدستور؟ انه كلام اعوج لا يدخل لا في عقول الناس ولا في عقل اي انسان عاقل.
العالم كله، الدول الغربية والعربية، تنتقد التعطيل وتدعو السياسيين اللبنانيين الى الكف عن هذه السياسة الخرقاء، ولكن اذانهم صماء، فلا تسمع الا ما يتوافق مع رغباتهم واهوائهم وهنا مكمن الخطورة.
لنأخذ الوجه الاخر والصحيح لما يجري في لبنان!
فلو مثلاً طبق اعلان بعبدا (وبالمناسبة قال منذ ايام رئيس سابق للجمهورية لا يذكر التاريخ شيئاً عن اي انجازات قدمها للبنان، ان اعلان بعبدا هو ضد الشعب اللبناني فكيف؟ بربكم اشرحوا لنا)، وعاد اللبنانيون الى داخل الحدود، وتوقفوا عن التدخل في حرب الاخرين، علماً ان لا مصلحة للبنان في هذا التدخل، ولو عمد النواب الى انتخاب رئيس للبلاد، وعاود المجلس النيابي ولو كانت نيابة النواب الحاليين مشكوكاً بها، لانهم باقون بفعل التمديد لانفسهم دون ارادة الشعب، الذي لم يستشيروه، لما مددوا لانفسهم، لو تم ذلك وتشكلت حكومة جديدة ترعى مصالح الناس وتدبر امورهم، هل تتصورون ماذا يمكن ان يحدث؟
قبل كل شيء يستعيد لبنان دوره، وتتدفق الاموال الموعود بها، على خزانته، وتزدهر الاستثمارات التي تخلق فرص عمل، وتطلق الاقتصاد من عقاله فيعود الى ايام العز التي افقدوه اياها منذ زمن طويل.
كذلك تعود السياحة الى مجدها وهي عمود اساسي في الاقتصاد اللبناني، فتعم الحركة جميع المؤسسات والاسواق ويتحرك البلد كله. ولو عددنا ايجابيات ما يمكن ان يحدث لرأى اللبناني الاحلام تتحول الى حقائق، ولكن يبدو ان المطلوب نحر لبنان ومنعه من ان يتقدم. والمؤسف ان هذا يمر على ايدي لبنانيين، فهل من شعب يكون الحكم ويحاسب؟
انه تمنٍ اصعب من ان يتحقق، فلنصبر اذاً ان الله مع الصابرين.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق