دولياتعالم

المفاوضات النووية تعود ثانية الى «عنق الزجاجة»

هل فشلت جولة المفاوضات النووية بين ايران ومجموعة «5 + 1»؟ ام انها محكومة ببعض الصعوبات؟ سؤال فرضته معطيات عديدة سربتها مصادر متابعة لمجريات العملية التفاوضية، من بينها مصادر ايرانية. غير ان السؤال مدعوم بوجهة نظر فرنسية خلصت الى ان المفاوضات اصبحت على وشك الانهيار. الامر الذي نفته مصادر اخرى اشارت الى ان الصعوبات تركزت على بعض المسائل، مقابل تقدم في مسائل اخرى.

أكد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية ان جولة المباحثات النووية بين ايران والدول الكبرى الست انتهت في نيويورك من دون التوصل الى تفاهمات بشأن القضايا الجوهرية العالقة، مضيفاً انه لا تزال هناك فجوات كبيرة في مواقف الطرفين.
من جهته، اكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان المباحثات المستمرة منذ اسبوع في نيويورك لم تحقق اي تقدم فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني، مضيفاً ان هناك احتمالاً لتحقيق تقدم بشأن مستوى انتاج البلوتونيوم في مفاعل اراك الايراني. غير ان العملية ما زالت رهنا باجتماعات ثلاثية تضم وزراء الخارجية، الايراني، والاميركي، اضافة الى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون، يمكن ان يدفع بالمفاوضات الى بعض التقدم.

تصعيد اميركي
في الاثناء، تقول المصادر الايرانية ان رئيسة فريق المفاوضين الاميركيين مساعدة وزير الخارجية الاميركي ويندي شيرمان صعدت من مواقف بلادها على أعتاب المفاوضات المقررة بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد المقررة على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك.
واعتبرت شيرمان أن المستوى الحالي لقدرة ايران على تخصيب اليورانيوم غير مقبول، إلا أنها عادت واقرت في خطاب بجامعة جورجتاون بواشنطن بأن المفاوضات المكثفة مكنت الطرفين من تحديد أجوبة لبعض المسائل الجوهرية محذرة من وجود تباعد كبير في مواقف محورية منها نطاق ومستوى قدرة ايران على تخصيب اليورانيوم.
شيرمان التي أذعنت الى حق إيران بامتلاك برنامج نووي لأغراض سلمية وبحقها في التخصيب الذي لطالما رفضته واشنطن دعت طهران إلى إقناع العالم بان برنامجها النووي سلمي تماما وسيبقى كذلك.
الى ذلك سربت مصادر اوروبية معلومات عن لقاءات على مستوى عال ستجري دون اعلان رسمي.

روحاني يطالب بالمرونة
من جهته، اكد الرئيس الايراني حسن روحاني انه آن الأوان لإبداء المرونة فى المباحثات النووية. وقال روحاني أن بلاده أبدت الكثير من المرونة فى المباحثات النووية، وانه حان الوقت كي يبدي الطرف الآخر المرونة اللازمة لحل القضية. وقال روحاني- في معرض رده على سؤال لمراسل وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية حول عزم القادة الذين التقى بهم على حل القضية النووية – «لم يسبق للهجة المباحثات أن كانت جادة إلى هذا الحد وهذا لا ينم سوى عن العزم والإرادة ولكن فى مثل هذا الموضوع من المهم جداً إبداء المزيد من الشجاعة واعتماد التوجه القائم على المرونة لبلوغ النتيجة المرجوة».
وأضاف «أبدينا المزيد من المرونة فى الجولات السابقة وآن آلأوان کي يبدي الطرف الآخر المرونة اللازمة لحل الموضوع». وأوضح «شعرت بعدم رضا القادة من أن المفاوضات النووية أخذت وقتاً طويلاً وکان هناك تأکيد على حلها فى أسرع وقت ممكن من حيث أن الجميع يتضرر من التأخير فى حلها، وأن الدول سواء الأوروبية وغير الأوروبية ودول المنطقة تدعو إلى حلها سريعاً.  وكانت المحادثات النووية قد تواصلت، حيث عقد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند اجتماعاً ثنائياً مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف.
وإلى جانب مناقشة سير المفاوضات النووية، قال هاموند انه أثار مع ظريف مخاوف تتعلق بسجل ايران في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك اعتقال العديد من المواطنين الذين يحملون جنسية بريطانية – إيرانية مزدوجة.
من جهة اخرى ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي التقى بالرئيس الايراني حسن روحاني في نيويورك حاول اقناع روحاني بالمشاركة في الجهود الدولية لمواجهة ما يعرف بتنظيم الدولة الاسلامية.
وخلال اللقاء الاول بين رئيس وزراء بريطاني ورئيس إيراني منذ الثورة الاسلامية عام 1979، طلب كاميرون من روحاني وقف دعمه لنظام الرئيس السوري بشار الاسد.
والمباحثات، التي انعقدت على هامش قمة الامم المتحدة، جاءت بعدما شنت الولايات المتحدة الاميركية وخمس دول عربية غارات جوية ضد التنظيم في سوريا. وقد قامت بريطانيا بتزويد القوات الكردية بأسلحة لمحاربة التنظيم، ولكنها لم تشارك في الغارات الجوية بعد.

رفض المقايضة
في سياق آخر، قالت الولايات المتحدة إنها سترفض اقتراحاً طرحه مسؤولون إيرانيون تتعاون طهران بموجبه في محاربة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» مقابل مرونة بشأن برنامجها النووي. وقال مسؤولون إيرانيون كبار، إن طهران مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة وحلفائها لوقف مقاتلي الدولة الإسلامية لكنها تريد مزيداً من المرونة بشأن برنامجها لتخصيب اليورانيوم في المقابل.
وحين طلب من المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست التعليق رد رافضاً الاقتراح الإيراني. وقال إن جهود القوى العالمية لاقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي منفصلة تماماً عن جهود الرئيس باراك أوباما لبناء تحالف ضد الدولة الإسلامية. واضاف أن الولايات المتحدة لن تكون في وضع لمبادلة جوانب من برنامج إيران النووي لتأمين التزامات للتصدي للدولة الإسلامية. وقال ايضاً إن الولايات المتحدة لن تنسق الأنشطة العسكرية للتحالف مع الإيرانيين ولن تتبادل المعلومات الاستخباراتية عن الدولة الإسلامية مع إيران.
وفي حين لا يثير الرد الأميركي الدهشة فإنه يشير إلى أن البيت الأبيض يشعر بالحاجة إلى ابلاغ إيران علناً أن واشنطن تريد إبقاء القضايا الأخرى بعيداً عن المحادثات النووية. وتبرز تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن ربط المفاوضات النووية بمحاربة الدولة الإسلامية مدى الصعوبة التي تواجهها القوى الغربية لفصل المفاوضات النووية عن القضايا الأخرى. في السياق عينه، اعلن مفاوض ايراني كبير عن استمرار الخلافات على «مسائل جدية» بين بلاده والدول الكبرى في مجموعة 5+1 في المفاوضات الهادفة الى التوصل الى اتفاق بخصوص البرنامج النووي الايراني.

تفاؤل ايراني
وصرح المفاوض الايراني عباس عراقجي في اعقاب المحادثات بالقول، «ما زلنا متفائلين لكن الطريق تبقى طويلة».
وقالت إيران إنه على القوى العالمية ان تتخلى عن مطالبها غير المنطقية بشأن البرنامج النووي في مسعى لتضييق هوة الخلافات بين مواقف الجانبين وإنهاء نزاع مستمر منذ عشر سنوات بحلول المهلة المحددة في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر).
وأدلى نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وهو من كبار المفاوضين الإيرانيين بهذه التصريحات قبل اجتماع يعقد في فيينا مع كبار المسؤولين من الدول الأوروبية الثلاث المشاركة في محادثات القوى الست مع طهران.
ونقلت وكالة فارس الإيرانية للانباء عن عراقجي قوله «المحادثات ستتوصل إلى نتائج إذا اظهرت الاطراف الأخرى نوايا طيبة وتخلت عن بعض مطالبها غير المنطقية».
ويقول دبلوماسيون إن العقبة الرئيسية هي عدد أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم الذي سيسمح لإيران بالاحتفاظ به. وترفض ايران مطالب بخفض كبير في عدد أجهزة الطرد المركزي التي ركبتها وهي تزيد على 19 الف جهاز نصفها تقريباً في وضع التشغيل.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق