رئيسيسياسة عربية

تونس: حكومة النهضة وجهاً لوجه مع تظاهرات «اسبوع الرحيل»

مرة اخرى، تتصاعد حدة التوتر على الساحة التونسية، ولكن بصورة اشد. وضمن سياقات يعتقد انها ليست بعيدة عن نجاحات في محاولات التجذير التي تمارسها المعارضة، والتي تعطيها الاولوية في كل ممارساتها.

التطورات التي تشهدها الساحة التونسية تؤشر على قدر من التصعيد ابرزها الاعلان عن «اسبوع الرحيل»، المصطلح الذي يعني اكتمال التصور الذي وضعته المعارضة لحراكها، واتضاح الاهداف التي تسعى الى تحقيقها، وبالتالي البدء بعملية التنفيذ ضمن اطار زمني محدد.
فالمعارضة، بحسب هذا المشروع، كشفت عن كل اوراقها، وقدمت نفسها كعاملة على اسقاط نظام الحكم الذي تقوده حركة النهضة التي لم تسلم من طرفها بهذه الفرضية، وهذه الاجراءات واعلنت من جهتها عن خطة للمواجهة، وعن تحذيرات للمعارضين بانها ستواجه مشروع «اسبوع الرحيل» بكل الوسائل المتاحة.
إذاً، انه مشروع انقلابي لترحيل نظام الحكم، يقابله اصرار حكومي على الرفض. وبالتالي تصاعد جديد يضاف الى عناصر الازمة التي كانت قائمة، الامر الذي يقلل من شأن المبادرات التي تطلق من هنا وهناك، والتي يصفها البعض بانها تأتي «في الوقت الضائع».
فقد تمخّض لقاء رئيس الإتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي، برئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عن قبول الحركة للمبادرة السياسية التي أطلقها الإتحاد بغية إيجاد حلّ للأزمة القائمة في البلاد، والتي تصاعدت في اعقاب اغتيال المعارض محمد البراهمي.
التقارير تتحدث عن ان قبول حركة النهضة بمبادرة الاتحاد الذي يعتبر اكبر اتحاد عمالي أثار جدلاً واسعاً بين مختلف الفرقاء السياسيين، حيث تعددت الآراء وتباينت بين تفاؤل حذر وقبول مشروط ورفض تام إلى حدّ اعتبارها مناورة سياسية غرضها إفشال الحوار الوطني.

مبادرة اتحاد الشغل
وتتلخص مبادرة اتحاد الشغل بان يصار الى حل الحكومة الحالية والتوافق على شخصية وطنية مستقلة تكلف بتشكيل حكومة كفاءات محايدة تتكون من شخصيات مستقلة يلتزم اعضاؤها بعدم الترشح الى الانتخابات المقبلة وحل روابط حماية الثورة، وايجاد آليات لتحييد الادارة والمؤسسات التربوية والجامعية والفضاءات الثقافية ودور العبادة، والنأي بها عن كل توظيف.
وتتضمن المبادرة كذلك تشكيل هيئة عليا مهمتها مراجعة كل التعيينات في اجهزة الدولة والادارة محلياً وجهوياً ومركزياً، وعلى المستوى الديبلوماسي، تشكيل هيئة وطنية للتحقيق في الاغتيالات، وفي جرائم الارهاب، واشراك النقابات في اصلاح المنظومة الامنية.
وتتضمن المبادرة مقترحاً بانشاء لجنة خبراء وتكليفها مراجعة ما تم التوصل اليه في اخر نسخة من الدستور من اجل تخليصه من كل الثغرات والشوائب التي تنال من مدنية الدولة ونظامها الجمهوري ومن أسس الخيار الديمقراطي وتضمين مشروع الدستور جملة التوافقات الحاصلة بين مختلف الاطراف، الى جانب اعداد مشروع قانون انتخابي وتركيز الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وفي  الوقت الذي تسربت معلومات عن قبول حركة النهضة بهذه المبادرة، اثار برلمانيون تحفظاتهم على المشروع ككل. وترددت معلومات عن حراك حزبي قوامه التشكيك في مدى امكانية اسهامها في الحل. وفي هذا السياق اتهم برلمانيون من احزاب مختلفة حركة النهضة بـ «المناورة» لانها قبلت بمبادرة اتحاد الشغل. واكد حزبيون ان  قبول حركة النهضة بمبادرة اتحاد الشغل ليس سوى مناورة سياسية من أجل امتصاص ما يحدث بسبب الأزمة السياسية في البلاد، بينما اشارت احزاب اخرى الى غموض في المبادرة وانها – بالتالي – بحاجة الى توضيح. وبين هذه وتلك، اشار بعض التقارير الى ان موافقة حركة النهضة ليست نهائية، وان ادبيات الحركة وانظمتها تنص على عدم اتخاذ قرار نهائي في هذه المسالة الا بعد الحصول على مباركة مجلس الشورى.
في المقابل، حذر علي العريض رئيس الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية المعارضة من أن حكومته سوف تتصدى لكل من يتطاول على مؤسسات الدولة، وذلك غداة دعوتها الى تظاهرات عنوانها «اسبوع الرحيل»، وتسعى من بين اهدافها الى طرد مسؤولين عينتهم حركة النهضة في مناصب عليا بالقطاع العام. ونقلت وكالة الانباء الرسمية عن العريض قوله انه لا تردد ولا تراجع في التصدى لكل من يتطاول، سواء بالارهاب أو بالفوضى أو التمرد، على مؤسسات الدولة وإرباكها ومحاولة السيطرة عليها مركزياً وجهوياً.
وادلى العريض بهذه التصريحات الى الصحافيين عقب مشاركته في اجتماع أمني عقد تحت اشراف الرئيس المنصف المرزوقي وحضره وزيرا الدفاع والداخلية.

«اسبوع الرحيل»
وكانت جبهة الانقاذ الوطني المعارضة، دعت التونسيين الى تظاهرات تحت عنوان «أسبوع الرحيل». وسط تحليلات تشير الى ان حركة النهضة تواجه اسوأ ازمة سياسية منذ وصولها الى الحكم نهاية 2011.                                                                                         وتطالب المعارضة بحل المجلس التأسيسي (البرلمان) المكلف صياغة دستور جديد لتونس، وحل الحكومة وتشكيل حكومة انقاذ وطني غير متحزبة ومراجعة المئات من التعيينات في وظائف عليا تقول انها تمت على اساس الولاء الحزبي لحركة النهضة التي رفضت هذه المطالب.
الى ذلك، نبه حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية الممثلة لائتلاف احزاب علمانية معارضة، من حصول اغتيالات سياسية جديدة في صفوف الجبهة التي سبق ان اغتيل اثنان من قيادييها، أو في صفوف التيار الاسلامي.
وكشف الهمامي في مؤتمر صحافي عن معلومات تشير الى تهديدات جديدة باغتيالات، والى ما اعتبره «الاعيب شيطانية» لتنفيذ عمليات قتل بين صفوف الاسلاميين بهدف توتير الاجواء. وفي الوقت نفسه، أوضح ان هناك حملة تحريض من وزراء في الحكومة تابعين لحركة النهضة ورابطات حماية الثورة وفي المساجد ضد قيادات في الجبهة الشعبية بعدما دعت الجبهة الى حل البرلمان والحكومة التي تقودها حركة النهضة، وتشكيل حكومة غير حزبية، وطرد مسؤولين موالين  للنهضة عينوا في مناصب عليا بالقطاع العام.
وتصف المعارضة رابطات حماية الثورة التي اعتدت في اكثر من مناسبة على نقابيين وصحافيين وسياسيين معارضين لـ «النهضة» بـ «الميليشيات الاجرامية» وتقول انها تابعة لحركة النهضة لكن الحركة تنفي هذه الاتهامات باستمرار.

تونس – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق