سياسة لبنانيةلبنانيات

لبنان يواجه تداعيات الغزو الروسي لاوكرانيا بحكومة فقدت الحس بالمسؤولية وبشعب نائم

تقع في العالم احداث وتمر مروراً عابراً وعادياً في كل الدول الا في لبنان. فاي حدث ينعكس على الوضع عندنا، وتكون له تداعيات. فعلى وقع الحرب الروسية على اوكرانيا، لاحت بوادر ازمات في لبنان بدأت نتائجها تظهر على الارض. فهناك ازمة طحين، ينفي المسؤولون وقوعها، ويؤكدون ان القمح متوفر، وان وزارة الاقتصاد تجري الاتصالات مع الدول لتأمين شراء كميات كافية من القمح، وبالتالي لا خوف من ازمة رغيف. ودعت المواطنين الى عدم التهافت على تخزين الطحين والخبز. ولا يقتصر الامر على الطحين وحده، فهناك ازمة زيوت وسكر وغيرهما. وما ان سرت الشائعات حتى اندفع المواطنون الى السوبرماركت يجمعون ما يستطيعون من هذه المواد لتخزينها في منازلهم، وهذا خلق ازمة بحد ذاته، اذ اختفت بعض هذه المواد، لا لنقص في الكميات، بل للتهافت الكبير على الشراء. وبالنسبة الى المحروقات عادت الصفوف الى المحطات. وعاد الازدحام الذي عانى منه المواطنون قبل اشهر. ورغم تطمينات المسؤولين بتوفر البنزين، استمرت الصفوف الطويلة حول المحطات، ذلك ان المواطنين لم يعودوا يثقون بالمسؤولين ووعودهم.
هذا على الصعيد المعيشي، اما سياسياً فقد تسبب قرار مجلس الوزراء بتأجيل الانتخابات البلدية بخيبة امل لدى المواطنين، وحملوا على الحكومة التي تعمل على حرمانهم من حقوقهم. فهم يريدون ان يختاروا ممثليهم بانفسهم، خصوصاً وان هناك 84 بلدية منحلة و27 بلدية مستحدثة، وهذه البلديات يديرها اما القائمقام واما المحافظ. والكل يعلم ان انشغالات هؤلاء والمهمات الملقاة على عاتقهم، تمنعهم من الاهتمام كما يجب بالشؤون البلدية، رغم ان لهذه الاخيرة الدور الكبير في انماء المناطق والتعاطي المباشر مع حاجات الشعب. وتخوف المواطنون من ان يكون تأجيل الانتخابات البلدية مقدمة لتأجيل الانتخابات النيابية، وهذا في حال حصوله سيخلق حرباً سياسية، انعكاساتها ستكون سيئة جداً، فضلاً عن ان المجتمع الدولي يعلق امالاً كبيرة على هذه الانتخابات لاحداث التغيير المنشود. فاذا لم تجر الانتخابات، فان العالم سينصرف كلياً عن الاهتمام بلبنان ويعتبره دولة فاشلة، لا امل في اصلاحها.
هذا ولن نتحدث عن ردة الفعل الشعبية لانها معطلة بالكامل. فلم تشهد المجتمعات شعباً كالشعب اللبناني، تخلى عن حقوقه واستسلم كلياً للمنظومة السياسية، دون ان يحرك ساكناً. حتى وصل بها الامر الى افقاره وتجويعه، وهو ساكت صامت لا يقوم باي حركة. وشعوب العالم كله تبدي استغرابها من موقف الشعب اللبناني وتخاذله، الامر الذي شجع المنظومة على الاستمرار في ارتكاب الاخطاء ورعاية الفساد، وترك الذين نهبوا اموال الدولة بلا اي محاسبة. ففي ظل هكذا منظومة وهكذا شعب، تتحدثون بعد ذلك عن اصلاح وتغيير؟
على الصعيد الرسمي يتطلع المسؤولون الى ما ستتوصل اليه لجنتان كلفتا بمهمات من قبل مجلس الوزراء. الاولى تتعلق بدراسة مشروع الميغاسنتر وسترفع تقريرها غداً الثلاثاء الى الرئيسين عون وميقاتي. هل لا يزال الوقت الباقي لموعد الانتخابات يسمح بتطبيق الميغاسنتر؟ اربع سنوات مرت على الانتخابات الماضية ولم يفكر سياسي واحد بالميغاسنتر. واليوم على بعد اسابيع قليلة من موعد الانتخابات تدافعوا للمطالبة به. انه مشروع مفيد جداً للمواطنين يوفر عليهم التنقل في ظل هذه الازمة، ولكن الشرط الاول هو الا يكون طرح المشروع مقدمة لعرقلة الانتخابات وتطييرها. على كل حال فلننتظر الى الغد تقرير اللجنة. مع العلم ان جميع المعنيين اجمعوا على استحالة تطبيق الميغاسنتر في هذه الانتخابات نظراً لضيق الوقت.
وهناك لجنة فنية تقنية تتألف من عدد من الوزراء، رفض الرئيس نبيه بري تعيين ممثل عنه في هذه اللجنة، كما امتنع حزب الله على التسمية ايضاً لانه لا يشارك في محادثات الاميركي طرف فيها، ويقول النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة ان الحزب ما يهمه من ترسيم الحدود هو الا تؤدي اي خطوة الى تحقيق التطبيع.
هذا وسيجتمع مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا للاطلاع على عمل اللجنتين ولبحث الازمات التي تواجه اللبنانيين وغير ذلك من المواضيع.
وعلى الصعيد النيابي، تواصل اللجان عملها وفي مقدمة المشاريع امامها الموازنة العامة، التي خلت من اي بند اصلاحي بل ان الهدف منها، هو فرض الرسوم والضرائب على المواطنين، بما لا قدرة لهم على تحمله، ودون ان تفكر الحكومة ولو للحظة، ما هي الفرص التي وفرتها للمواطنين ليتمكنوا من تحصيل المال الكافي لتسديد كل هذه الاعباء القاتلة؟ لقد فقد المسؤولون مسؤولياتهم وتخلوا عنها، كما فقدوا الشعور بقدرة المواطنين المحدودة، والحكومة لو فكرت لبدأت عملها بالبحث عن الذين نهبوا مال الدولة ومحاسبتهم واسترجاع المال منهم، ولكانت وفرت على المواطنين عناء البحث عن مصادر دخل لتسديد خسائر المنظومة. غير ان هذا امر غير وارد لان السياسيين لا يحاسيون انفسهم، وقد عطلوا القضاء لمنعه من محاسبتهم، ولذلك باتوا خارج المحاسبة، فهنيئاً للشعب اللبناني بهذه الحكومة وهذه المنظومة. امنيتان امام لبنان اليوم: قبع المنظومة وايقاظ هذا الشعب المستسلم والنائم ابداً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق