رئيسيسياسة عربية

إسرائيل تتعهّد مواصلة الحرب في غزة رغم الضغوط الدولية

تعهّدت إسرائيل الأربعاء مواصلة الحرب على غزة «حتى النصر» رغم تصاعد الضغوط الدولية بما في ذلك من حليفتها واشنطن جرّاء سقوط مزيد من الضحايا المدنيين الفلسطينيين.
بدوره، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الأربعاء أن أي «ترتيبات» في قطاع غزة دون حماس أو الفصائل الأخرى عبارة عن «وهم».
دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الأربعاء يومها الثامن والستين بعدما بدأت بهجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) داخل الأراضي الإسرائيلية انطلاقاً من قطاع غزة أسفر عن سقوط 1200 قتيل معظمهم مدنيون قضى غالبيتهم في اليوم الأول، وفق السلطات الإسرائيلية، فيما احتُجز حوالي 240 رهينة.
وأتاحت هدنة استمرت أسبوعاً نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) إطلاق سراح 105 رهائن من غزة، بينهم 80 إسرائيلياً، في مقابل إطلاق إسرائيل سراح 240 أسيراً فلسطينياً. وكان المفرج عنهم من الطرفين من النساء والأطفال.
ومساء الثلاثاء، أعلن الجيش استعادة جثتي رهينتين إسرائيليين في قطاع غزة خلال عملية عسكرية. وبحسب الجيش، لا يزال 135 رهينة أحياء أو قتلى في قطاع غزة.
في الجانب الفلسطيني، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة ارتفاع حصيلة القتلى إلى أكثر من 18600 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال.
تعهّدت إسرائيل «القضاء» على حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ العام 2007 وتصنّفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل منظمة «إرهابية».
وبالإضافة إلى القصف الجوي المدمّر، يشنّ الجيش هجوماً برياً في غزة تركّز بداية في الشمال، ثم امتد إلى بقية أنحاء القطاع.
والأربعاء، تعهد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مواصلة الحرب في غزة متوجّهاً إلى لواء سلاح المدرعات الذي يقاتل في القتال بالقول «أريدكم أن تستمروا حتى آخر جندي. سنستمر حتى النهاية، حتى النصر، حتى إبادة حماس».
وتابع «أقول ذلك في ظل الألم الشديد، ولكن أيضًا في ظل الضغوط الدولية».
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي ايلي كوهين أيضاً أن حرب غزة ستتواصل «مع أو بدون الدعم الدولي».
ومساء الثلاثاء، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 153 صوتاً من أصل 193 قراراً غير ملزم يدعو إلى «وقف إطلاق نار إنساني فوري» في غزة.
ورغم التصويت، تواصل القصف الجوي والقتال البري طوال الليل في أنحاء القطاع، خصوصاً في خان يونس ورفح في الجنوب وفي مدينة غزة في الشمال، وفق ما أفاد مراسلون في وكالة فرانس برس.

«مخاوف» و«وهم»

صوّتت إسرائيل والولايات المتحدة الثلاثاء ضد القرار الذي تم تبنيه في الأمم المتحدة ولا يدين حماس.
ورغم دعمه القوي لإسرائيل، انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن حكومة نتانياهو لمعارضتها حل «الدولتين» مع الفلسطينيين، وحذّر من خسارة الدعم الدولي لحربها.
وفي خطابه، أكّد الرئيس الأميركي أنّه «ليس هناك أيّ شكّ في ضرورة القضاء على حماس».
وقال إنّ إسرائيل تحظى اليوم بدعم «أوروبا» و«معظم دول العالم» بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حماس عليها انطلاقاً من غزة.
وأضاف «لكنّهم (الإسرائيليون) بدأوا يفقدون هذا الدعم بسبب القصف العشوائي».
ولدى سؤاله عن تصريحات بايدن، قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي «راودتنا مخاوف».
وأضاف في تصريحاته للصحافيين «عبرنا عن هذه المخاوف بشأن تواصل هذه الحملة العسكرية مع الإقرار في الوقت ذاته أن حماس هي التي بدأت» الحرب.
والأربعاء، أعلن البيت الأبيض أن مستشار الأمن القومي جيك ساليفان سيزور إسرائيل الخميس والجمعة. وسيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ.
أقرّ نتانياهو بوجود «خلاف» مع بايدن بشأن الطريقة التي ينبغي أن يحُكم بها قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الراهنة.
لكن هنيّة أكد في خطاب متلفز أن «أي رهانات على ترتيبات في غزة دون حماس وفصائل المقاومة هي وهم».
وأضاف «نؤكد أننا منفتحون على نقاش أي أفكار أو مبادرات يمكن أن تفضي إلى وقف العدوان وتفتح الباب على ترتيب البيت الفلسطيني على مستوى الضفة والقطاع، وصولاً إلى المسار السياسي الذي يؤمن حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس».

«ظروف كارثية»

في الأثناء، أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الأربعاء مجموعة عقوبات جديدة على مسؤولين في حماس وأشخاص مرتبطين بها، مؤكدتين أنهما تريدان عرقلة تمويل الحركة.
وبعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب في غزة حيث نزح 85% من السكان البالغ عددهم 2،4 مليون نسمة، شبّه المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الوضع في القطاع بأنه «جحيم على الأرض».
وفي قطاع غزة الذي يخضع لحصار إسرائيلي منذ 2007 وحصار كامل منذ التاسع من تشرين الأول (أكتوبر)، أسفر قصف ليل الثلاثاء الأربعاء عن مقتل أكثر من 50 شخصاً في مدينة غزة وخان يونس ورفح، وكذلك في النصيرات ودير البلح (وسط)، بحسب وزارة الصحة.
وبعد الفرار من منازلهم في شمال القطاع ثم من ملاجئهم في خان يونس، انتقل عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع عند الحدود مع مصر والتي تحوّلت إلى مخيم ضخم للنازحين حيث نصبت مئات الخيام باستخدام أخشاب وأغطية بلاستيكية.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» إن عشرات آلاف النازحين الذين وصلوا إلى رفح «يواجهون ظروفاً كارثية في أماكن مكتظة بالسكان داخل الملاجئ وخارجها (…) كما أن غياب المراحيض يزيد من خطر انتشار الأمراض» خصوصاً عندما تسبب الأمطار فيضانات.
في الأثناء، تساقطت أمطار على مختلف أنحاء القطاع وهبطت درجات الحرارة، ما فاقم مصاعب الكثيرين من النازحين المقيمين في خيام مع نقص في الإمدادات الحيوية من الطعام ومياه الشرب والأدوية والوقود.
وقال الفلسطيني إيهاب أبو جوف (23 عاماً) «غمرت المياه كل الخيم. لا نعرف ماذا نفعل. الظروف هنا صعبة جداً».
ورغم وجود هؤلاء النازحين في المكان، يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف رفح حيث أسفر قصف منزلين عن مقتل 24 شخصاً الثلاثاء، وفق وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس.
وفي جنيف، أكد لازاريني أنّ أهالي غزة «لم يعد لديهم الوقت أو الخيارات».
وقال خلال المنتدى العالمي للاجئين «في مواجهة القصف والحرمان والأمراض، في مساحة ضيقة بشكل متزايد، يواجه (الفلسطينيون) أحلك فصل في تاريخهم منذ العام 1948، مع أنه تاريخ مؤلم».

«أين الأمن في رفح؟»

وقال توفيق أبو بريق، أحد الناجين من بين الأنقاض «هم (الجيش الإسرائيلي) بأنفسهم قالوا إن الجنوب آمن، رفح آمنة. أين الأمن في رفح؟ كل يوم هناك قصف على رفح».
وأشار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الثلاثاء إلى اقتحام القوات الاسرائيلية مستشفى كمال عدوان في غزة حيث يوجد 65 مريضاً و45 عاملاً صحياً، بعد أيام من محاصرة المؤسسة.
وأكّدت حماس أن الجيش الإسرائيلي «اعتقل مدير المستشفى واقتاده إلى جهة مجهولة». إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يؤكد ذلك لكنّه يتّهم حماس بانتظام باستخدام مستشفيات ومدارس ومساجد قواعد عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة.
وبحسب «أوتشا»، دخلت إلى قطاع غزة مئة شاحنة محملة بالمساعدات عبر معبر رفح منذ مساء الاثنين، بالإضافة إلى 120 ألف لتر من الوقود، وهي مساعدات تبقى بحسب المكتب أقل بكثير من الحاجات.
وفي إطار الحصار التي تفرضه على غزة، تتحكّم إسرائيل في دخول المساعدات الدولية إلى القطاع عبر معبر رفح. وبسبب القتال، يصعب نقل هذه المساعدات إلى ما بعد رفح.
كما أعادت الحرب إشعال الجبهة مع حزب الله اللبناني على الحدود الشمالية لإسرائيل وتسببت في اندلاع أعمال عنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967 حيث قتل في جنين سبعة فلسطينيين خلال عملية للقوات الإسرائيلية، بحسب السلطة الفلسطينية.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الأربعاء إنها «تؤيد» فرض عقوبات على «المتطرفين» من المستوطنين الإسرائيليين في الضفة، مندّدة أمام البرلمان الأوروبي بـ «تصاعد» أعمال العنف التي يمارسونها معتبرة أنها تهدد استقرار المنطقة.

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق